حين تتحول الشهرة إلى فخ قاتل .. مأساة جديدة بسبب تحديات «تيك توك» بطنجة

 

بعد يومين من البحث المكثف، تمكنت فرق الغواصين التابعة للوقاية المدنية في طنجة، يوم الاثنين الماضي، من العثور على جثة شاب لقي مصرعه غرقا أثناء محاولته تنفيذ تحدّ على تطبيق “تيك توك” بشاطئ مرقالة.
وقد شكلت الأحوال الجوية السيئة عائقا أمام عمليات البحث، ما دفع السلطات إلى الاستعانة بطائرات درون لتمشيط المنطقة، قبل أن يتم العثور على الجثة عالقة بين الصخور في محيط “الزهاني”.
الضحية، البالغ من العمر 25 سنة، كان يعمل خبازا رفقة شقيقه في حي سيدي إدريس، وكان ناشطا على منصة “تيك توك”، حيث اعتاد مشاركة مقاطع فيديو لجذب التفاعل. غير أن التحدي الأخير الذي خاضه كان مميتا، إذ قام بإشعال النار في ملابسه مستخدما ولاعة قبل أن يقفز في البحر لإطفائها، في محاولة لتحقيق عدد مشاهدات أكبر. لكنه سرعان ما وجد نفسه غير قادر على السباحة والعودة إلى الشاطئ، ليختفي وسط الأمواج العاتية. وعلى الرغم من تدخل السلطات المحلية وعناصر الوقاية المدنية فور تلقيها البلاغ، فإن قوة التيارات البحرية صعبت من جهود العثور عليه، قبل أن يتم انتشال جثته بحضور أفراد عائلته.
هذا الحادث المؤسف يفتح باب النقاش مجددا حول التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الشباب، حيث تحولت بعض التحديات الرقمية إلى مصدر خطر حقيقي يدفع البعض إلى تعريض حياتهم للخطر في سبيل تحقيق الشهرة الافتراضية.
لقد أصبح الهوس بالمشاهدات والإعجابات عاملا محفزا لسلوكيات غير مسؤولة، إذ يسعى بعض المستخدمين إلى ابتكار طرق خطرة وغير مدروسة من أجل جذب الانتباه، غير مدركين أن لحظة تهور واحدة قد تكون كافية لإنهاء حياتهم.
المسؤولية في مثل هذه الحالات لا تقع فقط على الأفراد الذين يشاركون في هذه التحديات، بل تمتد أيضا إلى المنصات الرقمية التي تسمح بانتشار هذا النوع من المحتوى دون رقابة كافية.
ورغم أن بعض المنصات تبذل جهودا للحد من انتشار المقاطع التي تشجع على إيذاء النفس، فإن الإجراءات الحالية لا تزال غير كافية، إذ يجد المستخدمون دائما طرقا للتحايل على القيود والاستمرار في نشر محتويات خطيرة. كما أن المسؤولية تقع على عاتق الأسر التي ينبغي أن تتابع المحتوى الذي يستهلكه أبناؤها وينتجونه، فالتربية الرقمية باتت ضرورة ملحة في زمن أصبحت فيه الإنترنت جزءا أساسيا من الحياة اليومية.
من الضروري تكثيف الجهود التوعوية من خلال حملات إعلامية وتربوية تهدف إلى توجيه الشباب نحو الاستخدام الآمن والمسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي، مع تعزيز دور المدارس في توعية الطلاب بمخاطر هذه التحديات. إضافة إلى ذلك، ينبغي على الجهات المعنية العمل على وضع قوانين أكثر صرامة لمحاسبة الجهات أو الأفراد الذين يروجون لمثل هذه الممارسات الخطيرة، سواء عبر تحفيز الآخرين على المشاركة فيها أو نشر مقاطع قد تشجع المستخدمين على تقليدها.
على الشباب أن يدرك أن قيمة الإنسان لا تقاس بعدد المشاهدات، وأن الحياة ليست مقامرة يمكن المغامرة بها من أجل لحظة شهرة عابرة.
التحدي الحقيقي ليس في المخاطرة بالحياة، بل في استثمار الطاقات في أمور تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، فالشجاعة لا تكمن في مجابهة الخطر المميت، بل في اتخاذ قرارات مسؤولة تحمي النفس والآخرين.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 20/02/2025