حنان رحاب عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي

نخاف على السلم الاجتماعي في حال استمر العمل الحكومي على هذا النهج

 

قالت حنان رحاب « إن مسؤولية عضوية المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو انتخاب أولا وأخيرا، ما دامت شرعية المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي منبثقة عن تصويت للمجلس الوطني على اللائحة التي يقدمها الأخ الكاتب الأول للحزب، والمجلس الوطني والكاتب الأول بدورهما منتخبان من طرف المؤتمر الوطني للحزب، الذي هو أعلى هيئة تقريرية، وأعتقد أن وجود مناضلة أو مناضل في المكتب السياسي أو الأمانة العامة لحزب ما لولايات متعددة هو أمر عاد في الممارسة الحزبية سواء في المغرب أو في التجارب الحزبية المتقدمة، لأنه ليس سوى تعبير عن حاجة الأحزاب إلى الاستمرارية كما تحتاج إلى التجديد، وبهذه المناسبة أجدد شكري للثقة التي حظيت بها سواء من طرف أخواتي وإخواني بالمجلس الوطني، أو من طرف الأخ الكاتب الأول للحزب، آملة أن أساهم من موقعي في مشروع إعادة الاتحاد الاشتراكي لاحتلال المكانة التي يستحقها في المشهد السياسي، والجميع في الحزب يعرف أنني دائما تحت تصرف الحزب، ومن أي موقع كان، وسبق أن ساهمت بقوة في الحملة الانتخابية الأخيرة رغم أني لم أكن مرشحة بعد مسيرة برلمانية أعتقد أني كنت حاضرة فيها بقوة «.
وأضافت رحاب عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي في حوار مع أسبوعية « الوطن الآن» عن مهام المكتب السياسي : « إن ما يقدمه المكتب السياسي كفريق عمل متكامل، لأن دينامية أو إسهامات أي عضو لن تؤتي نتائج تكافئ التطلعات والانتظارات، إذا كانت تلك الإسهامات لا تتوافق مع روح الفريق، ولذلك فإن الهاجس الذي يحكمني بعد تجارب متعددة في تحمل المسؤوليات حزبيا ونقابيا وجمعويا هو المساهمة في المحافظة على روح العمل الجماعي التشاركي.
نتوفر على خارطة طريق أقرها المؤتمر، وعلى أطروحة واضحة طرحها الكاتب الأول عند إعلان ترشحه في المؤتمر الأخير، ونتوفر كذلك على مكتب سياسي موسع يضم كفاءات من أجيال مختلفة، أي من تجارب متكاملة، وبالتالي فنحن أمام فرصة لتقوية بناء الاتحاد الاشتراكي ليكون قادرا على مسايرة تحديات وتحولات مختلفة: ديموغرافية جيلية، رقمية، قيمية، وأعتقد أني أمتلك تجربتي الخاصة الحزبية والبرلمانية والنقابية والجمعوية، كما يمتلك الإخوان والأخوات الآخرون تجاربهم الخاصة، والأساس هو صهر هذه التجارب ضمن كيمياء خلاقة كفيلة بالتقدم بالاتحاد الاشتراكي نحو الأمام».
وعن سؤال حول عدد الأعضاء أجابت عضو المكتب السياسي : «  من الأخطاء الشائعة في تقييم مردودية العمل الحزبي أو السياسي بصفة عامة، هو المقارنة بأزمنة مضت، لأن السياقات والأنساق والتقاليد الحزبية والسياسية مختلفة، كما أن ولوج أجيال جديدة من جيل الزمن الرقمي للعمل السياسي يفرض تغيير أنماط التدبير الحزبي وتجديدها.
إن العمل الحزبي اليومي أصبح يفرض توسيع نطاق التشاركية، وإدماج كفاءات جديدة ببروفايلات مختلفة، واليوم نحن في الاتحاد الاشتراكي في المؤتمر الأخير طرحنا إشكال راهنية وضع جواب تنظيمي على أزمة العمل الحزبي بالمغرب، واعتبرنا أن الهياكل التنظيمية القائمة في كل الأحزاب السياسية هي موروثة عن سياق انتهى، وأن الهيكلة التنظيمية للأسف اليوم أصبحت من عوامل كبح الأداء الحزبي وحرمانه من المرونة المطلوبة، ولذلك فإن توسيع المكتب السياسي هو خطوة في اتجاه تجديد الهياكل الحزبية بما يسمح بمشاركة أوسع للمناضلين في التدبير الحزبي. والمتأمل في تركيبة المكتب السياسي سيجد دمجا بين مكونات مختلفة، وبين انتماءات مناطقية تغطي الجهات التاريخية للمغرب، وبين تجارب متباينة جمعوية ونقابية وحقوقية ومقاولاتية وتمثيلية في المجالس المنتخبة، وأكاديمية وإعلامية، وبالطبع تم احترام مقاربة النوع الاجتماعي، وإن كنا كنساء مناضلات في الحزب نطمح للأكثر، ولكن مقارنة بالأحزاب الأخرى أعتقد أننا في الريادة «.
