محمد سبيلا: نعيش اليوم قوسا تاريخيا طويل المدى أنتجته هزائم القومية والعقلانية، وهو الذي يؤطر اليوم وعي الشارع
محمد بن عيسى: تكريم سبيلا اليوم تكريم للبحث والدرس الفلسفي المغربي

اعتبر الأستاذ والمفكر محمد سبيلا  في تصريح لـ«الاتحاد الاشتراكي» على هامش تكريمه، فضمن فعاليات خيمة الابداع بموسم أصيلة الثقافي 39 أول أمس الأحد 16 يوليوزـ أن «لسؤال الفلسفي سؤال واسع وعميق لا يستنفذ أغراضه لأنه يشمل الوجود بكافة مستوياته، العيني، التاريخي، الفكري، ولذلك فالسؤال الفلسفي في المغرب يشكل وثبة نحو المستقبل ومساءلة للتقليد والتراث واشتشرافا للمستقبل، وثمة إبداعاته ومساهماته الكثيرة في خلخلة اليقينيات والثوابت أشكال الجمود، التي تأخذ مشروعيتها  فقط من التواتر الزمني

اعتبر الأستاذ والمفكر محمد سبيلا في تصريح لـ«الاتحاد الاشتراكي» على هامش تكريمه، فضمن فعاليات خيمة الابداع بموسم أصيلة الثقافي 39 أول أمس الأحد 16 يوليوزـ أن «لسؤال الفلسفي سؤال واسع وعميق لا يستنفذ أغراضه لأنه يشمل الوجود بكافة مستوياته، العيني، التاريخي، الفكري، ولذلك فالسؤال الفلسفي في المغرب يشكل وثبة نحو المستقبل ومساءلة للتقليد والتراث واشتشرافا للمستقبل، وثمة إبداعاته ومساهماته الكثيرة في خلخلة اليقينيات والثوابت أشكال الجمود، التي تأخذ مشروعيتها فقط من التواتر الزمني ولذلك فالتساؤل الفلسفي يتداول فقط داخل النخبة ولا ينزل الى الشارع الذي يملك يقينيات ومقاومات خاصة بعد انتشار الفكر اليقيني منذ نكسة 1967» وأضاف سبيلا أننا « نعيش اليوم قوسا تاريخيا طويل المدى جاء ليعوض فترة القومية والعقلانية والاشتراكية. هذا القوس التاريخي هو الذي يؤطر وعي الشارع اليوم».
وكانت خيمة الإبداع من موسم أصيلة الثقافي هذه السنة، قد جعلت الدرس الفلسفي وسؤال الحداثة، بتكريم أحد أهم رجالاته المغاربة والمؤسسين له الأستاذ محمد سبيلا ،مدخلا لمحاورة ومجاورة فكر واجتهادات مفكر وأكاديمي بارز، وأستاذ لأجيال من الطلبة والباحثين المشتغلين على الدرس الفلسفي المغربي. فقد اعتبر مسير اللقاء التكريمي الأستاذ شرف االدين ماجدولين أن تكريم سبيلا هو تكريم لزمن ثقافي ولعقيدة ثقافية أثمرت ما يمكن وسمه بمجد الدراسات الفلسفية في المغرب المعاصر، وهو المجد الذي نقل الفكر الفلسفي من لحظة الدرس الى لحظة التأليف، ومن التأسيس الى التراكم، ومن الندرة الى الوفرة.
وفي كلمته التقديمية للمحتفى به ، أكد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، أن الاحتفاء بالمنجز الفلسفي النقدي للأستاذ محمد سبيلا هو تكريم في ذات الوقت للدرس والبحث الفلسفي في المغرب، باعتبار سبيلا من صفوة الباحثين الذين عملوا على ترسيخ الفكر الفلسفي في البيئة الثقافية والأكاديمية المغربية. وأضاف بن عيسى أن الفلسفة لا تقتصر على التفكير المجرد بل هي وسيلة تمكننا من الإمساك بأدوات تحليل إشكالات وقضايا الراهن، باعتبارها آلية معرفية تسعف على فهم المجتمع وتحولاته في سياق الانفتاح على منجزات الفكر الإنساني، وهو ما سعى إليه الأستاذ سبيلا وهو يؤسس مشروعه الفلسفي الذي اهتم بمسألتين محوريتين التحديث والعقلانية باعتبار العقلانية «العملة الصعبة التي يحتاج إليها الفكر الإنساني في هذا الزمن الصعب».
