اتّهمت منظمة «مراسلون بلا حدود» السلطاتِ الجزائرية َ بكونِها تفعل كلَ شيء من أجل «كتم» صوتِ وسائلِ الإعلام في ممارسة عملها لتغطية المظاهراتِ الاحتجاجية الكبيرة الرافضةِ لترشح الرئيس المنتهيةِ ولايته عبد العزيز بوتفليقة لولايةٍ خامسة. وفي ظل ثورة وسط الجسم الإعلامي المحروم من حق التنظيم النقابي، نظم الصحفيون الجزائريون أمس الخميس، وقفة احتجاجية في ساحة الحرية بشارع حسيبة بن بوعلى للمطالبة بحرية التعبير والإعلام ورفض التعتيم على مجريات الحراك الشعبي في وسائل الإعلام العمومية والتعبير عن رفضهم للعهدة الخامسة. وتدخلت قوات الأمن وفرضت طوقا أمنيا على ساحة الحرية ومنعت الصحفيين من تنظيم مسيرة باستخدام العنف وتوقيف البعض منهم واحتجازهم. التجمع انضم إليه جميع الصحفيين العاملين في مختلف وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي لإسماع صوتهم على غرار مختلف فئات المجتمع والتعبير عن رفضهم للعهدة الخامسة للرئيس المنتهية ولايته ومساندتهم للحراك الشعبي. وفي سياق متصل أعلنت شخصيات وطنية مساندتها للحراك الشعبي المناهض لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، كالرائد لخضر بورقعة مجاهد، نائب قائد الولاية الرابعة التاريخية وأحمد بن بيتور رئيس حكومة سابق.
وحيا الموقعون ما وصفوها بـ»الانتفاضة الشعبية السلمية التي شهدتها أغلبية المدن بعموم الوطن يوم الجمعة 22 فبراير 2019 منادية بوقف نهج الاستخفاف وإهانة الشعب الجزائري ورجاله عبر التاريخ من خلال مسعى الترشيح لعبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي».
وفي تطور آخر مثير يزيد عزلة النظام الذي يضع يده على قلبه، أعلن أعضاء في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني والمكتب السياسي براءتهم من الوضعية الحالية للحزب ومن تصريحات ومواقف منسق الهيئة القيادية، معاذ بوشارب، بوهران، ضد المظاهرات المعارضة للعهدة الخامسة، واشتكوا من تعرض الحزب لعملية إفراغ من كادره البشري ودعوا للانتفاضة على الوضع. وجاء في بيان ضم توقيعات كوادر في الحزب، منهم ضباط سابقون في جيش التحرير شغلوا مناصب قيادية في الحزب، دعوة للتحرك من أجل تغيير الأوضاع في الحزب. وأكد هؤلاء في وثيقتهم «أن ساعة النضال دقت لنهب جميعا من أجل تحرير جبهة التحرير» ممن أسموهم «مغتصبيها الفاسدين». وأضاف البيان أن «تحالف المناضلين يجب أن يكون مع الشعب فلا ينساقوا وراء التعصب والاستفزاز، لأن جبهة التحرير الوطني كانت وستبقى دائما الضمير الحي للشعب الجزائري ومصدر وجودها ولسان حال مختلف شرائح الشعب».
ونظم محامو ولاية تيزي وزو وبعض المناطق المجاورة لها، أمس، مسيرة رفضا للعهدة الخامسة استجابة لنداء مجموعة من أهل المهنة بالولاية. ورفع المشاركون شعارات مناهضة لترشح الرئيس لعهدة رئاسية خامسة، وطالبوا أيضا بضرورة احترام الدستور وحذروا من قمع المسيرات السلمية التي تلهب الشارع.
ويستمر الوزير الأول الجزائري في دفن رأسه في الرمال واستعمال لغة الترهيب حيث قال صباح أمس أمام ممثلي البرلمان، مستشهدا بسوريا التي قال عنها « إن المسيرات بدأت بالورد وانتهت بالدم». وقاطع نواب المعارضة أويحيى مؤكدين أن المسيرات سلمية وداعية إلى التغيير ورافضة للعهدة الخامسة ولا خوف منها قبل أن يهموا بمغادرة القاعة. وقالت لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال في حوار صحفي إن «الرئيس بوتفليقة لم يكن راغبا في الترشح لكنه تعرض للضغوط من أطراف حذرته بأن رحيله سيوّلد الفوضى». وأكدت حنون بأن رسالة المحتجين « واضحة ضد من يريدون ترشيحه لغاية إبقاء النظام والاستمرار بذلك في افتراس المال العام عبر تضخيم الفواتير والتهرب الجبائي وعدم التصريح بالعمال وغيرها من ممارسات المافيا التي كنا دائما نندد بها». وأوضحت بأنها متأكدة من معلوماتها بخصوص فرض ترشيح بوتفليقة مشددة على أن المصالح المرتبطة بترشيح الرئيس ضخمة ولن يتنازلوا عنها بسهولة، إلا إذا كان الوطنيون في هذا المحيط الدائر بالرئيس أقوى ممن يريدون مواصلة الافتراس والهيمنة على المؤسسات بالتزوير.