وسجلت على احتلال الحزب لمراتب متقدمة في الاستحقاقات المقبلة حيث قالت : «  هو طموح واقعي، إن لم أقل إنه الطموح الذي يجب أن يحرك الاتحاد الاشتراكي دوما، بالنظر لتاريخه، وقيمة مؤسساته الحزبية ومناضلاته ومناضليه، وفي هذا السياق دعني أذكرك بأن الحزب الذي يقود اليوم الحكومة بعد تصدره لانتخابات ثامن شتنبر الأخيرة، كان قد احتل المرتبة الرابعة في الانتخابات التي قبلها، مما يعني أن المغرب لا يعرف قطبية ثنائية تجعل التنبؤات تنحصر في منظومتين حزبيتين تتداولان على ريادة نتائج الانتخابات.
لقد كان تراجع نتائج الاتحاد الاشتراكي منذ انتخابات 2007 مرتبطا بسياق الإنهاك الذي تعرض له الحزب بسبب تحمله مسؤولية إنجاح التناوب التوافقي، ورغم ذلك لم تكن نتائجه تلك السنة بالسوء، مثلا الذي حصل للعدالة والتنمية بعد تحملهم مسؤولية قيادة حكومتي ما بعد دستور 2011، ثم بعد 2007 برزت إشكالات تنظيمية دفع الحزب ثمنها انشقاقات وانسحابات، واليوم أعتقد أن الحزب معافى تنظيميا بعد نجاح المؤتمر الأخير، كما أن موقعه في المعارضة بعيدا عن كلفة التدبير الحكومي سيسمح له بتكثيف جهوده والتركيز على محطة الانتخابات المقبلة، خصوصا وأن السياق الحالي وطنيا ودوليا هو مساعد لعودة الأحزاب الديموقراطية الاجتماعية إن أحسنت التفاعل مع هذا السياق الكوني.
وعن موقع الاتحاديين في تسيير المدن الكبرى أجابت : « يجب أن ننتبه أن تراجع نتائج الاتحاد الاشتراكي في مجموعة من المدن الكبرى، وليس الدار البيضاء وحدها، هو مواز لتراجع أدوار الطبقة الوسطى في العمل السياسي، والذي انعكس سلبا على الأحزاب التي تمتلك مرجعية إيديولوجية ومذهبية تراهن على دور الطبقة الوسطى، وهو الأمر الذي لا يخص الاتحاد الاشتراكي فقط، بل عموم الأحزاب الوطنية والتاريخية، وقد وعى الاتحاد الاشتراكي بمفارقة تقدم نتائجه في المدن الصغرى والعالم القروي قياسا بالماضي، وتراجع نتائجه في معاقله التقليدية بالمدن الكبرى، ويعمل حاليا على فتح أوراش للتفكير في ممكنات العودة بقوة إلى هذه المعاقل التقليدية، مع العلم أن تقدم حركات الإسلام السياسي في هذه المناطق، وتعبيرها الحزبي الممثل في العدالة والتنمية لأسباب كثيرة، كان المتضرر الأكبر منه هو الاتحاد الاشتراكي، وليس الأحزاب التي لا تتوفر على مرجعية إيديولوجية واضحة، وهذا الوضع نجد مثله في محيطنا الإقليمي (شمال إفريقيا والشرق الأوسط)، حيث كانت الأحزاب الاشتراكية التقدمية هي المتضرر الأول من تصاعد قوى الإسلام السياسي، التي أعتقد أنها بدورها تعرف تراجعا بفعل فشلها في ترجمة واقعية للوعود التي أوصلتها للسلطة. مما يعد فرصة للأحزاب التقدمية وقوى الحداثة للعودة بقوة إلى المشهد المدني والسياسي.
أما بخصوص واقع مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات التي تعرف شبه هيمنة للثلاثي المكون للحكومة، فأظن أن الأمر لا يضر الاتحاد الاشتراكي أو قوى المعارضة، بل يضر التعددية بالمغرب التي كانت ثابتا من الثوابت التي تسمح بنوع من التوازنات الضرورية من أجل بناء انتقال ديموقراطي هادئ وآمن، ولكن لا يجب تهويل هذا المعطى، باعتبار أن التجربة علمتنا أن وجود حد أدنى من التوافقات بين وزراء أحزاب الأغلبية في الحكومة، لا يعني بالضرورة أن مثل هذه التوافقات ستسير بيسر على مستوى المجالس التمثيلية، وقد بدأت الصراعات داخل المكاتب المسيرة لتلك المجالس تخرج للعلن بمجرد الشروع في توزيع التفويضات، وبالرجوع للتجارب السابقة، فقد استطاع الاتحاد الاشتراكي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية السابقة لحكومة التناوب رغم أن أغلبية المجالس التمثيلية الترابية كانت بيد ما كان يسمى بالأحزاب الإدارية، والعدالة والتنمية بدورها تصدرت انتخابات 2011 رغم وجودها الضعيف قبلها في تلك المجالس».
وعن المعارضة ردت رحاب : « لا يوجد شيء اسمه معارضة أصيلة أو غير أصيلة، وجودنا في المعارضة هو بخلاف ما يتم ترويجه قرار حزبي خالص أقره المجلس الوطني، ذلك أننا اشترطنا في أول بلاغ أصدرناه وجودنا في الحكومة بتقديم عرض واضح يحترم وزننا السياسي خصوصا بعد التقدم اللافت في نتائجنا ومقاعدنا، ومادام السيد رئيس الحكومة المعين حينها لتشكيل الحكومة لم يقدم لنا عرضا واضحا، فقد اخترنا المعارضة حتى قبل الإعلان عن تشكيل تحالف ثلاثي سيقود الحكومة الجديدة« .
و « أننا في المعارضة حاليا، ونشتغل على هذا الأساس، ونعد أنفسنا لمعركة الانتخابات المقبلة باعتبارنا حزبا معارضا، وما يتم التصريح به من طرف أحزاب الأغلبية ظاهريا يفيد أنها أغلبية منسجمة، لذلك ليس هناك أي داع لا من طرفهم ولا من طرفنا يجعل أمر دخولنا للحكومة مطروحا على الطاولة.
إذا استجدت مستجدات تطلبت تغيير الأغلبية الحكومية، أو فرضت اللجوء لحكومة وحدة وطنية، فآنذاك يصبح الاختيار مرتبطا بالمصلحة الوطنية، ولكن حاليا لا أعتقد أنه يوجد مبرر لتغيير موقعنا، ورغم وجودنا في المعارضة فإننا نتمنى أن تحافظ الأغلبية الحكومية على استقرارها، لأن استقرار الأغلبيات الحكومية هو في صالح الاستقرار السياسي»وعن أداء رئيس الحكومة أجابت عضو المكتب السياسي : « ما قصدته أن الأداء التواصلي لرئيس الحكومة بدأ يقترب من الأداء الذي عرف به عبد الإله بنكيران، والمطبوع بالتهجم على معارضيه بلغة شعبوية، وكأنه لم يخرج من اللحظة الانتخابية، التي قد نقبل فيها بتبادل الاتهامات، وبمحاولة كل فريق الحط من إسهامات الفريق الآخر، أو تحميل مسؤولية الفشل في التدبير لقوى أخرى أو إرث الماضي.
لكن حين تكون في قيادة العمل الحكومي، فيفترض أن تقدم إجابات عملية للمواطنين، وليس دائما العودة إلى أسطوانة «نحن نمتلك مشروعية الصناديق الانتخابية» أو «إن الأزمة هي من مخلفات الحكومة السابقة».
لقد قدم حزب رئيس الحكومة وعودا يصعب تحقيقها خلال ولاية حكومية واحدة من وجهة نظرنا، ولقد ساعدته تلك الوعود غير المحسوبة في تحسن نتائجه الانتخابية، وبالتالي تم رفع سقف التوقعات والأماني عند المواطنين، واليوم بعد مرور ستة أشهر على تشكيل الحكومة لم يلمس المواطنون ما يفيد بدايات أجرأة تلك الوعود، فلا يكاد يلمس المواطنون أي تغيير.
وعليه فإن الواجب يفرض على رئيس الحكومة أن يفسر للمواطنين ما يقع، من قبيل لماذا استمرت أثمنة المحروقات في الارتفاع رغم تراجع الأسعار في السوق الدولية؟ ولماذا تمتنع الحكومة عن إدخال تعديلات على قانون المالية رغم أن ما بني عليه بخصوص متوسط أسعار المحروقات والغاز، وفرضيات الموسم الفلاحي، ونسبة النمو المتوقعة، وتكلفة صندوق المقاصة، تبين أنها خاطئة؟ وكيف يصرح رئيس الحكومة والناطق الرسمي باسمها أن الحكومة ستفي بالتزاماتها المتضمنة في التصريح الحكومي وقانون المالية رغم السنة الفلاحية السيئة وتداعيات الحرب الأوكرانية، في الوقت الذي تصرح وزيرة المالية أن نسبة النمو لن تتجاوز 1.7 في المئة، وهي بعيدة عن نسبة 3.5 في المئة التي تنبأ بها قانون المالية؟ فهل بمثل نسبة النمو هذه يمكن أن تفي الحكومة بالتزاماتها؟
وبالتالي فالأمر هو أكبر من تضايق المعارضة من تصريحات رئيس الحكومة، إذ إنه مرتبط بنوع من الإحساس بأن الحكومة تفتقد لرؤية واضحة لمسايرة هذه التحولات التي كانت غير منتظرة، ولغياب أي نوع من الالتقائية في السياسات الحكومية ولا لمعقوليتها، مما يجعلنا نخاف على السلم الاجتماعي في حال استمر العمل الحكومي على هذا النهج.


بتاريخ : 07/05/2022