من جهته اعتبر عبد السلام بنعبد العالي الأستاذ بكلية الاداب والعلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الدرس الفلسفي والحداثة هما الانشغالان اللذان استأثرا باهتمام الدكتور سبيلا، نظرا لما يسم الفلسفة من طابع تحديثي يقاوم البلاهة وينقسم على الدوكسا» ،وهو ما يجعلها عرضة لمقاومات التقليد بشتى مظاهره، مضيفا أن سؤال الحداثة يظل سؤال مفتوحا يسعى إلى تعقب المعاني التي ما فتئ المفهوم يُشحن بها ، داعيا الى تحديد ماهية الحداثة الذي يقترن عادة بكل بمفهوم غامض وهو مفهوم «ما بعد الحداثة» الذي يلقى إقبالا في التداول العربي. وهو المفهوم الذي نقل إلينا عبر الفكر الغربي الذي لم يفرط في استخدامه وتوظيفه في شقه النظري بسبب نفور مفكري الغرب ممن التحديد الزمني للحداثة، مشيرا الى أن الحداثة عند سبيلا ليست هي الوقوف عند التحولا،ت بل موقفا نضاليا ينبني على الوعي بالحركة المتنقلة للكائن وهي بالتالي لا تقابل القدامة ولا ما قبلها وما بعدها، ولكنها تقابل التقليد وبالتالي لا يمكن أن تجزأ الىى تقسيمات زمنية لأنها بداية متجددة وانفصال لامتناه، وحركة تاريخية غير راضية عن ذاتها، يميزها التنكر للحداثة والعقوق والسعي نحو التضاد والميل نحو عدم الرضا.
إن فهم علاقة الدرس الفلسفي بالحداثة عند الأستاذ محمد سبيلا، كما يرى الأستاذ نور الدين أفاية أستاذ الفلسفة المعاصرة والجماليات بكلية الاداب بالرباط، يتطلب الإجابة عن سؤال موقع التفكير والفكر في الممارسة الثقافية بالمغرب، ودور وخصائص المثقف العصري الذي يجد نفسه محاصرا ببنية ثقافية تمجد التكرار والنمطية وترفض الإبداع، ونشر ثقافة أصولية لا قدرة لها على الاستمراري والتجدد وهو المسعى الذي اشتغل عليه – يضيف أفاية – محمد سبيلا الذي يشخص ويكثف مع نخبة من أقرانه المسار المتعرج للتحديث والحداثة في المغرب المعاصر من ستينيات القرن الماضي الى اليوم، بتطلعاتها ونجاحاتها وإخفاقاتها وهي نخبة تعرضت لإجهاض مشروعها التنويري في عقدي الخمسينات والستينات بسبب مختلف أشكال العنف والاستبداد المقنع بالتقليد. وشدد أفاية على أن هذه الأجواء المشحونة برفض الفكر الفلسفي لم تمنع الأستاذ سبيلا من المقاومة هو الذي درّس وترجم وألف وفكر، وأنصت عميقا للتحول الحاصل في قضايا الدين والدولة والشباب والجسد، ضمن اختيار فكري ومبدئي كان واضحا منذ البداية. وهي الأجواء التي ستتعمق مع بداية الثمانيات بالهجوم والتضييق ومنع شعب الفلسفة، وفتح جامعات جديدة بشعب جديدة للدراسات الإسلامية كانت منفذا لتغلغل الفكر الوهابي والسلفي.
