تشكل عنوانا لملامح تراث أصيل شيده الأجداد : قصبة تاوريرت.. من أجل رد الاعتبار لإرث تاريخي عريق بورزازات ومحيطها

 

لا يمكن لمن يزور إقليم ورزازات إلا أن يحط الرحال في قصبة تاوريرت، الشاهدة على عصر فيه عبق التاريخ وملامح التراث المغربي الأصيل الذي شيده الأجداد.
إنها القصبة التي تقع في وسط مدينة ورزازات، ويراها الزائرون للمدينة الذين يرغبون في التعرف على الحضارة المغربية وجزء من تاريخها العريق، الذي تشهد القصبة على بعض فصوله، باعتبارها محورا لا يمكن تجاوزه في تأريخ الفترات الزاهرة لورزازات ومحيطها.
هذا الموقع، الذي يتوسط المدينة، لم يأت اختياره اعتباطا من قبل المغاربة القدامى، بل كان مفترق طرق أساسي للقوافل التجارية التي تزور الجنوب الشرقي من أجل بيع منتجاتها وسلعها أو التنقل إلى مناطق أخرى من المغرب والبلدان المجاورة.
وتضم القصبة، التي شيدت في القرن السابع عشر، على الخصوص، العديد من المساكن والبنايات التاريخية القديمة، ضمنها قاعة للاستقبال، وساحة وبعض الأبراج والإسطبلات، والأفران والأزقة الضيقة.
بقول محمد بوصالح، مدير ترميم وتوظيف التراث المعماري بالمناطق الأطلسية وما وراءها، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، «أن قصبة تاوريرت التاريخية تعد من أهم القصبات القيادية في الجنوب الشرقي للمغرب»، مشيرا إلى أنها لعبت دورا كبيرا من الناحية التاريخية والاقتصادية منذ بنائها إلى غاية استقلال المغرب.
وشدد المتحدث « على أن هذه المعلمة التاريخية من أكبر القصبات بالمغرب على مستوى المساحة، وبنيت باعتماد تقنيات استمدت مادتها الأساسية من «التراب المدكوك» والمواد الأولية المحلية، وتعد، إلى جانب قصبة آيت بنحدو، من أهم المزارات السياحية في منطقة الجنوب الشرقي التي يحل بها السياح المغاربة والأجانب القادمون من مناطق بعيدة».
وعلى مستوى إبراز مؤهلاتها العمرانية، أوضح بوصالح «أن هناك محاولات من أجل إظهار خصوصياتها، لاسيما أنها كانت مخصصة للسكن العائلي لعائلة قيادية في مرحلة تاريخية بالمغرب»، مضيفا « أنه يمكن استغلال مؤهلاتها في عدة ميادين، خاصة في المجال السياحي أو المجالات الإدارية والثقافية».
ووفق المسؤول نفسه فإن «هذه القصبة التاريخية عرفت تدخلات كثيرة من حيث الترميم من أجل إعادة الاعتبار لها، أي أنه تم ترميم نحو 70 في المائة منها، ولاتزال نحو 30 في المائة منها والتي تشمل ما يسمى «دار القايد»، وهي النواة وقلب القصبة، لم تحظ بالترميم»، لافتا «إلى وجود تفكير لخلق مركز خاص بتراث الواحات المغربية».
وقد خضعت القصبة، في إطار برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات بإقليم ورزازات، إلى عمليات الترميم وإعادة الاعتبار من خلال اتفاقية إطار للشراكة تهم تمويل مشاريع للإدماج الاقتصادي وتقوية القدرات بهذا القصر، وذلك بهدف دعم ومواكبة إحداث مشاريع الاقتصاد الاجتماعي التي من شأنها تعزيز دينامية الإدماج السوسيو- اقتصادي للفئات المستهدفة من ساكنة قصر تاوريرت بإقليم ورزازات. وتروم الاتفاقية ، أيضا، والتي تهم وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة (برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات بالمغرب) والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية مراكش، وعمالة إقليم ورزازات، والمجلس الإقليمي لورزازات، والجماعة الترابية لورزازات، «إدماج هذا القصر في محيطه الاقتصادي».
وتأتي هذه المبادرة في إطار تنفيذ برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات بإقليم ورزازات، «الذي يتوخى تحسين ظروف العيش الاقتصادية والاجتماعية والسكنية لفائدة الساكنة المحلية، وخلق إطار يعزز تبني الفاعلين المحليين لنتائج عملية التثمين المستدام للسكن الطيني وللتراث الذي تشكله القصور والقصبات.ويعتمد هذا العمل منهجية تنسيق وتوحيد جهود جميع الفاعلين التنمويين ومبادراتهم وتدخلاتهم المتعلقة بتنمية القصور والقصبات، وذلك بناء على رؤية موحدة، وبمشاركة السكان المحليين ومواكبتهم من أجل تقوية قدراتهم وخلق الأنشطة المدرة للدخل لفائدتهم».
ويتوقع واضعو البرنامج «أن يتم تأهيل ستة عشر قصرا وقصبة في إطار عمليات نموذجية مع الإشراك الفعلي للفاعلين المحليين، وتقوية قدرات الفاعلين المحليين من أجل المشاركة الفعالة في التنمية المستدامة للقصور والقصبات، مع بلورة استراتيجية وبرنامج مندمج للتثمين المستدام للقصور والقصبات في أفق سنة 2025».


الكاتب : إعداد: جمال الدين بن العربي

  

بتاريخ : 03/05/2021