وفر عمل الشرطة الإدارية التي أحدثت في سنة 2016 بالعاصمة الاقتصادية، معطيات في غاية الأهمية وأرضية قوية للدفع بالجماعة الترابية لتحصيل مداخيلها المالية، لكن هذه الوثائق والمعطيات مازالت مركونة في الرفوف لم تحرك درة إحساس لدى القائمين على الشأن المحلي ، من بين الإحصاءات التي قامت بها، تلك المتعلقة باللوحات الإشهارية المنتشرة في شوارع المدينة وأبنيتها وعماراتها حيث وقفت على رقم 1997 لوحة إشهارية، سوق اللوحات الإشهارية تعتمده الخزينة الجماعية في مداخيلها المالية ،وهو يدر عليها بعض الموال لكن كما يعرف الجميع فسوق الإشهار رهين بالحالة الاقتصادية، فهو تارة في فتور وتارة أخرى يكون في أوج رواجه ، بذلك لم يتمكن مجلس مدينة الدارالبيضاء إلى حدود من وضع أرضية تعاقدية صلبة تراعي شروط الرواج في هذا المجال وفي نفس الوقت تحصن به جزءا من مداخيلها المالية ، لكن القطاع الذي لم يسبق أن سمعنا أي تداول بشأنه داخل دواليب الجماعة هو ذاك المتعلق بالأعمدة اللاقطة للشبكات الهاتفية المتواجدة بتراب الجماعة ، كم تدر هذه العمدة على الجماعة؟ لا أحد يعلم رغم اننا بصدد شركات عملاقة وطنيا مداخيلها المالية تعد بالثواني، أي اموال غير متوقفة مع كل حركة تنفسية، فالجرد الذي دونته مصالح الشرطة الإدارية يفيد بأن سطوح عمارات الدارالبيضاء، ترفع ما يزيد عن 1354 عمودا كيف هي وثيقة التعاقد حولها بين الشركات والمجلس هنا لا يعلم أحد شيئا لسبب بسيط فلم يسبق ان صدرت وثيقة بهذا الشأن، عاصمة المال والأعمال غارقة في سيل جارف من الديون منها 300 مليار من البنك الدولي وحده، و150 مليار من أحد الأبناك الإسبانية أضف إلى ذلك حجم القروض المسجلة عليها لدى صندوق التجهيز الجماعي والتي بلغت الخطوط الحمراء، وإذا علمنا بان خزينة الجماعة صرفت أكثر من مليار سنتيم من أجل إحداث الشرطة الإدارية بما يتطلب ذلك من توفير العنصر البشري وصرف تعويضات له، مع توفير اللباس الخاص ووسائل الاشتغال والسيارات والوقود واللوجستيك والهواتف وما إلى ذلك، فغننا في المقابل قد أهدرنا أموالا بدون طائل، مادام قد مرت سبع سنوات على خلق هذا الجهاز الذي وفر معطيات مهمة لم نحرك منها حرفا واحدا ، حتى نعيد للخزينة توازنها على الأقل، حتى بإطلالة على برنامج عمل الجماعة، نجد ان صفحاته مليئة بأحلام ومتمنيات ولم تتعاطى البتة مع محصلة ما جاء في تقارير الشرطة الإدارية ، كان تقول بان مشروعا ما سيمول مما تم تحديده من مداخيل مالية جديدة جاءت في تقارير الشرطة الإدارية، بل تجد ان مجمل المشاريع هي عبارة عن اتفاقيات مع القطاع العام أو مجلس الجهة، مع تحديد نسبة 10 في المئة كتمويل من جانب الجماعة دون ان تقول مصدر تلك العشرة في المئة.
اوراق الشرطة الإدارية ذهبت إلى أبعد من ذلك وحددت مواقع مداخيل مالية أخرى لا تكترث لها الجماعة ، فقد قامت الأخيرة بزيارات ميدانية شملت كافة تراب جماعة الدارالبيضاء، وجمعت المعطيات المتعلقة بالمحلات التجارية والمهنية والخدماتية، وهي المهمة التي تدخل في إطار تحيين قاعدة البيانات المعلوماتية الخاصة بهذه المحلات، التي تعد مصدرا للمداخيل المالية للجماعة، وبالفعل جمعت كل المعطيات التي يمكن استغلالها في عدة مناحي وليس فقط للمداخيل المالية ، كالمراقبة والإحصاء والتنظيم الحرفي والمهني والموارد الجبائية وما إلى ذلك..، هكذا أمدتنا التقارير بمعطيات تفيد بان هناك 82636 محلا، منها 77605 محل بالترخيص، منها 57737 محلا لم تدل بالترخيص، هل أصحابها لم يدلوا بتلك التراخيص لأنها فقط غير موجودة في رفوف محلاتهم، أم هي محلات مفتوحة بدون تراخيص؟ وهنا وجب التوقف ماذا فعلت الجماعة بعد أن توصلت بهذه المعطيات، ميدانيا لاشيء، لماذا؟ لاأحد يدري لماذا، رغم أن التقارير تركت التوصية، التي قد تساعد في التغلب على هذا المشكل، حيث أكدت على ضرورة تظافر جهود كل المتدخلين بهدف تسوية وضعية أصحاب المحلات غير المرخصة، لأن من شأن تنظيم هذه المهن سيؤدي بنا إلى تفادي الأضرار الناتجة عن الاستغلال العشوائي لها وتاثيراتها على الساكنة، وهو ما سيساعد لا محالة على تنمية الموارد الجبائية للجماعة، خاصة من المحلات التي تستغل الملك العام الجماعي .. الجماعة لم تفعل هذه التوصية بل هي منخرطة في امور غير طويلة الأمد وكأن كل منتخب يقول «مالي ومال صداع الراس عندي ع ست سنين ونزيد»، الكل يبحث عن المشاريع والأنشطة ذات المد القصير، بطبيعة الحال الهدف معروف وهو معاودة الرجوع إلى جحر الجماعة، هناك من رؤساء الجماعات من لم تعجبه هذه التقارير لانها تفرض عليه المواجهة مع المخالفين وهو ما يعني في مخيلته فقدان أصوات.. وتلك هي الطامة الكبرى.