في ورقته حول الحداثة عند محمد سبيلا، انطلق الأستاذ محمد الشيخ من سؤال إشكالي : هل نتحدث عن حداثة واحدة أم عن حداثات؟ وهو ما يجيب عنه سبيلا بأن «هناك حداثات لكن هناك حداثة واحدة»، وهو ماتترجمه مفاهيم الحداثات المتشابكة والمتعددة والمهجنة أو الخلاسية عند سبيلا. واعتبر الشيخ أن الحديث عن الحداثات المتعددة انطلق بعد وجود نواة تتحدث عن أشكال حداثية شكلتها الشروط الاجتماعية والسياسية والتي تختلف في نظام قيمها ومؤسساتها، مركزا على أن أي حديث عن الحداثة لا يستقيم دون التمييز بين المجال الدنيوي والديني، ودون القدرة على الإبداع.
وللإجابة عن السؤال الإشكالي الذي طرحه في البداية، شدد الشيخ على أن هناك عدة مداخل لفهم الجواب وهي التي تقسم الحداثة كما نظّر إليها سبيلا بخرائطيات الحداثة كالحداثة المرجعية، الحداثة الموازية، الحداثة اللاحقة، الحداثة الاستدراكية، مشيرا الى أن سبيلا حذر في خضم هذه التعددية من أن الإيغال في الخصوصية يؤدي الى رفض الحداثة ولذا ظل دوما يتحفظ من تعويمها.
سبيلا الذي طيلة حياته منشغلا بأسئلة الفلسفة وأدوارها، لم يتخذ من التعلم تعلة للتعالي على الآخرين وقليلا ما ينتبه المتابعون ليناميته الفكرية، إلى صمته الحكيم، هكذا قدم أستاذ الفلسفة المعاصرة عادل حدجامي أستاذه محمد سبيلا، مشيرا الى أنه لا يتحدث إلا تلميحا لمعنى بعيد أو تمليحا لمعنى قريب، معتبرا أنه رجل جمع المغرب من تلابيبه، من سوس الى الشاوية في انتمائه الشخصي والوطني.، باعتباره انخرط في العمل السياسي والعمل النقدي في شقه الفلسفي والسوسيولوجي، معتبرا أن انتقاله من عالم السياسة الى الفكر كان رد فعل بغاية تجذير السياسية والانتقال بها الى السياسة الكبرى بأسئلتها وجراحاتها التراجيدية.
وخص الأستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أحمد شراك بورقة ركزت على الرجل الأسلوب، معتبرا أن الأستاذ محمد سبيلا مجد دوما نظرية المعرفة من خلال تجربته التدريسية التي شدد على أنها بحاجة الى التدوين بالنظر الى أسلوبيتها المتفردة، معيدا عقارب الساعة الى زمن الرفاق ونضالات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وانتصاره الدائم لقضايا الطلبة، مشيرا الى أنه لم يكن ستالينيا بل كان مثقفا عضويا يغرد خارج الجوقة المنصهرة والمستسلمة للتعليمات، رافضا للخيانة بالمعنى الإبداعي والادبي حتى مع الذين كانوا في صراع دائم مع انتمائه السياسي. كما انه لم يمل إلا للنقد الذي تحركه روح الفيلسوف الحقيقي، وهو ما جر عليه، يضيف شراك، الكثير من الجلد لأنه لم يطلب ولاء من أحد ولا رضي بصناعة الحواريين.
واختار الأستاذ عبد المجيد جهاد أستاذ الفلسفة الحديثة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مقاربة المشروع الفكري لمحمد سبيلا من زاوية الثقافة والمثقفين ، لافتا الى سبيلا لم يخص الثاقفة والمثقف بكتاب رغم أن قضاياها ظلت هاجسا حاضرا في نصوصه وحواراته، كما أن وضعهما بالمغرب شكل أولوية ضمن مشروعه الفلسفي الحداثي، بالنظر الى إيمانه العميق بقدرة المثقف على إحداث التغيير بإنتاج المعرفة التنويرية، هو الذي كان يُعمِل النقد في القضايا الفكرية دون انفصال عن تربة مجتمعه وأسئلة الراهن المغربي الحارقة.ورغم سيادة نظرية موت المثقف التي كانت لها أسبابها الموضوعية والذاتية، ظل سبيلا حريصا على مواقفه ومدافعا عنها في مختلف الواجهات، بحس أدبي والتزام أخلاقي رفيع في ربط جدلي بين قضايا الفكر والواقع وبهذا فقد كرس صورة المثقف الملتزم الذي يضع كل قدراته الذهنية والتنويرية في خدمة مجتمعه.
