تصريحات رسمية تنفي واقعة نقل دم ملوث بفيروس «السيدا» ومطالب واسعة بوقف التراشق والكشف عن الحقيقة كاملة

بعد تأكيد عزيز غالي إصابة مريضتين بالعدوى و «اتهامه» الوزارة بـ «التستّر» عن الموضوع

 

أثار تصريح عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حول نقل دماء تحتوي على فيروس داء فقدان المناعة «السيدا» إلى مريضتين سنة 2019، واحدة كانت تعالج بمصالح مستشفى 20 غشت والثانية بإحدى المصحات الخاصة بالدارالبيضاء، موجة قلق واسعة، جعلت الكثيرين يتوجّسون من الإقدام على خطوة التبرع بالدم في حدّ ذاتها، التي كانوا ينظرون دائما إلى الكيفية التي تتم بها نظرة شكّ رغم التطمينات الرسمية، في حين عبّر غيرهم في مجالس خاصة وعامة عن تخوفهم من إمكانية منح المرضى المصابين في حوادث مختلفة، أو النساء الحوامل أثناء الوضع، أو غيرهم من المرضى دماء تحتوي على أنواع مختلفة من الفيروسات، قد تتوزع ما بين «الإيدز» والتهاب الكبد الفيروسي وغيرهما من الفيروسات الخطيرة على الصحة، متسائلين عن مدى توفر ضمانات المراقبة الصارمة لعملية أخذ الدم وتحليله ثم توزيعه على من هم في حاجة إليه، والتي تتجاوز ما هو تكنولوجي إلى ما هو بشري؟
وتابع جمهور عريض من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات غالي التي أرعبت الكثيرين، والتي لم تقف عند حدود الحديث عن واقعة وتفاصيل الوقوف على وجود 3 أكياس ملوثة مقابل اختفاء كيسين والعثور على كيس واحد فقط، إذ ازداد حجم القلق بشكل أكبر بعد أن أكّد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن الوزارة الوصية، التي كان عليها أن تفتح تحقيقا في الموضوع للوصول إلى المريضتين والعمل على علاجهما من أجل تطويق دائرة الإصابة بالفيروس وعدم السماح بانتشار واسع للعدوى، دعت من خلال الوزير خالد آيت الطالب إلى طيّ الملف، وفقا لتقرير أوضح غالي بأن الجمعية تتوفر عليه والذي سلّمت نسخة منه للنيابة العامة حين وضعت شكايتها للمطالبة بفتح تحقيق في النازلة.
وكانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد اختارت الردّ على الواقعة التي كشفت عنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من خلال تصريح لمسؤول بديوان الوزير بأسلوب يطرح أكثر من علامة استفهام، مركّزا بالأساس على تبرئة «ذمة» وزير الصحة على أساس أنه خلال تاريخ هذا المشكل لم يكن قد عيّن بعد. من جهتها عبّرت مديرة المركز الجهوي لتحاقن الدم بجهة الدارالبيضاء سطات على الموضوع في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» عن رفضها لما وصفته بـ «الاتهامات الباطلة» التي رافقت التصريحات التي تم الإدلاء بها، مشددة على أن خطأ من هذا القبيل «لا يمكن أن يقع في ظل الاشتغال بمعدات تقنية وتكنولوجية حديثة وجد متطورة تعتمد على الرقمنة وتضبط كل المسارات التي يقطعها الدم من التبرع إلى التوزيع»، مختتمة تصريحها بالتأكيد على أن ما يقع هو «ضرب في سمعة الوطن»، واصفة إياها بـ «الفتنة» المرفوضة.
وأكد عدد من المتتبعين للشأن الصحي في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن الموضوع الذي تم تداوله إعلاميا وتم تناقله على مواقع التواصل الاجتماعي ليس بالأمر الهيّن والذي تم وصفه بـ «الفضيحة»، حيث تناقلت مضامينه صفحات كثيرة وسلّط عليه الضوء، بتعاليق مختلفة ومن زوايا متعددة، عدد من «المؤثرين»، بل أن البعض جعل منه ورقة للإساءة إلى كل الجهود التي تبذل ولتبخيس ما تحقق، مطالبين بضرورة فتح تحقيق قضائي للوقوف على صحته أو لنفيه بشكل يعيد بث الطمأنينة في نفوس المواطنين، ويرتّب الجزاءات في حال ما إذا تأكد الخلل البشري، القانونية والإدارية والسياسية على حدّ سواء. واعتبر عدد من مهنيي الصحة أن نقاشا من هذا القبيل لا يجب أن يكون مصدر إزعاج، معتبرين بأنه صحي، ومن المهم جدا الوصول فيه إلى الحقيقة الكاملة على غرار كل النقاشات الأخرى ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تكون في المجتمعات الديمقراطية، مشددين في نفس الوقت على أنه لا يجب وبأي شكل من الأشكال أن يؤدي إلى زرع الشكّ، حتى في حال تأكد وجود خلل ما قد يكون استثنائيا ويتعلق بحالة فريدة ومعزولة، لأن عملية التبرع بالدم يجب أن تتواصل ويجب الحث والتشجيع عليها، لأنه في غياب الدم ستنتهي حياة الكثيرين الذين تتوقف حياتهم على المتبرعين بهذه المادية الحيوية غير القابلة للتصنيع.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/07/2023