ذاكرة جدران مراكش .. مشروع فني رزين للفنان التشكيلي المغربي محمد نجاحي

محمد نجاحي فنان تشكيلي مغربي، ابن المدينة الحمراء مراكش، ترعرع في أحضان الصباغة، ارتبط بها وارتبطت به منذ صغره، إذ كان والده وجده يشتغلان بصباغة الصوف في المدينة العتيقة مراكش، وانفرد بهذه العلاقة مع الصباغة ليخوض غمار الفن التشكيلي، واضعا أمامه هواجس منعتقة من كل ما هو مستهلك ومتاح بكثرة.
وقد اختتم أمس الأربعاء 05 يونيو2024 يوم 18ماي2024 معرضه الاستعادي الفردي»ذاكرة جدران مراكش ، بمراكش جليز، والذي انطلق منذ 18ماي 2024 واحتضنه الرواق الأزرق للفن المعاصر بمراكش، وهو فرصة للتعرف على مشروع فني وفكري، اشتغل عليه محمد نجاحي منذ سنة 2007 إلى الآن، اذ ينطلق من رؤية فكرية تؤسس لعمله الفني والإبداعي كرسام. وبهذا الخصوص صرح لجريدة الاتحاد الاشتراكي، أن « افتتاح هذا المعرض عرف حضورا نوعيا من المهتمين بالحقل التشكيلي، عشاقا وفنانين مغاربة وأجانب عبروا جميعا عن إعجابهم بالأعمال المقدمة وبأهمية موضوع «ذاكرة جدران مراكش» باعتباره ذاكرة فردية وجماعية ذات أهمية سوسيوثقافية تترجم تاريخ مدينة».
«ذاكرة جدران مراكش» موضوع مشروع فني، يبسط علاقة الجدران بالإنسان والزمن، ويتتبع أثر الإنسان وأثر الزمن في الجدران. خدوشات، أوراق ممزقة، عبارات وتشقُّقات في لوحاته، تراها حقيقية وكأنها مسروقة من الواقع، إذ هي عمل صباغي ونحتي في الآن نفسه، باستعمال الرمال وعناصر ترابية وتقنيات الكولاج، مما يجعل أعماله مطبوعة بالألوان الترابية، وهذا ما لخصه لي حينما استضفته بالمعهد الذي كنت أدرس به، في لقاء تواصلي هو امتحان تطبيقي في مادة إعداد وتنشيط البرامج الإذاعية، قائلا «هذه التجربة اعتمدت على فكرتين اثنتين، الأولى متعلقة بتلك الكتابات الحائطية والرسومات والخدوشات إلى غير ذلك، كأثر إنساني، والفكرة الثانية مرتبطة بأثر الزمن حينما يؤثر في مادة معينة ويحولها تحولات نحتية».
فنان من الطراز العالي، يتأثر بالإنسان وبالزمن، مثل الجدران، لكنه اختار أن لا يتجلى هذا التأثير إلا في رسوماته، وذلك جلي وواضح من خلال علاقته بالمحيط، الذي ما زال متشبثا به لا يفكر في مغادرته إطلاقا، وأكثر وضوحا حينما تدخل إلى مرسم الفنان بالمدينة القديمة لمراكش، تحديدا بسوق الصباغين وهو سوق تاريخي لعرض منتوجات صباغة الصوف والنسيج، تدخل في مساحة صغيرة وكأنك تسافر عبر الزمان والمكان، تملأك اللوحات بذكريات من الماضي، وبحنين للمكان الذي نشأت فيه.
وفي مقال للفنان فريد تريكي حول محمد نجاحي، اعتُمد كتقديم للفنان في هذا المعرض؛ كتب، «يتيح نجاحي لنفسه فرصة للهدوء من خلال ارتباطه العميق بمحيطه؛ حيث ولد، وحيث نشأ، والذي لا يتوقف عن مرافقته. إن عينه كفنان بصري مفتونة أولاً وقبل كل شيء؛ بالألوان والطبقات الطبيعية للأرض، المساهمة في بناء الأسوار التاريخية المهيبة للمدينة «المغرة»».
تفرغ محمد نجاحي إلى ميولاته الفنية، حاسما في مسألة الوظيفة أو غيرها، متمسكا بما هو أثمن بكثير بالنسبة له؛ وهو الالتحاق بدروب الاحتراف في الفن التشكيلي العالمي، ولتفرغه هذا فضل كبير في تحقيق مراده، بعد مراحل وتجارب كانت صعبة لكن إيجابية في سلبياتها، وكانت سببا في ملامسة الحرية. هكذا يكون الفنان حرا ومغامرا ومفكرا ومبدعا ومرتبط ابواقعه كل الارتباط، ومهتما بمشاغله وأوضاعه.


الكاتب : أيمن سلام

  

بتاريخ : 06/06/2024