الكاتب والروائي التونسي حسونة أشار الى أن محمد سبيلا حاول إرساء مبادئ الدرس الفلسفي الذي ضٌرب بقسوة في فترة الانحطاط وانفصال العرب عن التاريخ وما صاحب هذه الفترة من محاولات لتأسيس فكر فلسفي حداثي في ظل هيمنة الفكر الأصولي، مشيرا الى ان الحداثة في المغرب وتونس لم تتمكن من التجذر لهيمنة عنصر الدين في المجتمعات العربية هيمنة مطلقة، لم تترك خلالها لأي فكر آخر بالانتشار في ما يشبه الردة خاصة بعد النكسة واندلاع الثورة الإيرانية، وبروز الأفكار المنتقدة للحداثة بكونها ليست طريقا سالكا لحل المشاكل أمام عجز المفكرين العقلانيين لحظتها عن زعزعة وخلخلة أسس الفكر الديني.
في الجلسة المسائية من الندوة التكريمية، اختار الروائي وعميد كلية الاداب بنمسيك سابقا مبارك ربيع، الحديث عن شخصية المحتفى به، محاولا الاقتراب من ملامحه الإنسانية التي اغتنت بالتراكم المعرفي الفلسفي والفكر الناضج الذي أنجز مواقف فكرية وبنى نسقا فكريا كبيرا ، حتى أصبح بيتا للحكمة، معتبرا أن سبيلا من الذين بنوا مدرسة فلسفية مغربية حقيقية، بصمت تاريخ هذا الفكر، هو الذي حافظ دوما على نشاط الباحث المتيقظ المستوعب والمتتبع للأحداث والمتموقف منها غير الحيادي، مثيرا سؤال انتقال السياسيين الى الانشغال بأسئلة الثقافة ومذكرا بمسار العديد منهم كمحمد عابد الجابري وعبد الله العروي، داعيا الى مصالحة الثقافة مع السياسة لإيجاد نخبة تصنع الفرق.
الكاتب والباحث والأستاذ بكلية الآداب بنمسيك عبد العالي معزوز، ركز في تدخله على أن سؤال الإيديولوجيا عند سبيلا كان حاضرا بقوة بالنظر الى ميله الى الفكر الاشتراكي العلمي في محاولة فهمه للواقع المغربي، معتبرا أن الأيديولوجيا أساسية كمفهوم لفهم سيرورة وبعض مفاهيم الحداثة لأنها تضيء المبهم والغامض من الواقع. ولم يفت معزوز التطرق الى اهتمام سبيلا بمفهوم اللاشعور في كل كتاباته وسؤال الوجود الذي يلقي الضوء على المستتر في إطار البحث عن الحقيقة وذلك من خلال اشتغاله على هيدغر. كما أن اهتمامه لم يقتصر على القضايا الفلسفية الرائجة بل امتد الى بعض المفكرين الذين استقى منهم أدواته التحليلية لفك شفرات الواقع المغربي، دون أن ينسى رصد أعطاب السياسة التي ما زالت تتمثل مفهوم الحزب الزاوية.
بدوره رصد الكاتب والباحث في الفلسفة والفنون البصرية محمد الشيكر، التصاديات والتواشجات التي ربطت محمد سبيلا بمفكرين عالميين أمثال المفكر الإيراني داريوش شايغان، حيث كانت حواراته معهم بهدف التحرر من أحادية الخطاب، معتبرا أن فكر سبيلا تخلّق وتفتق في مجاورة ومحاورة خلاقتين لغيره من المفكرين ما يشي بعدم اكتفائه بدور الناقل المستنسخ، بل كان حريصا على أن يسبغ على الأفكار من عندياته ، بهدف خلخلة أنطولوجيا التقليد، دون خلع الحداثة على التقليد أوالعكس لتلافي عملية رتق فكري هجين وملتبس، في حين قارب أستاذ العلوم السياسية بجامعة ممد الخامس بالرباط عبد السلام طويل، سؤال الحداثة عند سبيلا انطلاقا من الرؤية الكليانية والمنزع النقدي في مشروعه الفلسفي، الذي يتبدى من انفتاح خطابه الفلسفي على العلوم الإنسانية والاجتماعية وتأكيده على أن التحديث لا معنى له بدون تحديث يطال الذهنيات، محددا ثلاث دوال أساسية لهذه الرؤية الكليانية: الأيديولوجيا، الحداثة، العولمة، ومعتبرا أن الأيديولوجيا شكلت أساسا في منزعه النقدي مقرونة بالمعرفة، كما أن مفهوم الحداثة لديه كان مفهوما حضاريا يطال كافة مستويات الوجود الإنساني… مفهوم يلم شتات كل المستويات ويتخذ طابع بنية فكرية جامعة، تشمل الحداثة التقنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخلاقية والحداثة الفكرية.
وتطرق ادريس كثير الباحث في الفلسفة المعاصرة الى الرهان الذي أطر مشروع سبيلا الفكري والفلسفي، والمرتبط بكيفية كسب رهان الحداثة وما بعدها دون أن نخسر أنفسنا ، وهو رهان حاول ملامسة بعض مظاهر ما بعد الحداثة بالمغرب من خلال أربعة ملامح تشمل المعمار، الطبخ، التشكيل والحياة اليومية، وما صاحب نمط العيش بالمغرب من تحولات في العادات والتقاليد والأذواق، معتبرا أننا اليوم أمام مظاهر ما بعد الحداثة التي اعتبرها رد فعل على الإقصاء والسلطوية والنظلرة المسبقة التي لاتتعدى أحكام القيمة، فيما ربط أستاذ الفلسفة الحديثة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس محمد الاندلسي العلاقة بين الأصولية والحداثة عند سبيلا بمسألتين تتعلقان أولا بموقفه الفلسفي من إشكالية التحديث، ثم تشخيصه للوضعية العامة للتحديث في المجتمعات العربية الإسلامية وما يرتبط بنظرية الاستبداد السياسي، وهو ما اشتغل عليه سببلا ليخلص الى استحالة التحديث برفض أنوية الحداثة التي لا تفصل عند سبيلا بين الحداثة المادية والفكرية، مشيرا إلى أن عملية التحديث في العالم العربي تراوح الخلط على عتبات الحداثة، وتتجاذبها قوتان متصارعتان قطباها التحديث والتأصيل.
وختم أستاذ السيميائيات وتحليل الخطاب محمد الداهي، بكون الأستاذ محمد سبيلا ينتمي الى فئة المثقفين الذين جعلوا الفلسفة تخرج من برجها العاجي وترتبط بالتربة المحلية وقضاياها الشائكة وهو ما ينم عن تناول مرن وسلس، جعل دائرة اهتمامه الانسان والإرغامات التي تعوق حريته، مشيرا الى أن سبيلا تناول الحداثة بوصفها طريقة شمولية ونسقية واعتبرها مفتاحا لدمقرطة المجتمع وعقلانيته.
محمد سبيلا وفي سياق رده على مختلف التدخلات التي تناولت مشروعه الفلسفي النقدي، عضد انتماءه الى المدرسة الفلسفية المغربية، المدرسة الحداثية التي يعتبرها امتدادا لفكر الحركة الوطنية واستمرار فكري في مصير المغرب، والتي تميزت بكثير من العقلانية وأحيانا ببعض الراديكالية ما ميزها عن باقي المدارس الفلسفية بالعالم العربي التي أصابها التباطؤ والتراخي، مشيرا الى ن الحداثة مساءلة مستمرة وتخط لذاتها وتجديد مع مراعاة القطائع والخطوط الحمراء للتمييز بينها وبين التقليد.