جنازة رجل حي

 

هل أنتم مثلي مرهقون؟
تائهون في سديم الأزقة المرهقة الخوالي
حالمون بالعبور خلسة
في المدن القصية الليالي؟
ينام الناس فتسهرون،
تتساءلون: ما بال الوسادات
لا تليق بغفواتنا المتلعثمة،
وكل الوسادات متشابهة اللعنة؟
ما بال الدثار يهرب عن جسدي،
والناس تلتصق بها الأغطية وتهذي؟
ما بال النوافذ عند الناس سخية
تراقص نساء كل الفصول
وتلوح للزمن بيد باردة
ونافذتي دمعة على جدار غرفتي اليتيمة؟
وخيالي جسر انهيار.
هل أنتم مثلي،
تحلمون بمحطة قطار
وحقيبة وفوضى قرار
ومدينة لا تعرفك إلا فنادقها العتقية
ومقاهي ترغمك على التسكع بلا هوية؟
هل أنتم مثلي تشعرون بالجنون؟
يرقص المهرجون فتختفون،
يختفي الليل فيبيت الظلام في دفاتركم،
ينهك الصبر فيرتع الوجع في جفونكم؟
هل أنتم مثلي متعبو النهايات؟
يأكل الناس في المواعيد المتوالية،
وأنتم لا تجوعون حتى يخبروكم،
يظمأ الناس فيشربون عطشى،
وأنتم لا تظمؤون حتى تجف الفراغات،
هل تمرضون كباقي الناس فتشتكون؟
أم أنتم مثلي تتألمون فتختفون،
ترحلون غير معنيين بالسنين،
ولا بخيام العزاء والمعزين ؟
هل أنتم مثلي تشعرون بالغثيان،
والغضب والضياع والخذلان،
وأن العالم انتهى منذ سنوات،
وأن ما تبقى منه دورة تدريبية
على أقسى درجات الصبر في الجمر
قبل فتح بوابة الجحيم؟
هل أنتم مثلي لم تعودوا معنيين
بعد الأيام والشهور والسنين،
تعيشون كما تعيشون:
مواعيد رتيبة وخرجات حزينة،
لا تنامون إلا وجوبًا،
لا تطعمون إلا لزومًا،
لا تخرجون إلا خنوعًا؟
هل نحن مختلفون…؟
من مثلي…
فأنا بقية حقيقة ضائعة
عن صخب حياة مدبرة،
أنا بقية حياة منتهية التغريدة،
أنا ظل مواعيد قديمة التسريحة،
كان لها مع غجر الطريق ألف حكاية!
فمن يقرأ لنا الطالع؟ طالعي..
يرَ غربة المراكب المنسية
في مراسي القرى القصية،
وأنا كبحار شاخ عظمه والشراع
لم يعد قادرا على الرقص مع الرياح،
مشتاق للنوارس والمنارات الجريحة!
فهل أنتم مثلي
تشعرون بالغثيان،
بالغضب من بقية عمر بلا شغف؟


الكاتب : خالد أخازي

  

بتاريخ : 22/02/2025