ذاكرة للرمال

في كُلِّ نَخْلَةٍ،
هُنا،
أَوْ هُناكَ في جِهاتِ الْأَرْضِ،
ذاكِرَةٌ لِلرِّمالِ،
بَدْءًا بِالرُّبْعِ الْخالي،
شَرْقًا،
وَانْتِهاءً،
غَرْبًا،
بِالصَّحْراءِ الْكُبْرى.

في كُلِّ سَعْفَةٍ،
أَوْ بَذْرَةٍ مَدٌّ،
حَدَّ الْعَمى،
لِرحابَةِ الْمَدى.

النَّخْلَةُ، الَّتي هُجِّرَتْ، وَاسْتُنْبِتَتْ هُناكَ في الشَّمالِ، زينَةً، في النَّرْويجِ، عَلى سَبيلِ التَّمْثيلِ، في هذا النَّهْجِ الْبَهيجِ، أَوْ تِلْكَ الْحَديقَةِ الْيانِعَةِ الْأَنيقَةِ، لاشَكَّ أَنَّ عُلَماءَ النَّباتِ، وَالاسْتِنْباتِ، أَخْضَعوا، بِما يَكْفي، الشُّتولَ لِلْفُحوصِ في الْمَشْتَلِ/ الْمُخْتَبَرِ، وَلَقَّحوها ضِدَّ نَزْلاتِ الْبَرْدِ الْقاسِيَّةِ الْحادَّةِ حَدَّ الْمَوْتِ والذُّبولِ. كلُّ تِلْكَ الْأَمْصالِ وَالِّلقاحاتِ كَيْ تَتَحَمَّلَ هذهِ الصَّحْراوِيَّةُ الْجَميلَةُ النَّبيلةُ الْكَريمَةُ لَياليَ شِتاءٍ طَويلٍ، راعِدٍ وَمُرْعِدٍ، وَثُلوجًا تراكَمَتْ، وَامْتَدَّتْ حَتّى صارَتْ بَيْداءَ بَيْضاءَ، كَيْ تَتَحَمَّلَ أَيْضًا عَذاباتِ أُفولٍ لِشَمْسٍ هاجَرتْ، هِيَ الْأُخْرى، أَقاصي صَقيعِ الشَّمال، كَيْ تُشْرقَ وَهّاجَةً، في الْجَنوبِ. هذا الْأَخيرُ الْكَثيرُ بِدِفْءِ الْواحاتِ الْخَصيبَةِ، وَمَوَدّاتِ الرَّحيلِ الْمُتَنَقِّلِ، عَلى جَناحِ السَّلامَةِ، إِلى جِهاتٍ مُريحَةٍ اِخْتارَتْ أَنْ تَكونَ مُقيمَةً في الْمَنابِعِ الْعُلْيا لِلرّوحِ.


الكاتب : محمد بوجبري

  

بتاريخ : 23/04/2021

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

«هَل أنا ابْنُكَ يا أبي؟» مجموعة قصصية جديدة   «هَل أنا ابْنُكَ يا أبي؟»هي المجموعة القصصية الثالثة لمحمد برادة، بعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *