جنازة مهيبة للراحل حسن عسيلة

ووري،أول أمس الأحد،جثمان المرحوم حسن عسيلة اللاعب السابق للمنتخب الوطني ولشباب المحمدية،بمقبرة المحمدية،حيث حضرت أعداد كبيرة من المواطنين ومن فعاليات رياضية،سياسية، وإعلامية،وزملاء الراحل ومعارفه،حيث أجمع الجميع على تشارك الألم في فقدان هرم من أهرام كرة القدم المغربية.
وحضر فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مراسيم تشييع جثمان حسن عسيلة،وقدم باسم الجامعة تعازيه لعائلة الفقيد،وخص بتعازيه الدولي السابق أحمد فرس رفيق درب حسن عسيلة. وشوهد لقجع وهو يقبل رأس أحمد فرس ويهمس في أذنيه، حيث قالت مصادر قريبة من عميد المنتخب الوطني المغربي أن رئيس الجامعة أكد له أن لاعبي المنتخب الوطني السابقين وفي مقدمتهم أحمد فرس،يستحقون كل التقدير وهم يمثلون رموزا مضيئة في تاريخ الكرة المغربية.
وتوفي اللاعب السابق للمنتخب الوطني ولشباب المحمدية حسن أمشراط الملقب ب «عسيلة»، ، مساء السبت ، عن عمر يناهز 76 سنة،وذلك بعد وعكة صحية أصابته منذ حوالي شهر.
في سلسلة عن مساره نشرها الزميل مولاي الحسن باجدي بجريدة « الاتحاد الاشتراكي» سنة 2006، تحت عنوان : « أوراق من مسار حياة لاعب المنتخب الوطني وشباب المحمدية الدولي السابق اعسيلة أمشراط حسن»،
قال عسيلة على لسانه:
« أنا مزداد بمدينة المحمدية سنة 1947 وسط عائلة متوسطة الحال، توفيت والدتي وأنا طفل صغير وتركتنا أربعة إخوة أشقاء أنا أصغرهم، ولذلك عشت يتيم الأم وتربيت وعشت طفولتي مع خالتي، بعدما تزوج والدي امرأة أخرى وأنجب منها سبعة إخوة، وبذلك أصبحنا 11 إبنا•• تابعت دراستي حتى السنة الخامسة ابتدائي، وقد أخذني من المدرسة ولعي وحبي لكرة القدم• وبدلا من الذهاب الى القسم، فضلت مداعبة الكرة صحبة أصدقائي ..
كنت مجنونا بحب لعب الكرة، ولم أكن أبالي بأهمية الدراسة وكنت أحلم بأن أكون لاعبا كبيرا من أمثال اللاعبين الكبار الذين كنا نسمع بهم في ذلك الوقت في غياب وسائل الإعلام المختلفة الموجودة حاليا•• طفولتي كانت كلها لعب ولهو مع أقراني بملاعب الأحياء وشاطىء المدينة، وكنا نذهب الى الملعب يوم الأحد لمتابعة شباب المحمدية وهو يواجه فرق وطنية قوية بلاعبين كبار كانوا النموذج لنا لتقليدهم والتعلم من تقنياتهم وقوتهم الكروية ..
