خلال مناظرة وطنية جرى تنظيمها بخنيفرة : دعم المرأة بالمناطق الجبلية ودورها في تثمين الموروث المادي واللامادي والتنمية المحلية

شهدت مدينة خنيفرة منتصف شهر يونيو تنظيم المناظرة الوطنية الثالثة في موضوع «المرأة بالمناطق الجبلية ودورها في تثمين الموروث المادي واللامادي والتنمية المحلية»، والتي رُفع الستار عن برنامجها وأشغالها بجلسة افتتاحية وجلسة علمية، بحضور وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، وعامل الإقليم، محمد فطاح، والمدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، خاليد سفير، وباحثين جامعيين وفاعلين في المجتمع المدني والحركة النسائية، وشخصيات عسكرية وقضائية ومدنية وحرفية، وعدد من المتدخلين المهتمين بموضوع التمكين الاقتصادي للمرأة وبالموروث المادي واللامادي في علاقة بالتنمية المحلية.
وعرف برنامج المناظرة مجموعة من الأنشطة، من بينها توقيع اتفاقيات شراكة تخصُّ تثمين الصوف ودعم المرأة التي تساهم في مسلسل تنمية المجال على مستوى الإقليم، إضافة إلى توزيع شيكات لفائدة بعض الأشخاص في وضعية إعاقة في إطار صندوق دعم الحماية الاجتماعية، مع تسليم 3 سيارات لجمعيات مشرفة على عملية التكفل بالنساء ضحايا العنف (جمعية أبا يعزة بمولاي بوعزة، جمعية آيت عثمان بكروشن والتنسيقية الجهوية للتعاون الوطني)، قبل تتويج البرنامج بزيارات ميدانية لمراكز اجتماعية بالمدينة، مقابل زيارة معرض للألواح الفنية والتشكيلية للمرأة بالمناطق الجبلية، ليختتم اللقاء بتقديم مشاريع اجتماعية بجماعة أكلمام أزكزا.
المناظرة الوطنية الثالثة التي تم تنظيمها، بخنيفرة، من طرف وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وعمالة إقليم خنيفرة، بشراكة مع جامعة السلطان مولاي سليمان، المجلس الإقليمي لخنيفرة، المجلس العلمي الجهوي، ومؤسسة روح أجدير الأطلس، افتتحت أشغالها بكلمة لرئيس المجلس الإقليمي الذي اعتبر موضوعها «اختيارا صائبا بالنظر للموقع الجغرافي الجبلي للإقليم، وللحضور القوي للمرأة في دعائم التنمية والنسيج الاقتصادي والصناعة التقليدية ومنظومة الانتاج»، داعيا المشاركين في المناظرة إلى الخروج بما يضع الأصبع على احتياجات المرأة الجبلية في مختلف المجالات والقطاعات.
من جهتها، انطلقت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة من تلاوة نماذج من الخطب الملكية، ومنها خطاب افتتاح البرلمان في أكتوبر 2011 الداعي إلى «تقوية العدالة الاجتماعية والمجالية»، وما «لن يتأتى إلا بتعزيز السياسات الاجتماعية لمحاربة الفقر والإقصاء والتهميش، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى، والنهوض بالمساواة بين الرجل والمرأة»، فضلا عن «إيلاء عناية خاصة للعالم القروي وللمناطق الجبلية والنائية والمعزولة، وبلورة ميثاق اجتماعي متقدم»، فيما ذكرت الوزيرة بالمناظرة الوطنية الأولى التي نظمتها وزارتها، خلال فبراير 2023 بالمكتبة الوطنية بالرباط حول ما يهم المرأة والأسرة ورهان التنمية.
أما المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير فاكتفى بإبراز دور مؤسسته في «تعزيز التنمية الاجتماعية ومحاربة الاقصاء والهشاشة عبر دعم المشاريع الأساسية»، وفي الرفع من «القدرات الاقتصادية للنساء ومستوى حياتهن وأسرهن»، فيما استعرض ما قدمته المؤسسة للمرأة، خلال السنوات الأخيرة، من منجزات وأنشطة مدرة للدخل، فضلا عن تدخلات المؤسسة في الانعاش الاقتصادي والتنموي، فيما أشار المدير العام لما قامت به ذات المؤسسة من شراكات واتفاقيات في سبيل «وضع إجراءات عملية لمعالجة العديد من الموضوعات والخدمات الاجتماعية، والبرامج المرتبطة بالإدماج الاجتماعي للأشخاص في وضعية هشاشة».
