وجب انتظار أكثر من نصف قرن، لتلتفت الجهات المسؤولة الى الطريق الوطنية المصنفة رقم 13 الرابطة بين الرشيدية ومكناس، والتي تتضمن مقاطع جبلية وفجاجا ومنعرجات خطيرة بسبب تكويناتها الصخرية الجيولوجية المتنوعة، طريق تكلف المسافر من الرشيدية الى مكناس في مسافة أكثر من 350 كلم، وقتا طويلا وعناء جسديا مؤلما، سواء بالسيارات أو بالشاحنات أو بالحافلات.
مخاطر المنعرجات
طريق تتخللها منعرجات جبلية خطيرة وطويلة، منذ الانطلاق من الرشيدية والمسافر يصعد الجبال والمنعرجات المطلة على سد الحسن الداخل حتى ولوجه نفق «زعبل» الشهير، نفق كان المستعمر الفرنسي قد شقه في الجبل المجانب لوادي زيز، ليفك الطريق ويمدها نحو مدن وقرى الشمال، وبالتالي فك العزلة عن مناطق الجنوب الشرقي. بعدها تلامس فج «تيزي تلغمت» الذي يشكل نقطة سوداء للسائقين، لوعورة المنعرجات ولضيق الطريق التي تكلف السائق وقتا ليس باليسير للمرور و للتجاوز، خاصة أثناء مصادفة مرور شاحنات الوزن الثقيل، وكم من مرة توقفت حركة المرور بسبب وقوع حوادث أو فيضانات …بعدها تواجهك منعرجات (احجيرت) بجبال الأطلس المتوسط التي كثيرا ما تكسوها الثلوج شتاء ويتوقف بها المرور لأيام، ومنعرجات أخرى تتغلغل في غابة أزرو، التي رغم طبيعتها الخلابة، تشكل ممرا خطيرا خاصة في فصل الثلوج والأمطار لضيق الطريق وللمنعرجات التي تبعث الخوف والفزع في نفوس مرتديها ليلا ، لاستحالة التجاوز و السير بسرعة ملائمة نتيجة وجود المركبات ذات الوزن الثقيل التي تسير بسرعة بطيئة جدا.
طريق أريد لها أن تصنف ضمن الطرق الوطنية الناقصة التجهيز والتثنية، تحتم على الشاحنات والحافلات ومختلف أصناف المواصلات ذات الوزن الثقيل، السير صعودا وهبوطا لأوقات طويلة ومرهقة، ما يسبب التوقف وعدم التجاوز والانتظار وراء الشاحنات والحافلات …التي يعاني منها أصحاب السيارات السياحية ، الملزمون بالسير من خلفها بسرعة لا تتعدى العشرين كلم في الساعة في كثير من المقاطع، ينتظرون الى أن تتاح لهم فرصة التجاوز بسلام.
عقود من المعاناة
انتظار طويل ذاك الذي عانى منه سكان اقليم الرشيدية لتجاوز هذا الوضع، المتجلي في عدم تثنية الطريق، وعدم تأهيلها لتقليص الفوارق الترابية والمجالية… وتركها ضيقة، رغم أنها تعرف كثافة في حركة السير تتجاوز أكثر من 2000 عربة في اليوم في موسم الصيف، ما طرح تساؤلات عديدة بشأن أسباب إبقاء شريان طرقي جنوبي، يربط ما بين مدن وقرى مناطق الجنوب الشرقي بشمال المملكة، على ما كان عليه في فترة الاحتلال الفرنسي، وكأن ساكنة هذه المناطق لا تستحق توفير بنى تحتية طرقية في المستوى، تساهم في تحسين مستوى الخدمة العمومية وترفع من مستوى السلامة الطرقية، علما بأن الآباء والأجداد كانوا من السباقين في الدفاع عن وطنهم، سواء في فترة الاحتلال، وعلى وجه الخصوص عندما أقدم المستعمر على نفي الملك الراحل محمد الخامس، حيث واجه سكان تافيلالت هذه الخطوة بإضرابات ومظاهرات غاضبة ضد المحتل الغاشم، أو في فترة الاستقلال عندما تعبأ سكان اقليم الرشيدية بكل تطوعية تلبية لنداء الملك الراحل الحسن سنة 1975، ليكونوا أول فوج انطلق نحو اقاليمنا الجنوبية الصحراوية في المسيرة الخضراء المظفرة؟
إن هؤلاء السكان لم يستفيدوا بالشكل المنتظر من البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات الوقع الكبير في تحقيق الإقلاع التنموي المأمول، سواء في ما يخص شق الطرقات الكبرى، أو بناء جامعة مستقلة، أو تأسيس كليات (الطب والصيدلة) أو مستشفى جامعي على وجه الخصوص أو مدارس عليا …كل هذه الأساسيات العلمية والاجتماعية والاقتصادية ما زالت تنتظر الخروج إلى حيز الوجود، حيث يترقب السكان والطلبة و الشباب خاصة، حلول ساعة الفرج، وذلك بالتسريع في انشاء هذه المشاريع التي لا مناص منها، سواء اليوم أو غدا.