بالنسبة للقب اعسيلة، فقد كان المسؤول عنا في فريق الحي واسمه الزوين، عندما رأى الطريقة التي ألعب بها قال لي أمام زملائي لعبك بحال اعسيلة ديال الوداد ومنذ ذلك الحين أصبح هذا اللقب ملتصقا بي وأنا أعتز به كثيرا لأنه منحني قوة إضافية•
أنا أب لأربعة أبناء، ليلى، حكيمة، سي محمد، سمير، حكيمة وليلى متزوجتان، وتعيش الأولى بالنمسا والثانية بالمملكة العربية السعودية، سي محمد هو أيضا متزوج من نمساوية لأنه يعيش هناك، بينما سمير يعيش بإيطاليا• سي محمد يلعب كرة القدم بفريق نمساوي من الدرجة الثانية•
كانت انطلاقتي بفريق الهلال الأحمر الذي كنا قد أسسناه وينشط في بطولة فرق الأحياء ومنه استمر حتى انضمامي لفريق شباب المحمدية، النادي الذي أحبه كثيرا •
في مساري الكروي،تدربت مع العديد من المدربين، وكل واحد منهم لابد أنه يضيف لك شيئا كنت أفتقده، وأذكر من بينهم، القدميري، الرفالي، عبد الله السطاتي، يراتشيك••• الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن المدرب الذي تأثرت به وترك بصمات واضحة على مسيرتي الكروية وحتى على حياتي الخاصة هو بدون منازع الحاج عبد القادر الخميري رحمه الله•• ففي ذلك الوقت يعج فريق الشباب بعدد كبير من اللاعبين الموهوبين واستطاع باعبد القادر أن يصنع منهم فريقا كبيرا منسجما•• رغم أنه في تلك الفترة من حياة كرة القدم الوطنية كانت الفرديات طاغية على أسلوب اللعب، فإن باعبد القادر علمنا كيف نلعب بشكل جماعي، حيث كانت قوة الفريق تكمن في هجومه القوي، فإذا سجل علينا الخصم هدفين فإننا نتمكن من تسجيل ثلاثة أو أربعة أهداف• سنوات السبعينيات كانت بامتياز سنوات الحصاد الوفير، فزنا خلالها بعدة ألقاب، وكانت الحصيلة كما يلي: كأس دوري البكاي بمدينة وجدة، وقد كانت لهذا الدوري قيمة كبيرة، نظرا لقوة المولوديةالوجدية• في موسم 73/72 فزنا بكأس المغرب العربي عندما فزنا على فريق تونسي يلعب له الحارس المعروف عتوكة، وقد تأهلنا لنلعب هذه الكأس بعدما تأهلنا لنهاية كأس العرش موسم 72/71 صحبة فريق جمعية الجمارك ADM الذي حل محل الراك لبضعة سنوات قبل أن يسترجع فريق الراك مكانه•
نهاية كأس العرش لموسم 72/71 لم تجر بسبب الاحداث التي وقعت ومحاولة الانقلاب الفاشلة•• وفي سنة 1975 فزنا بكأس العرش بعدما انتصرنا على فريق اتحاد سيدي قاسم القوي في ذلك الوقت بهدفين لهدف واحد، سجل هدفي الشباب شان وفرس وفزنا أيضا بكأس الصحراء حيث انتصرنا على المولوديةالوجدية• وكان ذلك أول تظاهرة رياضية تقام في الصحراء المغربية بعد المسيرة الخضراء واسترجاع هذا الجزء من التراب الوطني العزيز على المغاربة.
في موسم 79/78 لعبنا أحسن نهاية كأس العرش شهدها المغرب ضد الوداد البيضاوي بالمركب الرياضي محمد الخامس أمام أكثر من 70 ألف متفرج، وانهزمنا في هذه المقابلة القوية بهدفين لهدف واحد، هدف الشباب سجله فرس، وقد تزامن يوم المباراة مع معركة أمكالا التي انتصر فيها المغرب وأسر فيه الجيش الملكي عددا من الجنود الجزائريين
في موسم 80/79 فزنا بالبطولة متقدمين على الوداد بنقطتين واتحاد المحمدية ثالثا.
خلال هذه الفترة الذهبية مع فريق الشباب، لم أتمكن من الفوز بهداف البطولة إلا مرتين، آخرها اقتصرت المنافسة بيني وبين أحمد فرس، فزت بعدها بهداف البطولة 21 هدفا وفرس 20 هدفا، وقد تفوقت عليه بهدف سجلته من ركلة جزاء، وكان ذلك في موسم 77/76 وقد كانت البطولة الوطنية تعج باللاعبين الهدافين، من أمثال البوساتي، الأشهب -الوداد، الكزار، حمان وغيرهم كثير.
عاشرت وأنا لاعب شباب المحمدية أكثر من ثلاثة أجيال، لعبت مع مواليد الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وحتى من ولدوا أواخر الثلاثينيات، ويمكن ذكر أسماء من هذه الأجيال بالتتابع: كلاوة محمد، بن علي، بوشعيب كامبولو، بطابوط، ولد عائشة، لقلش، ولد الجيار، كوسكوس، الرعد I، كويدري، ميلود، حراث، اللبان، طراقة، الرعد، ريكاردو، نفارو••• ثم الرعد الطاهر، الرعد بوكني، إدريس حدادي، أفقير فرس، ابراهيم، بشير، عبد اللطيف حدادي، احميدة، عميرات، شان، بابوش، مشيش، شيتا، قعيش، كلاوة الصغير، سميح، محفوظ، عبد الرحمان ،قاري، بوشعيب، الزياتي••• ثم عبد الإله ، الفاطمي، ادريس ميكيل، عبد الله ، اعسيلة الصغير، بوكجدي، محماد، الناصري، الأزرق، ولد مو، بين ، عبد القادر، بلاوي، خمليشي، الطويل•••
أحمد فرس لعب مع الشباب على الأقل سنتين قبل التحاقي به• وما أستطيع قوله في هذا المجال، ان أحمد فرس استطاع أن يفرض نفسه كلاعب رسمي، ومما لاشك فيه أنه بدوره لم يحصل على ذلك بسهولة نظرا لصعوبة الاندماج مع الجيل القديم• هذا الأمر فتح أمامه مجالا للتألق مما أدى إلى المناداة عليه للمنتخب الوطني• وقد كان ذلك أواخر الستينيات .