وبدوره، اختار رئيس المجلس العلمي الجهوي، د. المصطفى زمهنى، المساهمة في افتتاح مناظرة «المرأة بالمناطق الجبلية» بالتطرق لمكانة وعمق الجبل في التاريخ الإسلامي، وميلاد الدين الإسلامي بالجبل انطلاقا من نزول القرآن فيه، مشيرا لجبل عرفة الذي تُقام عنده أَهم مناسك الحج، ليلج بكلمته في الحديث عن مكانة المرأة في عهد الرسول عليه السلام، ووضعها في القانون الإسلامي، وكذا في التاريخ الإسلامي كما في التاريخ المغربي عبر مساهمتها، جنبا إلى جنب مع الرجل، في بناء الحضارة وفي استقلال المغرب وتنمية المملكة، فضلا عما لعبته من أدوار قيادية في جميع المجالات.
كما لم يفت رئيس جامعة مولاي سليمان ببني ملال، ذ. مصطفى أبو معروف، المساهمة في افتتاح أشغال المناظرة الوطنية بانطلاقه من التحديات التي تواجه المرأة، وكذا من أهمية اللقاء في تسليط الضوء على الموروث المادي واللامادي بالمنطقة، ومدى «سعي الجامعة المغربية في تعزيز قدرات المرأة واسهاماتها في تطور المجتمع»، بالتأكيد على «مكانة البحث العلمي والابتكار كعماد أساسي في التنمية»، دون أن تفوته الدعوة ل «تكاثف الجهود من أجل تعليم متكامل يعزز قدرات هذه المرأة ويمكنها من ولوج المجال الاقتصادي والاجتماعي ومراكز القرار»، ويقوي «ما يمكن من النقاشات المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة».
وبعد فاصل حول الزربية المغربية من تقديم أحد الخبراء في صناعة النسيج، تقدم ذ. عبا باعدي، من مصالح عمالة الإقليم، باستعراض مضمون اتفاقية الشراكة التي تخصُّ تثمين الصوف ودعم وإدماج النساء ناسجات الزربية، ويتكون مشروع الاتفاقية من تطوير سلالة الأغنام إلى التكوين والتأطير وإنشاء العلامة التجارية وترويج وتسويق الزربية الزيانية، وتبلغ مساحة المشروع 5000 متر مربع، نصفها مخصص للبناية، حيث سيتم تخزين الصوف الخام وفرزه وغسله وتجفيفه وغزله وصباغته، مع تخصيص مستودع للإنتاج وفضاء للعرض والتسويق، وفضاءات أخرى، على أساس قيام المجلس الإقليمي بتفويت المشروع لاتحاد التعاونيات.
وكان ذ. لحسن جنان الباحث الجامعي قد افتتح أشغال الجلسة العلمية بمداخلة في موضوع آلة «المنسج القروي» بالدعوة إلى تجديده وتطويره ليصير في مستوى التنافسية القائمة على مستوى صناعة الزرابي القروية وتحسين إنتاجها وجودتها، معبرا عن تأسفه حيال بعض النساء القرويات اللواتي «يهتمن بمعمار البيت دون التفكير في تطوير منسجهن»، من حيث لم يكن يخل أي بيت تقريبا بالأطلس المتوسط من أدوات صناعة الصوف و»منسج» أو أزاطا، حين ظلت صناعة الزرابي من الصناعات اليدوية من طرف النساءبغاية المساهمة في إدماجهن السوسيو اقتصادي والرفع من مداخيلهن.
وبعده شاركت نائب وكيل الملك، رئيسة خلية العنف ضد النساء والأطفال بالمحكمة الابتدائية، بخنيفرة، ذة. ابتسام رقاس، بمداخلة استعرضت خلالها «دور النيابة العامة في حماية المرأة من شتى أشكال الاستغلال»، وفي «ضمان حقوقها وأمنها على مستوى التكفل والتشخيص والرعاية النفسية»، و»حمايتها من العنف باتجاه تحقيق التنمية»، كما تناولت عدة نقاط تهم حياة المرأة في المجتمع، ومن ذلك «الاستقلال المالي ومدى مخالفة عدمه لمبدأ المساواة والمناصفة»، وبينما ذكرت بإعلان مراكش، لم يفتها استعراض مجموعة من القوانين والنصوص الدستورية الضامنة لحقوق المرأة، قبل توقفها عند جهود النيابة العامة في مناهضة الهدر المدرسي وتزويج القاصرات. على جانب مداخلات أخرى كان لها حضورها في النقاش المرتبط بهذا الحدث.
وجاء تنظيم المناظرة في إطار تنفيذ توصيات المناظرة الوطنية الأولى التي تم تنظيمها، على مدى يومي 10 و11 فبراير 2023، بالرباط حول «المرأة والأسرة ورهان التنمية»، حيث اختارت المناظرة التركيز على دور المرأة بالمناطق الجبلية في مسلسل تحقيق التنمية المجالية، من خلال تثمين الموروث المادي واللامادي والتنمية المحلية، مع إلقاء الضوء على أهمية هذا الموروث، سواء تعلق الأمر بالمنتوجات المحلية الطبيعية، نباتية كانت أو حيوانية، أو تعلق بالتراث اللامادي في شكله الشفوي أو الفني أو غيرهما، ودور المرأة بالمناطق الجبلية في تثمين هذا الموروث، من خلال استثماره كرافعة لتحقيق اندماجها السوسيو-اقتصادي.


الكاتب :   أحمد بيضي

  

بتاريخ : 03/07/2023