تراجع مؤشرات الصناعة الدوائية المحلية واستمرار ارتفاع أسعار أدوية مكلّفة رغم سياسة التخفيضات

 

آيت الطالب يشيد بارتفاع استهلاك الأدوية الجنيسة بنسبة لا تتجاوز 5 % دون تقديم وصفة لعلاج علل قطاع الصيدلة

 

اكتفى وزير الصحة والحماية الاجتماعية بالتأكيد على أن من شأن سياسة صيدلانية وطنية جديدة، تنسجم مع الرؤية الملكية وتتماشى مع «النموذج التنموي الجديد»، أن تضمن لعموم المواطنين المغاربة ولوجا عادلا للأدوية والمنتجات الصحية ذات الجودة، وكذا دعم التصنيع المحلي للأدوية في إطار الشراكات القائمة بين القطاعين العام والخاص. وشدّد آيت الطالب، خلال مداخلة له بمناسبة تقديم ومناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بلجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين أول أمس الثلاثاء، على ضرورة تشجيع الصناعة الدوائية الوطنية من أجل ضمان الاستقلال والسيادة الدوائية، وتيسير ولوج المواطنات والمواطنين إلى الدواء والعلاج، وذلك من خلال وضع الثقة في الكفاءات العلمية المغربية وتشجيع حلول «صنع في المغرب».
تصريح الوزير يرى الكثير من المهتمين بالشأن الصحي عامة، وبالقطاع الدوائي خاصة، أنه لم يقدم أي تصور أو برنامج تم إعداده انطلاقا من مقاربة تشاركية مع المعنيين بالقطاع، للنهوض به وتطويره وإيجاد حلول للعديد من الأعطاب الذي تعتريه، لا سيّما أن أبواب الحوار مع هذا القطاع الحيوي المسؤول عن الأمن الدوائي في بلادنا لا تزال موصدة وذلك منذ مدة ليست بالهيّنة، باستثناء لقاء تم تنظيمه وأشرف عليه الكاتب العام بالنيابة مع الفيدرالية الوطنية للصحة التي تضم ممثلين لمكونات صحية متعددة، مشددين في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن آيت الطالب اكتفى بسرد معطيات رقمية محدودة الأثر من جهة، ووقف عند متمنيات ينتظر الجميع السبل العملية لأجرأتها وكيفية تنزيلها.
وأوضح آيت الطالب خلال نفس اللقاء، أن قطاع صناعة الأدوية بالمغرب سجل إنجازات مهمة، مكّنت من تغطية أكثر من 70 % من حاجيات السوق المحلية من الأدوية بفضل الصناعة المغربية وتشجيع التصنيع المحلي لأدوية الأمراض المزمنة والمكلفة، مع تحسن نسبة استعمال الأدوية الجنيسة إلى 40% حاليا. نسبة تظل حسب مختصين جد ضعيفة، إذ لم يتجاوز ارتفاعها 5 في المئة، حيث سبق لتقرير أعدّته اللجنة الاستطلاعية حول عمل مديرية الأدوية وتمت مناقشته في لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أن كشف أن حصة السوق من الأدوية الجنيسة لا تزال متواضعة جدا وتتحدد في 35٪ مقارنة بالدول المتقدمة، التي تتجاوز فيها هذه الحصة 70٪ كألمانيا والولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية، فضلا عن استمرار الحصة المتعلقة بتغطية استهلاك الأدوية في المغرب من قبل التصنيع المحلي في الانخفاض، مما يساهم بشكل كبير في عجز الميزان التجاري لبلدنا.
وكان ذات التقرير، قد أوضح أن قطاع الأدوية بالمغرب يعد قطاعا اقتصاديا حيويا لا يقل أهمية عن باقي الأنشطة الاقتصادية ذات الأولوية، مبينا على أنه رغم مرور أكثر من 7 عقود على إحداث أولى الوحدات الصناعية المتخصصة في الأدوية والوصول إلى حوالي 53 وحدة صناعية إلا أنه لا يزال يعاني من العديد من الإشكاليات والصعوبات والمعيقات التي جعلته يتراجع من حيث التصنيع المحلي للأدوية وتزويد السوق الوطنية وكذا من حيث تصديرها. وأبرزت الوثيقة المنجزة أن الصناعة الدوائية المحلية انخفضت إلى 51 في المئة، خلافا لوضع سابق، وفقا لتصريحات خبراء في الصناعة الدوائية للجريدة، الذين أكدوا على أن الصناعة المحلية كانت تؤمن 80 في المئة من احتياجات السوق الدوائية الداخلية فضلا عن تصدير الدواء بنسبة 10 في المئة لدول متعددة في القارتين الإفريقية والأوروبية تحديدا، وهو ما يعتبر نكوصا لا تقدما.
وتنعكس وضعية الصناعة الدوائية بشكل مباشر على قطاع الصيدلة والصيدليات، وهو ما يسائل الوزارة اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة في زمن ورش تعميم الحماية الاجتماعية، عن موقع الصيدلاني والصيدلية في قلب المنظومة الصحية اعتبارا لدورهما ومساهمتهما في تحقيق الأمن الدوائي، وهل سيتم التعامل مع القطاع انطلاقا من قيمته الفعلية بما ينعكس ذلك إيجابا على مستوى الاختصاصات والصلاحيات، والعمل على مراجعة الترسانة التشريعية لإنصاف الصيدلاني في مغرب اليوم؟ إلى جانب أسئلة أخرى تحتاج إلى أجوية فعلية لا إلى مجرد خطابات ومتمنيات تفتقر لعناصر التنزيل، بعيدا عن كل ضبابية وتعويم تؤجل كل المشاريع، بما في ذلك مشروع الوكالة الوطنية للأدوية والمجلس الأعلى للصحة وغيرها من المشاريع التي تم اقتراحها والتي لم تجد طريقها إلى الوجود؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/11/2021