كنا رباعيا هجوميا متفاهما جدا ومرات كثيرة نشكل خماسيا، فهناك فرس، اعسيلة، حدادي، بتي بشير يضاف إلينا كويدري الذي كان منسجما معنا إلى أقصى الحدود وكان جناحا أيمن ممتازا، وبعد التقاعد المبكر لكويدري بسبب الأعطاب جاء شان وادريس ميكل كجناحين قويين انسجما معنا بسرعة كبيرة•
أتذكر أنه صادفني مرة مشكل مع سي محمد آيت منا رحمه الله، وذلك عندما رفض تسريحي للاحتراف بإسبانيا، وكان ذلك ذات يوم بعدما أتى عندي وسيط وأنا على شاطئ المدينة بمبعوثين من فريق بيتس الإسباني Betis للتحدث معي حول إمكانيات الاحتراف بفريقهم•• ولما وجدني الوسيط صحبة مجموعة من أصدقائه قال للإسبانيين هذا هو اعسيلة الذي تسألون عنه، وفور ذلك سألني أحدهم، ماذا تفعل غير لعب كرة القدم••؟ وهل لديك رغبة في الاحتراف بفريقنا Betis؟ وقلت لهم أنني مستعد للذهاب معهم بشرط موافقة رئيس الفريق، وأرسلتهم صحبة الوسيط عند آيت منا، رئيس فريق الشباب آنذاك للتحاور معه حول موضوع انتقالي لأنني شخصيا كنت لا أرى مانعا في ذلك•• ذهبوا عنده (الرئيس) وعرضوا عليه مبلغ 60 مليون س مقابل تسريحي لهم، وتعرفون جيدا مبلغ 60 مليونا في سنة 1972 كم كانت قيمته بالمقارنة حاليا وكم كانت خيبة أملي كبيرة عندما أخبرت برفض سي آيت منا تسريحي حيث أنه لم يقبل حتى مبدأ الحديث عن الموضوع• وبعد مرور 20 يوما رجع مبعوثو فريق Betis وعرضوا هذه المرة على رئيس الشباب مبلغ 120 مليون س•• مقابل تسريح هذه المرة فرس واعسيلة للاحتراف مع فريقهم، ومرة أخرى يرفض الرئيس العرض وبشكل قاطع•
رحلتي مع المنتخب الوطني بدأت في أواخر سنة 1970 نودي علي من طرف الناخب الوطني لتجربتي الاولى مع المنتخب الوطني الاول، في مباراة ودية إعدادية مع الفريق البرازيلي بوتافوكو، وقد جرت المباراة بالملعب الشرفي بمدينة الدار البيضاء، المركب الرياضي محمد الخامس حاليا، وخلال هذه المباراة ظهرت بوجه غير مقنع وكان أدائي دون المستوى المطلوب، وأيضا حصل خلاف بيني وبين المدرب الوطني، وأعتقد أنه بارينكا أو كليزو، لم أعد أذكر•• ومرت مدة لم أستدع خلالها لصفوف المنتخب الوطني••• وفي الحقيقة نسيت سبب المشكل الذي وقع لي مع المدرب الوطني وكيف حصل .
وفي سنة 1972 ، استدعيت من جديد، وكانت أول مباراة رسمية مع المنتخب الغيني القوي جدا بلاعبيه المرموقين أمثال بتي سوري وشريف سليمان، وغيرهما ، المباراة جرت بالعاصمة الغينية كوناكري أمام جمهور كبير لم يهدأ طيلة أطوال المباراة من تشجيع منتخبه الوطني وكانت دهشتي كبيرة لأنني أول مرة أعيش مثل هذه الأجواء الافريقية الحماسية، وخلال الشوط الاول من المباراة كنا منهزمين بهدف لصفر، في الشوط الثاني ضاعفنا من المجهود وتمكنت من توقيع هدف التعادل في الدقائق الأخيرة من المباراة، وكان هذا الأول لي مع المنتخب الوطني.


بتاريخ : 25/07/2023