خَريف خَريف

(1)

يَشْعُرُ المُوْغِلُ في العُمْرِ
بِبَرْدٍ قارِسٍ
حِيْنَ تُوافيهِ غَماماتُ الخَريفْ.
تَسْقُطُ الأوْراقُ عنْ أغْصانِهِ
غُصْنًا فَغُصْنًا،
تَهْرَعُ الرِّيحُ إلَيْها،
ثُمَّ تَذْروها على غَيْرِ رَصيفْ.
تَشْعُرُ الأغْصانُ بِالبَرْدِ،
فَيَعْروها حَنينٌ صارِمُ الحَدِّ
إلى دِفْءِ الحَفيفْ.

(2)

حِيْنَ يُرْديهِ حِصارُ
الزَّمَنِ الصَّعْبِ وَحيدًا،
في مَهَبٍّ مُوْصَدِ الرِّيحِ،
عَقيمِ الأمْنياتْ،
وَيَرى أنَّ الجِهاتِ السِّتَّ
قَدْ أوْصَدَتِ الأبْوابَ
منْ دُونِهِ عَمْدًا،
وَأَعْيَتْهُ مَفاتيحُ الجِهاتْ،
يَعْكِفُ المُوْغِلُ في العُمْرِ
على ذاكِرَةٍ مَشْحونَةٍ بالجَمْرِ
حَتّى يَفْتَحَ المُوصَدَ منْ أبْوابِها
أوْ يُخْمِدَ البَرْدَ بِجَمْرِ الذِّكْرَياتْ.

 

(3)

يَكْتَفي المُوْغِلُ في العُمْرِ
بِبَعْضِ الزّادِ حَتّى يُخْمِدَ البَرْدَ،
وَيَبْقى واثِقَ الخُطْوَة يَمْضي قُدُمًا،
في خَوْضِهِ غَمْرَ الخَريفْ.
هُوَ يَكْفيهِ اتِّصالٌ هاتِفِيٌّ
منْ زَميلٍ سابِقٍ
ألْقَتْ بِهِ أقْدارُهُ في دَرْبِهِ،
أوْ مَوْعِدٌ يَضْرِبُهُ شَخْصٌ عَزيزٌ
ذاتَ عَصْرٍ مُوْغِلٍ في صَمْتِهِ،
أوْ خَمْرَةٌ جادَتْ بِها عَيْنانِ،
لا أحْلى،
وَقَدْ عَتَّقَها في دَنِّهِ،
أوْ ذِكْرَياتٌ تُوْقِظُ الغُصْنَ
على عُرْسِ الحَفيفْ.
لا يُريدُ الكَهْلُ
في خَوْضِ غِمارِ العُمْرِ
نَحْوَ الضِّفَّةِ الأخْرى
سِوى بَعْضِ جِمارٍ تُخْمِدُ البَرْدَ
وَبَعْضٍ منْ رَغيفْ


الكاتب : شعر: سلمان زين الدين

  

بتاريخ : 26/09/2025