حينما يصير الموت رفيقا

لا شيء أقسى من الموت ولا شيء أفظع منه ولا حدث يكسرنا مثله، حينما يطل عليك.. يطرق بابك.. لك أن تفتح له أبوابك الموصدة وترحب به بالنحيب والبكاء والانهيار…
أن تترقب الموت معناه أن تموت ألف مرة، وأنت تنظر عاجزا لمن تحب راصدا عبثية الحياة، فما فائدة الحياة بدون من نحب إن كان في الأخير موت ونهاية.. كيف ستسحقك الطبيعة بدون رحمة مستسلما لإرادة الأقدار.. حيث تزول الحياة بكل ألوانها ويحل الموت الرفيق الحالك ويعم السواد وفقط..
إن الفلسفة الوجودية وجدت في ظاهرة الموت عبثية الحياة، فلم كل ذلك الزخم والذكاء والعبقرية إن كنا سننتهي عظاما رميما تحت التراب.. أم ترى وجب علينا أن نرقص مع الموت كما فعل هايدجر الذي غنى له واحتنضنه ، معريا إياه ليصير وجوديا ناظرا إليه كموجود فينومينولوجي يتمثل في الإمكانية الوحيدة التي تهدد الإنسان في كل لحظة، وتجعل منه إنسانا مهموما على الدوام مهووسا بقلق الموت الذي ينشأ عند أول لقاء مباشر مع الموت هذا الرفيق الذي إذا طرق بابنا لأول مرة، فاعلم أنه ماكث بيننا ولن يرحل.
قلق الموت مثل دهشة البداية وصرخة الولادة الأولى فهو إذن جرس النهاية، مهما تألمنا لحال من نحب ممن غادروا فلا أحد منا سيعيش هذه التجربة الذاتية بدلا عنهم ولا أحد سيعيق وصولها إليهم، فلا أحد سيموت عن الآخر ولا أحد سيقضي الموت عن الآخر أو يبعده عنه. وسنجد أنفسنا يوما ما وجها لوجه معه وحتما سيغلبنا كقاتل متسلسل مأجور لا يتراجع عن مهمته. إننا نسير إليه ويسير إلينا، إنه رفيقنا الذي يختطف منا من نحب ليحظى وحده برفاقيتنا..
إن موت الآخر لن يفهمنا ماهية هذا الرفيق أكثر، هذه النهاية التي ندرك من خلالها عبثية الحياة مهما تمازجت ألوانها وتعالت ضحكاتها يبقى الموت رديفها الأوحد ورفيقنا الأسود…


الكاتب : إيمان الرازي

  

بتاريخ : 30/11/2022