حركته تحمل فكر الإخوان المسلمين وتحيي اتفاقات التطبيع : حزب إسلامي صغير قد يحدد شكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة

وكالات

 

في تحول دراماتيكي أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية الأربعاء حصول القائمة العربية الموحدة المنشقة عن القائمة المشتركة للأحزاب والأطر العربية في إسرائيل بقيادة منصور عباس على خمسة مقاعد، ما يعزز فرصه للعب دور “صانع الملوك”.
وكانت القائمة المشتركة التي أظهرت استطلاعات الرأي حصولها على ما بين ثمانية وتسعة مقاعد، أعلنت الشهر الماضي خوضها انتخابات الكنيست الإسرائيلي دون الحركة الإسلامية الجنوبية بعد انشقاق الأخيرة.
وترفض القائمة المشتركة التعامل مع نتانياهو، في حين بات عباس يتبنى نهجا جديدا قريبا من رئيس الوزراء. وقد امتنع عن التصويت لحل البرلمان في ديسمبر، في خطوة فسرت على أنها إشارة دعم لنتانياهو.
وقال عباس لوسائل إعلام إسرائيلية الأربعاء إن حزبه ليس ملتزما “بأي كتلة وأي مرشح”.
و”الحركة الإسلامية الجنوبية” سياسية دينية تحمل فكر الإخوان المسلمين. كانت جزءا من الحركة الإسلامية العامة في إسرائيل التي تأسست عام 1971. لكنها انشقت عن الحركة التي يتزعمها رائد صلاح بعد توقيع اتفاق اوسلو عام 1993. وتمحور الخلاف حول المشاركة في انتخابات الكنيست التي تقاطعها الحركة الإسلامية الشمالية بقيادة صلاح. ورغم احتفاظها بعقيدة محافظة واعتبارها أن الإسلام هو الحل، تدعو الحركة الجنوبية الى الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.
وقال منصور عباس في وقت سابق إن حركته تريد من الأحزاب العربية أن تحدد “مع أي من رؤساء الأحزاب اليهودية الأخرى هي مستعدة أن تتعامل كبديل لنتانياهو من أجل تحصيل مطالب المجتمع العربي وحل مشكلاته”.
وخلال الانتخابات السابقة، حصلت القائمة المشتركة للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية منذ 1949 على 15 مقعدا. بينما لن يتعد ى عدد مقاعدها في الكنيست القادم ثمانية او تسعة، بحسب النتائج الأولية.
وحيا منصور عباس خلال الأشهر الأخيرة اتفاقات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مبديا استعداده للعب دور الوسيط في هذا المجال.
ومن أسباب التوتر بين عباس والقائمة العربية المشتركة، إشادة عباس خلال ترؤسه اللجنة الخاصة للقضاء على الجريمة في المجتمع العربي، بمجهود رجال الشرطة الإسرائيليين، ما أغضب أعضاء الكنيست في القائمة المشتركة.
وكان زعيم القائمة الموحدة ربط تراجعه عن موقفه بالانشقاق عن القائمة المشتركة، بتقديمها ضمانات بعدم التصويت على قوانين تخالف عقيدة المجتمع العربي المحافظ وعلى رأسها “قانون دعم الشذوذ”، على حد قوله، في إشارة الى مشروع قانون تم التصويت عليه في الكنيست في 2019، يحظ ر إجراء “عمليات تحويل” للقاصرين الذين تظهر لديهم ميول جنسية مثلية. يومها، صو ت ثلاثة أعضاء من القائمة المشتركة لصالح مشروع القانون، فيما عارضه نواب الحركة الإسلامية.
ويقدر عدد عرب إسرائيل بمليون و400 ألف نسمة يتحدرون من 160 ألف فلسطيني ظلوا في أراضيهم بعد قيام دولة اسرائيل عام 1948. ويشكلون 17,5 في المئة من السكان ويشكون من التمييز ضدهم خصوصا في مجالي الوظائف والإسكان.
وأظهرت النتائج الرسمية الأولية التي نشرت صباح الأربعاء تصدر رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو وحزبه اليميني “الليكود” وحصوله على أكبر عدد من الأصوات، ما يزيد فرصه في تشكيل ائتلاف يتمتع بالغالبية في الكنيست.
وحل حزب “يش عتيد” (هناك مستقبل) الوسطي بزعامة لابيد في المركز الثاني.
وتشير تحليلات أجرتها هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان)، بعد فرز حوالى 90 في المئة من الأصوات إلى أن الأحزاب الموالية لرئيس الوزراء ستحجز 52 مقعدا في البرلمان في مقابل 56 للمعارضة التي يسعى رؤساؤها إلى الإطاحة بحكم نتانياهو الطويل.
وفي مثل هذا الإطار المتقارب، يمكن للحركة الإسلامية أن تلعب دورا مهما في ترجيح الكفة لهذا الجانب أو ذاك.
ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال أن “لا خطوط حمراء عند منصور عباس في الساحة الإسرائيلية”.
وبحسب جمال، فإن عباس سيحاول “مغازلة جميع الأطراف”، مضيفا أن “اللعبة تتطلب البراغماتية وإتقان لعبة الأرقام”.
وعما إذا كان نتانياهو سيطلب دعم عباس لتشكيل ائتلاف حكومي، يقول المحلل السياسي لوكالة فرانس برس إن رئيس الوزراء سيقدم على ذلك “كورقة أخيرة”.
ويضيف “لكن المسؤولية الوطنية القومية (في إسرائيل) تتطلب من بعض الأحزاب الصهيونية التنازل عن مواقفها والانضمام الى حكومة نتانياهو حتى لا تعتمد على العرب أو من تطلق عليهم اسم داعمي الإرهاب”.
ومن الأحزاب الأخرى التي يمكن أن تلعب دورا في ترجيح الكفة في الكنيست لصالح نتانياهو أو ضده، حزب “يمينا” المتشدد برئاسة نفتالي بينيت الذي سيحصل على ما يبدو على ما بين سبعة الى ثمانية مقاعد، وهو يشارك نتانياهو في العقيدة، لكنه ينتقد إدارته للبلاد.

