اصطدم سكان شفشاون أول أمس الثلاثاء، لما استيقظوا ليجدوا جدارية فنية مخربة بعد تلطيخها بصباغة حاولت محوها بقسوة وعنف شديدين، وشخصت هذه الجدارية صورة امرأة جبلية بقبعة القش مزينة بتوشيات، وبنظرة تشبه الموناليزا، كان رسمها فنان إيطالي حل بمدينة شفشاون الشهر الماضي متطوعا وبدون أي مقابل مادي.
ورسْم الجدارية الفنية بالمدنية العتيقة بحومة الزيتونة وجد ترحيبا كبيرا من طرف ساكنة الحي والسياح الوافدين على المدينة الذين صاروا يلتقطون صورا تذكارية معها وبالتالي أضافت للفضاء جمالية وجاذبية سياحية انسجم مضوعها مع فضاءات المدنية العتيقة، خصوصا أن مضوعها كما قلنا امرأة جبلية بصورة متفائلة .
إن ما تعرضت له الجدارية الفنية بشفشاون من تخريب يعتبر أمرا خطيرا جدا، ويطرح تساؤلات حول حرية الفن والإبداع .. فلماذا تشويه ومحو صورة امرأة هي في الخيال الجبلي وليس الواقعي، وهل يمكن محاربة الفن بهذه الطريقة في الفضاءات العامة لا سيما أنه يضفي عليها جاذبية جمالية وسياحية.
وقد خلف تشويه وتخريب الجدارية نقاشا واسعا في أوساط المجتمع وعبر منصات السوشيال ميديا ، وأعاد من جديد النقاش حول مدينة شفشاون العتيقة التي كانت محتضنة لتظاهرات ومعارض فنية وكمثال معرض «راس الحانوت» في بداية تسعينيات القرن الماضي شارك فيه فنانون مغاربة وأجانب بلوحاتهم في الأحياء وفي الهواء الطلق في إطار الانفتاح على الجمهور ونشر ثقافة الذوق الجمالي.
من جهته علق الفنان والأستاذ الجامعي عمر سعدون وقال «إن ما حدث في شفشاون بشأن تشويه الجدارية يضعنا أمام تساؤل جوهري حول الحدود الفاصلة بين الإبداع الفني، والحق الفردي في الفضاء الخاص. فإذا كانت صاحبة البيت قد طالبت بإزالة الجدارية فلها كل الحق في ذلك، لأن الفضاء الخاص مهما بدا عامًا للعين يظل ملكية فردية لا يجوز انتهاكها أو التصرف فيها دون موافقة صاحبها.»
أما الفنان حسن الشاعر فأوضح معلقا: «أظن أن جدران شفشاون لا تحتاج إلى جداريات تعبيرية». مضيفا أن جدرانها مصدر تعبير و إلهام لجميع أنواع التعبير و تقنياته.»
تجدر الإشارة إلى أن تخريب جدارية بشفشاون يطرح تساؤلات عديدة حول حرية الفن والإبداع، وهل الفضاءات الشفشاونية العامة يمكن أن تكون محتضنة لأعمال فنية كما هو الحال في العديد من المدن المغربية والعالمية التي سعت إلى نشر ثقافة الذوق الجمالي وجعل الفن جزءا مهما من الجاذبية السياحية والاستثمار الاقتصادي .