النظام الأساسي الجديد.. أية آفاق لإصلاح الجامعة المغربية؟
تعرف الجامعة المغربية اليوم مرحلة جديدة تشهد مجموعة من التحولات والتحديات التي تهدف بدورها إلى تسريع تحول منظومة التعليم العالي بناء على تصور النموذج التنموي الجديد عبر اتخاذ إجراءات عملية تروم من بين ما ترومه انخراط الأساتذة والطلبة معا في هذا التحول تجويدا للجامعة وتحصينا لدورها الريادي في إعداد أجيال المستقبل باعتبارها مشتلا خصبا لنخب الغد في كل المجالات. فكل هذا لن يتأتى دون خوض كل التحديات الراهنة التي يواجهها التعليم العالي الجامعي بالمغرب من تطوير أساليب ومناهج وآليات التدريس بالجامعة المغربية.
وبعد أن قطع النقاش حول مشروع الإصلاح أشواطا كبيرة أفضت إلى الاتفاق بين كل من وزارة المالية ووزارة التعليم العالي والابتكار والنقابة الوطنية للتعليم العالي، بحيث توجت مراسيم النظام الأساسي لهيئات الأساتذة الباحثين بمؤسسات التعليم العالي بالنشر في الجريدة الرسمية عدد 7220 الصادر بتاريخ 10 غشت المنصرم.
وللإحاطة أكثر بكل مستجدات النظام الأساسي الجديد حاورنا في جريدة الاتحاد الاشتراكي الأستاذ جمال الدين الصباني الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي حول مجموعة من النقط الأساسية التي يمكن إجمالها فيما يلي:
1. مستجدات النظام الأساسي:
يرى د. جمال الدين الصباني بأن النظام الأساسي الجديد الذي تمت المصادقة عليه والذي تم نشره في الجريدة الرسمية هو ثمرة الحوار الذي دام زهاء عشر سنوات بين كل من النقابة الوطنية للتعليم العالي من جهة، وبين الحكومات المتعاقبة من جهة أخرى، وأن الهدف من تغيير هذا النظام الأساسي كان في البداية تصحيح أو تجويد بعض المقتضيات المتعلقة بالنظام السابق 1997، والتي كانت تتسم بعدة سلبيات خاصة بعد المصادقة على نظام 97، إذ تعالت الأصوات داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي بحيث طرحنا تغيير النظام الأساسي وبالتالي بدل أن تسلك الحكومات المتعاقبة ورش الإصلاح اكتفت فقط بمراجعة التعويضات سنة 2003.
بدأت النقابة الوطنية للتعليم العالي الحوار بحسب د. الصباني، حول النظام الأساسي مباشرة بعد محطة مؤتمر النقابة لسنة 2013، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة بين النقابة وبين الوزارات الوصية والتي خاضت حوارا دام عشر سنوات والذي عرف ما يمكن تسميته بالبلوكاج حيث كان هناك تلكؤ من سنة 2013 إلى سنة 2019، لكن سرعان ما تجاوزنا لحظة التوقف الاضطراري وبلغنا بعض النتائج إلا وباغثتا بعد ذلك الوباء اللعين، لكن في نهاية المطاف استطعنا التوصل إلى وثيقة مشتركة متفق عليها بين كل مكونات اللجنة المشتركة.
ويجمل رئيس النقابة الوطنية للتعليم العالي د. الصباني مجموعة من النقط التي تم حلها خاصة فيما يتعلق بالتوظيف في التعليم العالي بحسب نظام 97 الذي كان يفترض الحصول على شهادة الدكتوراه، في حين كان يمكن أن يكون التوظيف في الجامعات بعد الحصول على شهادة الإجازة بسنة أو سنتين والاشتغال أستاذ مساعد منخرط في الأشغال التطبيقية ما يجعل الأستاذ يخضع للتكوين والتدريب والعمل معا بمعنى أنه أصبح لدينا مدخل وحيد هو الحصول على شهادة الدكتوراه كشرط لولوج سلك التدريس بالجامعة.
كذلك الحال بالنسبة لمباراة المرور من أستاذ مؤهل إلى أستاذ التعليم العالي، بحيث كان من المستحيل الترقي دون التباري على ذلك، بالإضافة إلى أن نظام 97 قلص المدة الزمنية التي يمر منها الأستاذ من الدرجة أ إلى الدرجة ب /ج فأستاذ التعليم العالي PES. ما انعكس لا محالة بشكل سلبي على الإنتاج الجامعي العلمي المغربي.
النظام الأساسي الجديد بحسب د. الصباني سن مجموعة من المقتضيات فيما يخص تجربة 10 سنوات بالجامعة بعد الدكتوراه والتي ستؤهل للأستاذية بالتعليم العالي، كما تم إضافة درجة د بالنسبة لأستاذ التعليم العالي، بمعنى أن المسار قد أصبح أطول وأكبر مما كان عليه في السابق، كما تم استحداث درجة استثنائية مرخصة للباحثين المتميزين ما سيمكنهم من بلوغ وضعية إدارية استثنائية ستحفز لا محالة الأساتذة للاجتهاد والاشتغال المضاعفين. وأيضا تم حذف مباراة المرور من أستاذ مؤهل إلى أستاذ التعليم العالي.
2. نظام الترقية الجديد ومدى استجابته لتطلعات الأساتذة ونضالات النقابة:
يشير د. الصباني الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي بأن نظام الترقية القديم كان يشترط 6 سنوات في الدرجة أي أن ٪20 من سيستفيدون من الترقية، ومن هم فوق 7 سنوات في الدرجة كذلك ٪20 فقط منهم من لهم الحق في الترقية، معنى ذلك أن 1 من أصل 5، أو 2 من أصل 10 ما كان يطرح إشكالية حقيقية خاصة في المؤسسات التعليمية الجامعية الصغرى التي كان يتواجد فيها أساتذة من نفس الدرجة ونفس الإطار وهم قلة قليلة داخلها.
لكن الآن مع سن النظام الأساسي الجديد أصبحت النسبة حوالي ٪40 من الحصيص بالنسبة لست سنوات فما فوق، أي 1 من أصل 3 و2 من أصل 5. هذا الإجراء مكن بحسب د. الصباني الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي من تجاوز ما أسماه الحيف الذي لحق الأساتذة الباحثين العاملين بالمؤسسات الجامعية الصغرى، وما ساهم في رفع الحصيص المعتمد سابقا، بحيث يمكن القول أن نظام الترقية قد أصبح أكثر وضوحا وإنصافا خاصة بالنسبة للأساتذة الذين يشتغلون بالمؤسسات الجامعية الصغرى.
3. الزيادة المقترحة بالنظام الأساسي:
أكد د. الصباني الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي بأنه كانت عدة جولات ما بين الوزارة الوصية ووزارة المالية، إذ كان هناك فرق واضح بين مقترحات كل من الوزارتين، لكن حينما تشكلت اللجنة الثلاثية التي كانت تضم كلا من النقابة الوطنية للتعليم العالي ووزارتي المالية والتعليم العالي أي اللجنة الحكومية حينما بلغت الشق المالي تم خوض أشواط كبيرة في المفاوضات بخصوص الزيادة الخام وليس الصافي لحوالي 19 ألف أستاذ لكن ما لا يدرك كله لا يدرك جله بتعبير د. الصباني.
4. ملاحظات النقابة الوطنية للتعليم العالي حول النظام الأساسي الجديد:
يعود د. الصباني إلى الطريقة التي تم الأشغال بها نهاية سنة 2013، داخل اللجنة المشتركة بين المكتب الوطني للنقابة وبين الوزارة الوصية بحيث ابتدأ النقاش حول المبادئ العامة، ما جعل هذه الأخيرة تطالب النقابة بوضع مسودة خاصة تجمع كل تصوراتها لآليات إصلاح النظام الأساسي ومراجعته، وكذلك كان سنة 2014 حيث تم تقديم المسودة الأولى للوزارة الوصية والتي تشتمل وجهة نظر النقابة الوطنية للتعليم العالي وتصورها لمشروع الإصلاح في شموليته، هذا وقد استمر الحوار بين النقابة والوزارة رغم أنه كان هناك تلكؤ من طرف هذه الأخيرة تم فيه تبديد الزمن وتضييع الوقت. لكن تم الاتفاق في الأخير على الصيغة النهائية للنظام الأساسي الأخير بعد تشكيل اللجنة الحكومية والتي ترأسها كل من السيد رئيس الحكومة ووزير المالية ووزير التعليم العالي والمكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي وحول الهدف الأكاديمي أساسا من تغيير النظام الأساسي ومن بعد ما هو مرتبط بالشق القانوني وما هو مرتبط بالوظيفة العمومية والميزانية حيث تم في نهاية المطاف الاتفاق حول مشروع النظام الأساسي الجديد لكن النقابة كانت تطمع ولازالت لأكثر من ذلك خاصة فيما يتعلق بتعويضات الأساتذة الباحثين. وتحسين شروط العمل داخل الجامعة المغربية ما سيرفع من قيمتها وسيجود لا محالة من أداءها.