تصاعد المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران

 

تواصلت أمس المواجهة العسكرية غير مسبوقة بين إسرائيل وإيران التي انطلقت شرارتها يوم الجمعة 13 يونيو 2025، حيث شنت إسرائيل هجمات جوية مكثفة على مواقع عسكرية ونووية إيرانية، ردت عليها طهران بوابل من الصواريخ الباليستية استهدفت مدنا إسرائيلية، من خلف العديد من القتلى وخسائر مادية جسيمة، ناهيك عن تداعياتها الخطيرة المهددة للاستقرار في المنطقة.
وبدأت المواجهة الحالية بهجوم إسرائيلي واسع النطاق الجمعة، استهدف أكثر من 200 موقع عسكري ونووي في إيران. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن العملية تهدف إلى منع طهران من الوصول إلى «نقطة اللاعودة» في برنامجها النووي، الذي تشك إسرائيل وحلفاؤها الغربيون بأنه يهدف إلى تطوير أسلحة نووية، وهو اتهام تنفيه إيران باستمرار. واستهدفت الضربات منشآت رئيسية، بما في ذلك مصانع تخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو، ومصنع تحويل اليورانيوم في أصفهان، وقواعد عسكرية في تبريز وخرم آباد.
ردا على ذلك، أطلقت إيران العديد من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، حيث ضربت الدفعة الأولى في وقت متأخر من يوم 14 يونيو 2025. استهدفت هذه الهجمات، التي أطلق عليها الإعلام الإيراني اسم «عملية الوعد الصادق 3»، منشآت عسكرية إسرائيلية لكنها تسببت في خسائر مدنية وأضرار كبيرة، خاصة في تل أبيب وبات يام. وبحلول 15 يونيو 2025، أفادت السلطات الإسرائيلية بمقتل 13 شخصً، بينهم أطفال، وإصابة أكثر من 200، بينما أعلنت إيران عن مقتل 78 شخصً، معظمهم مدنيون، جراء الضربات الإسرائيلية.
وواصل سلاح الجو الإسرائيلي حملته بلا هوادة، حيث شاركت أكثر من 70 طائرة مقاتلة في ضربات على طهران ومدن إيرانية أخرى. وأعلن الجيش الإسرائيلي تحقيق «حرية الحركة» في الأجواء الإيرانية، مع تحييد أنظمة الدفاع الجوي وعشرات منصات إطلاق الصواريخ.
كما أفادت إسرائيل بمقتل أكثر من 20 قائدًا عسكريًا إيرانيا كبيرا، بما في ذلك محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وحسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإسلامي، وأمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية للحرس. كما قُتل ضابطان آخران في هيئة الأركان، هما غلام رضا مهرابي ومهدي رباني.
و تسببت الضربات على مستودعات الوقود في منطقة شهران بطهران ومستودع آخر في جنوب المدينة في اندلاع حرائق، مما أدى إلى تعطيل إمدادات الوقود. كما تسبب هجوم بطائرة مسيرة على حقل بارس الجنوبي للغاز، المشترك مع قطر، في انفجار وحريق.
وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من أن طهران «ستحترق» إذا واصلت إيران هجماتها الصاروخية، بينما تعهد نتانياهو باستهداف «كل موقع وكل هدف يتبع النظام». أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات باللغتين الفارسية والعربية، داعيًا الإيرانيين إلى إخلاء منشآت الأسلحة حفاظًا على سلامتهم.
وتميز رد إيران بإطلاق العديد من الصواريخ على المدن الإسرائيلية، مع تأثيرات كبيرة في تل أبيب وبات يام وطمرة في الجليل الأعلى. وأدى ضرب صاروخي مباشر على مبنى في بات يام إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 180 آخرين، مع فقدان سبعة أشخاص يُرجح أنهم تحت الأنقاض.
واتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إسرائيل بمحاولة «توسيع نطاق الحرب» من خلال استهداف مصفاة حقل بارس الجنوبي للغاز، وهو أصل اقتصادي حيوي. وتعهد الرئيس مسعود بزشكيان برد «أقوى» إذا استمرت الضربات الإسرائيلية، مؤطرًا تصرفات إيران على أنها دفاع مشروع عن النفس. كما ادعت طهران وجود أدلة على دعم عسكري أمريكي لإسرائيل، وهو اتهام نفته واشنطن.
الضربات الإسرائيلية وجهت ضربة للبنية التحتية النووية الإيرانية، لكن الخبراء يحذرون من أن الضرر ليس مدمرا. وأشار علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية إلى أن إسرائيل قادرة على تعطيل البرنامج لكنها تفتقر إلى القنابل الثقيلة اللازمة لتدمير مواقع محصنة مثل نطنز وفوردو دون مساعدة أمريكية. كما أكدت كيلسي دافنبورت من جمعية السيطرة على الأسلحة أن المعرفة النووية التي اكتسبتها إيران لا يمكن محوها، رغم مقتل تسعة علماء نوويين.
من جهتها، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن القسم الرئيسي فوق الأرض في منشأة نطنز قد دُمر، مما قد يعطل آلاف أجهزة الطرد المركزي إذا نفدت طاقة البطاريات الاحتياطية. ولحقت أضرار محدودة بفوردو، ولم تُسجل زيادات في الإشعاع. ومع ذلك، أثارت الضربات مخاوف بشأن قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم سرا إلى مستويات تصلح لصنع الأسلحة (90%)، حيث حذرت دافنبورت من أن طهران يمكن أن تنتج ما يكفي من المواد لصنع قنابل متعددة في غضون أسابيع إذا اختارت ذلك دون أن يُلاحظ.
وتتزايد التكاليف البشرية للمواجهة. ففي إسرائيل، حيث تسببت الضربات الصاروخية في مقتل 13 شخصا، مع دمار كبير في بات يام، حيث يواصل رجال الإنقاذ البحث عن ناجين تحت الأنقاض. وفي إيران، أدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل 78 شخصا، معظمهم مدنيون، وإصابة أكثر من 320 آخرين. واستهدفت الضربات مباني سكنية، وأدى نقص الوقود في طهران إلى طوابير طويلة أمام محطات الوقود.
من جهة أخرى، أدى التصعيد إلى تعطيل الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ، وتم إلغاء جولة مقررة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، بوساطة عمان، يوم أمس الأحد. وفي هذا الإطار، اتهم المسؤولون الإيرانيون، إسرائيل بتقويض المفاوضات، بينما أعلنت طهران أنها لن تتفاوض تحت الضغط العسكري. ومع ذلك، عبرت الولايات المتحدة عن أملها في استئناف المحادثات، حيث قال مسؤول مجهول الهوية: «ما زلنا نأمل في إجراء المحادثات».


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 16/06/2025