تفريخ أحياء سكنية بدون مرافق اجتماعية يؤزم العلاقات بين الجيران ويجعل الشارع متنفسا للكثيرين

من بين نتائجه تواجد أطفال في الشارع إلى ساعات متأخرة من الليل

 

 

في غياب فضاءات ومتنفسات طبيعية بجوار التجمعات السكانية، أصبح العديد من المواطنين يعيشون تحت ضغط تهور واندفاع عدد من «البالغين»، وضجيج الأطفال وشغبهم لأوقات متأخرة من الليل، مما يشكل مشكلا حقيقيا للساكنة وللمرضى وللمستخدمين والعمال الذين لا يجدون الراحة في منازلهم بسبب ما سبق ذكره.
وبعيدا عن الإشكالات التي يتسبب فيها الكبار، فإن ظاهرة احتلال الأطفال بدورهم للأزقة ليلا لها انعكاساتها السلبية اجتماعيا، بحكم أن هذه الفئة التي تضم صغارا لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة، يصبح الفضاء العمومي محتضنا لهم ولسلوكاتهم في غياب أولياء أمورهم، مما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول غياب المراقبة التربوية ما يشكل خطرا عليهم بسبب ما يمكن أن يتعرضوا له من مشاكل لا تحمد عقباها، خصوصا وأن الأطفال المحرومين من فضاءات اللعب يحولون الطرقات المجاورة لإقاماتهم إلى ملاعب لكرة القدم وألعاب أخرى، وهذا يجعلهم معرضين لكل ما من شأنه أن يحيل براءتهم الطفولية إلى جحيم تتلظى به أسرهم بسبب الإهمال التربوي والتمادي في منح الأطفال الحرية الكاملة لفعل ما يشاؤون بالشارع، من سلوكات تنعكس سلبا على حياتهم ومستقبلهم، في غياب التوجيه والمراقبة والتتبع.
وتختلف مراتب المسؤوليات من جهة إلى أخرى في هذا الإطار التي تنطلق من الأسر مرورا بالمؤسسات التعليمية ومكونات المجتمع المدني، ومدبري الشأن العام، مما يتطلب الاهتمام بالظاهرة ورصدها ومحاصرة نتائجها السلبية على مستقبل أطفال سيصبحون هم رجال الغد، فالتأطير التربوي يلعب دورا مفصليا لتجنيب الأطفال مخاطر ما يتربص ببراءة طفولتهم ويغتال حاضرهم ومستقبلهم، بالإضافة كذلك إلى ضرورة توفير فضاءات التأطير بدور الشباب والأندية وفضاءات الترفيه الملائمة التي تنمي روح المواطنة والمسؤولية لدى الناشئة منذ الصغر.
أملنا أن تهتم الأسر بمعية كل المتدخلين بهذه الظاهرة التي أصبحت تتنامى بسبب عدة عوامل اجتماعية واقتصادية وتعدد مظاهر الضغوطات الحياتية، ونوعية وهندسة السكن الحالي، الذي أصبح يرخي بظلاله على نوعية وجودة حياة الأسر التي تعتبر بالفعل أن سكنها الحالي لايوفر الهدوء اللازم بحكم التصميم المجالي والهندسي للتجمعات السكانية المفتقرة في أغلبها للظروف الحياتية الملائمة للعيش، بسبب النهش العقاري الذي أفضى الى ضيق مساحات الشقق مع تعدد أفراد الأسر، ومشاكل الجوار السكني، وما يترتب عنه من مشاكل وقضايا تصل إلى ردهات المحاكم أحيانا، وأحيانا أخرى تتحول إلى جرائم بفعل التشنجات والعلاقات غير السليمة المتسمة بالعنف اللغوي، بسبب قسوة العيش فيما يسمى «بقبر الحياة» الذي أقبر كل الشروط المرسية لحياة هادئة ومطمئنة عيشا وسلوكا وجودة.


الكاتب :   جبوري حسن

  

بتاريخ : 30/06/2025