نتائج غير حاسمة
واستمرار الأزمة

انتهت الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الرابعة في غضون عامين بنتائج غير حاسمة قد تؤدي إلى استمرار الأزمة السياسية التي تشهدها إسرائيل وفقا لنتائج العينات التليفزيونية. ووفقا لاستطلاعات الرأي، لا يوجد فائز واضح في نهاية الحملة الانتخابية، بينما يبدو أن حزب الليكود بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يحصل على أكبر عدد من المقاعد، إلا أن الكتلة المعارضة لنتنياهو ستحصل على نفس عدد المقاعد في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا. وبعد ساعات من صدور نتائج العينات التلفزيونية، قال نتنياهو اليوم (الأربعاء) خلال خطاب ألقاه في مدينه القدس أنه سيبذل كل جهده لتشكيل “حكومة مستقرة” خلال الأيام القريبة، محذرا من جر إسرائيل إلى انتخابات خامسة. وسيحصل نفتالي بينيت زعيم حزب يمينا والذي أطلق عليه الإعلام الإسرائيلي اسم “صانع الملوك” على ما بين سبعة إلى ثمانية مقاعد، فأنه لم يستبعد أن يجلس مع نتنياهو في ائتلاف على الرغم من أنه قام بحملة في الأسابيع الأخيرة ليحل محله. وقال بينيت بعد ساعات من صدور النتائج الأولية أنه “آن الأوان لرأب الصدع بين أبناء الشعب وجمع كلمته”، لافتا إلى أنه “ملتزم بضمان اهتمام الحكومة المستقبلية بشؤون كافة مواطني إسرائيل”. ويمكن لنتنياهو بدعم من بينيت حليفه السابق تشكيل حكومة مع حلفائه في كتلة اليمين والأحزاب الدينية. وجلس بينيت مع نتنياهو في حكومات سابقة، لكن العلاقة بينهما متوترة، حيث يتشارك بينيت ونتنياهو في بعض وجهات النظر فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي، إلا أن بينيت ينتقد طريقة تعامل نتنياهو مع أزمة كورونا، كما اتهمه بالتساهل مع بعض أعداء إسرائيل في المنطقة. وقال روني ريمون، صاحب شركة علاقات عامة في تل أبيب ومستشار استراتيجي “بينيت سيدخل الحكومة وليس لديه بديل آخر، قاعدته السياسية يمينية ولن يرغب في تولي منصب هو نفسه الذي سيمنع اليمين من حكم البلاد”.
وركز نتنياهو خلال حملته بشكل كبير على طريقة تعامله مع أزمة فيروس كورونا وإخراج إسرائيل من الأزمة الصحية، ونجاح حملة التطعيم واسعة النطاق التي أعادت إسرائيل إلى حد كبير إلى الحياة المعتادة قبل انتشار الوباء. وقال يونتان فريمان، الأستاذ في قسم الدراسات السياسية في الجامعة العبرية بالقدس “تظهر استطلاعات الرأي أن الجمهور الإسرائيلي يمنح نتنياهو الثقة مرة أخرى لتشكيل حكومة، ليس فقط بسبب تعامله مع جائحة كورونا، ولكن أيضا بسبب نجاحه في تطبيع علاقات مع الدول العربية مؤخرا”. وأضاف فريمان في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) “يبدو أنه جلب السلام فيما يتعلق بالحالة الصحية لإسرائيل، وكذلك السلام لإسرائيل مع العالم العربي والإسلامي”. وكانت إسرائيل قد وقعت العام الماضي على اتفاقيات تطبيع علاقات وسلام مع أربع دول عربية شملت المغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة والبحرين بعد عقود لم يكن فيها أي تحرك في هذا الاتجاه. وقوبلت هذه الاتفاقات بترحيب كبير من جميع أطراف الخريطة السياسية الإسرائيلية ومن الجمهور الإسرائيلي أيضا. وعلى الرغم من كل ذلك، إذا فشل نتنياهو أو أي من خصومه في تأمين أغلبية برلمانية، فأن إسرائيل ستتجه إلى انتخابات خامسة. ومع ذلك، يبدو أنه لا يوجد مرشحين ليحلوا محل رئيس الوزراء الأطول خدمة في تاريخ إسرائيل، بصرف النظر عن الأجندة المشتركة بين الأحزاب التي تريد استبدال نتنياهو، إلا أنها منقسمة للغاية وستجد صعوبة في إيجاد أيديولوجية مشتركة تربطها ببعضها البعض. وقال فريمان “نتنياهو لديه الأفضلية في تشكيل الحكومة الجديدة، والأحزاب التي تريد استبداله منقسمة للغاية، فالجمهور الإسرائيلي يراه بالفعل قادرا من حيث القيادة”. بالنسبة لخصوم نتنياهو، كانت إحدى القضايا الرئيسية التي ركزوا عليها في الانتخابات هي محاكمته بالفساد. وباتهامه بالاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة، يعتقد الكثيرون من منافسين نتنياهو أنه لا ينبغي السماح لرئيس الوزراء بالحكم أثناء محاكمته، رغم أن القانون الإسرائيلي يسمح بذلك. ويرى خصوم نتنياهو أنه خلق الأزمة السياسية الطويلة في محاولة منه لتشكيل تحالف من شأنه أن يساعده في الحصول على حصانة من المحاكمة. وإذا انضم بينيت إلى ائتلاف بقيادة نتنياهو، فأن الأخير قريب أكثر من أي وقت مضى لتشكيل حكومة يمينية ضيقة يمكن أن تدعمه لايجاد حل سياسي لمشاكله القانونية. وفي حال قام نتنياهو بتشكيل حكومة، فقد تكون واحدة من أكثر الحكومات القومية واليمينية التي أدت اليمين الدستورية في البلاد، ومع ذلك، فقد أثبت نتنياهو في الماضي أنه براغماتي وليس إيديولوجيا قويا لا سيما في مسائل الأمن القومي. وقال ريمون لوكالة أنباء ((شينخوا)) “ستكون حكومة يمينية بالإعلان، لكن من الناحية العملية، سيكون على الحكومة تقديم تنازلات لأن هذه هي الطريقة التي تعمل بها السياسية”. ووفقا للجنة الانتخابات المركزية، فأن نسبة التصويت الكلية في انتخابات الكنيستالـ 24 بلغت 67.2 في المائة بانخفاض 4.3 في المائة عن الانتخابات السابقة. وصوت أكثر من 4.4 مليون إسرائيلي من أصل 6.5 مليون ناخب لديهم حق الاقتراع خلال يوم أمس. وبحسب لجنة الانتخابات المركزية، فقد تم حتى الآن فرز 87.8 في المائة من الأصوات، وأظهرت النتائج حصول كتلة اليمين بقيادة نتنياهو على 52 مقعدا، وكتلة استبدال نتنياهو على 56 مقعدا في حين حصل حزب يمينا على سبعة مقاعد، والقائمة العربية الموحدة بقيادة منصور عباس على خمسة مقاعد. وعلى الرغم من نسبة الإقبال المنخفضة عن الانتخابات الماضية بسبب ملل الجمهور الإسرائيلي من الحملات الانتخابية المتكررة، والإرهاق من الأزمة الصحية إلا أنه بعد انتهاء فرز الأصوات بشكل كامل قد يؤدي إلى تغيير طفيف قد يرجح كفة أحد الجانبين بشكل كبير.


بتاريخ : 29/03/2021