جِــرارُ الــمـَـوْتـــى


1 ـ ديـــكُ الــرَّمــادِ

في متجرٍ للزجاجياتِ
بإحدى المدن في ألمانيا،
وقفتُ.
ظهري إلى
هواءِ أُغُسْطَس اللاّفحِ،
ووجهي إلى
مَلاَك الموت،
حيث بادلته الغناءَ طويلاً على
مزمار الكينونة الحافية،
وأنا أشير ـ باكياً ـ إلى
جرار رماد الموتى
المُمَوَّهَة بالسّيراميك اللامع،
وتُوَيْجات الأَكاسْيا الذهبية.
الموتى
القادمون، بعد قليلٍ،
أو
غداً، إلـيها
حيث تُوضعُ ـ خاشعةً باردةً ـ
فوق رَفٍّ مُحترمٍ،
أوْ
تُودَعُ لدى موجٍ
يَهْوي صامتا وهادراً
في مَرْمى قَدَرهِ.

2 ـ صيحةُ الديكِ بعد رَمْيةِ نَرْدٍ

ها قدْ عدتُ ثانيةً
إلى سارْبوكَنْ بألمانيا،
ووقفتُ، بعد تَطْوافٍ لذيذٍ،
في منعرج المسافة،
عند ناصية الدرب الرماديّ البليلِ،
مُتَثائباً أُحَمْلق في الفراغ
ساعةَ الغروب.
كانت الواجهة الزجاجية مكسورةً،
وأوعية رماد الأرز المقدس المنذورة
لذكرى الموتى،
تضحك في وجهي،
بينما،
كنتُ، بإبرةِ الريح المُتَناوِحة،
أَخيطُ كَفَني المُنَشّى ..
وأُرَتّقُ فَتْقاً تَبَدَّى في
محيط رَمْسي حتى
لا تتسللَ عبرهُ
ريحانةُ الماضي،
ولا صفصافةُ الضحكِ المُجَزَّعِ،
وصيحةِ الديكِ الملثَّمِ الثالثةِ.
ـــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
إنه الألَمُ..
الألم الكبيرُ المُزْهِرُ الذي
يغوص عميقا في القلب،
مثلما تغوص مُدْيَةٌ في
فَخِذِ الهواءِ،
أوْ
شَباتُ محراثٍ في
وَتين السماءِ.

( ساربوكنْ ـ ألمانيا )


الكاتب : محمد بودويك

  

بتاريخ : 28/10/2022