حرمان الأم من الولاية الشرعية على أبنائها : المحامي محمد الشمسي: ينبغي الانكباب على تعديل قوانين تهين الأم وتحرمها من ممارسة أمومتها كاملة

 

يواجه أولياء أمور التلاميذ، خصوصا في السلك الثانوي، خلال فترة الامتحانات نهاية كل موسم، مشكل عدم قبول حضور الأم وعدم الأخذ بتوقيعها لإنجاز كل ما يتعلق بمعاملات ابنها القاصر لاستصدار وثائق إدارية من قبيل البطائق الوطنية أو أي وثيقة أخرى، حيث تشترط المصالح الإدارية حضور الأب لإتمام إنجاز تلك الوثائق، وهو مشكل يطرح علامات استفهام كثيرة تسائل المنظومة القانونية ببلادنا حول المنطق من وضع شرط حضور الأب للموافقة على إنجاز وثائق خاصة بطفل قاصر لديه والدين من الممكن إن كانت هناك مرونة وتطبيق لروح القانون، أن يقوم أحدهما بالمعاملة ودون وضع عراقيل في بعض الأحيان تكون تعجيزية أمام الأم خصوص إن كانت العلاقة الزوجية قد انقطعت أواصرها بالطلاق أو أي طارئ آخر.
وتساءلت أمهات وآباء ممن استقصت الجريدة آراءهم حول الموضوع عن المعنى من أن تحرم أم من حقها في الولاية على أطفالها، وأن يطلب منها حتى ولو كانت منفصلة عن الأب، أن تعامل كظل أو شبح ليس له حق التصرف والتوقيع والتدخل في تفاصيل حياة أولادها الإدارية والقانونية والمالية والدراسية، في حين يمنح هذا الحق للأب حتى وإن كان هذا الأخير محكوما عليه بإحدى العقوبات السالبة للحرية.
لقد حصر القانون الولاية على القاصر في ثلاثة أشخاص هم الأب والأم والقاضي، على التوالي. وحسب المادة 235 من مدونة الأسرة فإن النائب الشرعي يقوم بالعناية بشؤون المحجور الشخصية من توجيه ديني وتكويني وإعداد للحياة كما يقوم بكل أعمال الإدارة العادية لأموال المحجور، أما المادة 236 فتقول إن « الأب هو الولي على أولاده بحكم الشرع ما لم يجرد من ولايته بحكم قضائي وللأم أن تقوم بالمصالح المستعجلة لأولادها في حالة حصول مانع للأب «.
المحامي بهيئة الدار البيضاء محمد الشمسي قال في حوار مع الجريدة حول موضوع رفض أي تعامل مع الأم في قضاء شؤون ابنها أو ابنتها القاصر خصوصا بمصالح إنجاز بطائق التعريف الوطنية التي تشترط الحضور الشخصي للأب كي تتم معاملة قانونية بسيطة كوضع البصمات مثلا «إن قانون الولاية الشرعية أصبح بعبعا يقف حاجزا في وجه المرأة»، وتساءل «هل المرأة غير أمينة كي تكون ولية على أبنائها خصوصا في حالة الطلاق . ما زال يحكمنا في هذا الزمن الفكر الأموي والعباسي، نحن نعيش في الزمن الغلط، هل المرأة شريرة إلى درجة أنها لا تستأمن على ابنها وقطعة منها، ماذا سيقع للطفل أو ينقص منه إن أعطيت الولاية للمرأة؟ ما الفرق بين المرأة والرجل أمام المصالح المسؤولة عن استصدار الوثائق الخاصة بالابن «.
وعند سؤاله هل يحق للأب التنازل عن الولاية الشرعية لصالح الأم أجاب أن ذلك غير ممكن في القانون، ولا تنتقل إلى الأم إلا بوفاته، وهو ما يشكل علامة استفهام كبيرة : كيف لا تعطى لها في حياته وتستفيد منها بعد وفاته؟»
كما أنها تسقط، حسب ما جاء في بنود مدونة الأسرة، عن الأب وتعود للأم في حالة فقدانه للأهلية؛ أو تورطه في قضايا جنائية معينة. وفي حالة إسقاط الولاية عن الأب في الحالات السالفة الذكر فإنها تنتقل مباشرة للأم، لكن في حالة عدم أهلية الأم أو غيابها، فإن القاضي يقوم بتعيين مقدم يتكلف بمساعدة القاصر أو بالإدارة المستقلة لبعض مصالحه المالية، كما أن القانون يمنح للأب تعيين وصي على طفله القاصر.
وحسب المختصين في القانون فإن منح الزوج الولاية المطلقة على الأبناء يعتبر تمييزا بسبب الجنس تعاني منه المرأة وهو ما يتناقض مع ما تنص عليه مدونة الأسرة من كون تسيير ورعاية شؤون البيت مسؤولية مشتركة للزوجين.
فالأم ممنوعة من فتح حسابات بنكية للأبناء بدون حضور الأب، كما أنها محرومة من تنقيل الابن من المدرسة أو الحصول على الوثائق الإدارية أو استخراج جواز سفر له أو حصوله على التأشيرة دون حضور الأب..
وبالنسبة للمحامي بهيئة الدار البيضاء محمد الشمسي فهذا الحيف الذي يعانيه نصف المجتمع ليس له أي أساس ديني، إذ ليست هناك أي آية صريحة تمنع المرأة من الولاية على أولادها، وتساءل: ماذا سيخسر الطفل إذا صار له وليين شرعيين هما الأب والأم، فأيهما حضر يقوم وليا شرعيا؟ وتابع أن المرأة المغربية لا تزال في زنزانة الولاية الشرعية، تتعذب في فترة الوحم والحمل وتلد بصعوبة وترضع وتربي وتسهر الليالي لكنها ممنوعة قانونا من أن تكون ولية أمر ابنها أو ابنتها .
وختم بالقول إن «هذه الأسئلة تحرجنا جميعا، وتظهر أننا لا نحترم أمهاتنا ولا نحترم أنفسنا كمجتمع مغال في ذكوريته حد التطرف، ويلزمنا الانكباب الفوري على تعديل جميع القوانين التي تهين الأم وتظلمها وتحرمها من ممارسة أمومتها على أبنائها أمومة كاملة».


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 30/05/2023