دورية «المشروع» تنتصر للفلسفة وقيمها

يُرْتَقَبُ أن يصدر هذا الأسبوع، العدد الجديد من دورية المشروع (العدد 13، ربيع 2019)، وهو يتضمن محوراً بعنوان انتصاراً للفلسفة وقِيَّمِها، وذلك بعد أن تَمَّ تخصيص عددها السابق، للتفكير في أسئلة اليسار المغربي وضرورته داخل مشهدنا السياسي (العدد رقم 12).
يستوعب العدد مجموعة من الدراسات والمقالات، كما يتضمن حواراً مُستلاًّ من أعمال المرحوم محمد عابد الجابري، في قضايا الفلسفة والسياسة وأدوار المثقفين، إضافة إلى مختارات من أعمال عبد السلام بنعبد العالي، ومجموعة من المقالات والأبحاث في الأبواب الثابتة داخل الدورية.
وللتذكير نشير الى أن دورية المشروع، التي يرأس تحريرها كمال عبد اللطيف، تصدرها مؤسسة المشروع للتفكير والتكوين. وهي مؤسسة تُعْنَى بأسئلة الثقافة والتغيير في المجتمع المغربي.
ونقدم في ما يلي افتتاحية العدد وفهرس محتوياته.

انتصاراً للفلسفة وقيَّمها

نحتفي في هذا العدد من دوريتنا بالفلسفة والفكر الفلسفي في الثقافة المغربية، ونقدم جملة من المقالات والأبحاث، بهدف إبراز الدور الكبير الذي تمارسه الفلسفة في ترسيخ مجموعة من القيم النظرية والتاريخية، التي لا يجادل أحد في حاجتنا الماسة إليها، نقصد بذلك قيم العقل والحرية والتاريخ.. وهي القيم التي تمكِّن ثقافتنا من الانتصار على كثير من عِلَلِنَا في التاريخ والسياسة. وإذا كنا نعرف أن الفكر الفلسفي في بلادنا، قد عرف في السنوات الماضية صوَّراً عديدة من التهميش والتغييب في برامج التربية والتعليم، فقد ترتَّب عن ذلك، تعميم ثقافة مُعادِية للعقل والتاريخ، ثقافة تكتفي بنشر كثير من اليقينيات والأحكام المُعَادِية لآدمية الإنسان وليقظته العقلية والوجدانية.
حرصنا على إصدار هذا المحور، الذي نعلن فيه أولاً وقبل كل شيء، إيماننا بالأدوار التاريخية للفلسفة ومفاهيمها، وذلك من أجل مزيد من العمل الهادف إلى مواجهة الآثار المترتبة عن تقليص مساحة حضورها في ثقافتنا ومجتمعنا، وهي الآثار التي ساهمت بجوار عوامل أخرى، في عمليات الانتشار السريع للقيم والمبادئ التي عملت الفلسفة عبر تاريخها على نقدها وتجاوزها، نقصد بذلك قيم التطرف في المجتمع والبلاهة في الفكر، وما يرتبط بكل ذلك من صوَّر اللغو والتعصب وأنماط الكراهية.
لا بد من التوضيح هنا، أننا لا نتحدث عن فلسفة بعينها، بل نشير أساساً إلى أهمية الفاعلية النظرية التي رسمها درس الفلسفة في المجتمع وفي التاريخ، حيث تتسع وتتنوع مجالات وحدود درسها، ذلك أن حاضر الفلسفة الكوني منحها وما فتئ يمنحها الطابع الذي أصبحت عليه منذ نهاية القرن العشرين، حيث استقرت في حنايا المعارف المختلفة، وتسربت آليات عملها إلى العديد من المعارف والخطابات، لتؤسس لعملية إعادة انتشارٍ تُوَاصِلُ من خلالها محايتثها لمختلف خطابات المعرفة وفنونها، حيث أصبحت لغة الفلسفة ومفاهيمها تنتعش في العلوم الإنسانية والاجتماعية، ,اصبحت تبتكر لنفسها مفردات ورموز في الفنون والآداب وفي مجال القيم، وكذا في مباحث التقنية ومجتمعات المعرفة، كما تحضر في القانون والسياسة، هذا دون الحديث عن صُوَّر حضورها المؤكد والمتجذِّر، في الرواية والشعر وباقي النصوص المفتوحة، سواء كانت مكتوبة بالكلمات أو بالأشكال والأصوات والصُّور.
وإذا كانت جوانب عديدة في ثقافتنا اليوم، تشير إلى مظاهر انتعاش بعض خطابات التمذهب العرقي والعقائدي، فإن الانتصار لقيم الفلسفة في هذا الظرف بالذات، يُمكِّننا من التمرس بفضائل الانفتاح والحوار وأدوار العقل في التاريخ. ونحن لا نتردد في التنبيه إلى أن مواجهة مفردات الدوغمائيات العديدة التي أصبحت تملأ اليوم كثيراً من خطاباتنا ومواقفنا، في وسائط التواصل الاجتماعي، تستدعي مواصلة الجهود الرامية إلى استئناف توطين القول الفلسفي في ثقافتنا. فلا يعقل أن تظل عقولنا متشبثة بآليات في الفكر، لم تعد ملائمة لمتطلبات الأزمنة الجديدة، دون أن نتمكن من الانخراط الفعَّال في بناء أدواتها في الفهم والعمل، وصناعة أحداثها في التاريخ.
تُعَدُّ حاجة فكرنا وثقافتنا للفلسفة مسألة حيوية، مسألة لا ينبغي تقديم أي تنازلات في موضوعها، فلم يعد هناك أحد يجادل اليوم في ضرورة الاستفادة من الفكر النقدي والفكر التاريخي، فكر النسبية في المعرفة، والحداثة ومواثيق وإجراءات العمل الجماعي الإرادية والواعية في السياسة والأخلاق، وذلك قصد مواجهة مختلف أنماط الفكر الواحد، والرأي الواحد، والعقل الكلي، والنص المطلق والمغلق.
ولعل اكتساب أوليات التفكير الفلسفي المشار إليها آنفاً، بكثير من الاختزال، تُعوِّد الناشئة من الأجيال الجديدة في مجتمعاتنا، على إدراك أهمية التعدد والاختلاف والتسامح، ودور التاريخ في تنويع وتطوير مضمون المبادئ والقيم والعقائد، حيث تصبح دروس الفلسفة، مناسبة لتعويد الذهنيات على مواجهة التفكير المغلق، من أجل فهم القضايا التاريخية والنظرية في تشابكها وترابطها وتعقدها.
إننا نذهب في هذا المجال بالذات أبعد من ذلك، حيث نرى أن دروس الفلسفة الحديثة والمعاصرة، تُمَكِّن في حال تعميم الوعي بمبادئها ومفاهيمها، من دعم الخيارات السياسية الديمقراطية في فضائنا السياسي، ذلك أن سلاح العقل النقدي، لعب في الفلسفة دوراً بارزاً في الدفاع عن السياسة كمجال مستقل، مجال لبناء التوافقات والمواثيق التاريخية، التي تبلورها الإرادات البشرية فيما بينها داخل المجتمع، خدمة لمصالح وأهداف وسياسات معلنة ومحدَّدة.
وإذا كانت المعاينة التاريخية لنوعية الثقافة السائدة في مجتمعاتنا، تؤكد استمرار تغييب ومحاصرة الفلسفة في مدارسنا وجامعاتنا، فإن النتائج المترتِّبة عن ذلك تتمثَّل في أنماط الوعي التي تملأ اليوم إعلامنا، وتنتشر في وسائطنا الاجتماعية وتوجه ناشئتنا، حيث تنتعش كثير من البلاهات وكثير من الأوثان القديمة والجديدة، الأمر الذي يجعلنا لا نستطيع مغادرة حصون التقليد التي تكبل عقولنا وتكمِّم أفواهنا. ونحن نتصوَّر أن الانتعاش الحاصل اليوم، في خطابات العقائد المغلقة في كثير من تجليات ثقافتنا، ناتج في بعض جوانبه عن عمليات الطمس التي ما تزال تمارس على تعليم الفلسفة في مدارسنا وجامعاتنا، ومن هنا فإن الانتصار لدرس الفلسفة وقيَّمها في هذا الظرف بالذات، يتيح للأجيال الجديدة داخل مجتمعنا، التمرس بفضائل الحوار وأدوار العقل في التاريخ.
فلم يعد هناك أحد يجادل اليوم، في الدور التنويري والنقدي للخطاب الفلسفي في التاريخ، والذين شككوا طويلاً في الوظيفة المركزية للفلسفة، في تاريخ الفكر وتاريخ المجتمع، أصبحوا يعرفون اليوم استناداً إلى تجارب ومعطيات التاريخ، الوظائف الكبرى التي يلعبها تعميم الوعي الفلسفي، في تطور الفكر وتحَوُّل عمليات التفكير داخل المجتمع.
محتويات العـدد

*افتتاحية العدد
محور العدد
*مواقف وآراء
1 – ضدّ البلاهة: عبد السلام بنعبد العالي
2 – من الحداثات إلى الحداثة: محمد سبيلا
3 – الإستمرارية والتجاوز، نحو توسيع دائرة القول الفلسفي: كمال عبد اللطيف
4 – العروي ومسألة سوء الفهم الدائم: محمد نور الدين أفاية
5 – الفكر الفلسفي في المجال العربي المعاصر: عادل حدجامي
6 – تفليس الفلسفة وإخصاء البلاغة: محمد العمري
7 – أسئلة الفكر الفلسفي في المغرب: عمر بنعياش

*نصوص مختارة
تقديم
مختارات من أعمال عبد السلام بنعبد العالي
* أبحاث ومقالات
1 – سؤال التغيير في المغرب: كمال عبد اللطيف
2 – النزعة الإنسانية في نقد محمد برادة: أنور المرتجي
3 – دور الإعلام التلفزيوني في إحقاق المساواة بين الجنسين: عمر بنعياش
4 – البطولة الافتراضية في رواية “القناص والقصر”: محمد الداهي

*حـــوار
تقـديـم
حوار مع المرحوم محمد عابد الجابري
في قضايا الفلسفة والسياسة وأدوار المثقفين
*إصــدارات
1 – محمد عزيز الحبابي، الشخصانية والغدية (كتاب جماعي): كمال عبد اللطيف
2 – الفلسفة والتاريخ لعبد الله العروي: أحمد العاقد
3 – انتصاراً لقيم الفلسفة في الجامعة المغربية
شهادات وأبحاث مهداة للأستاذ سالم يفوت (كتاب جماعي) المحرر
*تقارير ومناقشات
1 – نحو توسيع مساحة الفلسفي في الثقافة المغربية في اليوم العالمي للفلسفة
2 – بيان في موضوع تعليم الفلسفة للأطفال الجمعية المغربية لعلم الاجتماع
3 – أربعينية خوان غويتيسولو
العصافير لا تغرد إلا في أعشاشها عبد الصمد الكباص ومحمد مروان.


بتاريخ : 22/04/2019