رحلة مكوكية للمنصوري وحموشي لبحث الملفات الأمنية العالقة بين الرباط وروما

 

احتضنت العاصمة الإيطالية روما، يوم الاثنين الماضي، لقاء رفيع المستوى خصص لبحث التعاون الأمني بين المغرب وإيطاليا، بمشاركة مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين مغاربة، إلى جانب مسؤولين إيطاليين سياسيين وأمنيين من المستوى الرفيع، يروم رسم الآفاق المستقبلية للتعاون الأمني الإيطالي المغربي، بالإضافة إلى تحديد الخطوط العامة للتعاون بين روما والرباط.
وكشفت مصادر دبلوماسية مغربية في العاصمة روما أن وفدا مغربيا يضم المدير العام للدراسات والمستندات محمد ياسين المنصوري والمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، أجرى، الاثنين الماضي بروما، مباحثات مع مسؤولين إيطاليين سياسيين وأمنيين رفيعي المستوى التي ماهي إلا تأكيد على الانخراط الراسخ لمصالح الأمن المغربية في منظومة التعاون الأمني الدولي.
وتأتي هذه الزيارة المكوكية للمسؤولين الأمنيين المغاربة إلى العاصمة الإيطالية روما، التي رافقهم فيها مساعدون أمنيون مغاربة متخصصون في قضايا مكافحة الإرهاب والتجسس، عشية تشكيل حكومة جديدة في إيطاليا وضعت حدا لأزمة سياسية استغرقت شهرا تسبب بها ماتيو سالفيني، زعيم رابطة اليمين المتطرف، وجاءت في إطار توازن دقيق بين «حركة خمس نجوم» والاشتراكيين الديموقراطيين العائدين إلى السلطة.
كما تأتي بعد شهور من زيارة البابا فرنسيس للمغرب، بعد 34 عاما من تلك التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني، التي شكلت رسالة سلام وأمل إلى عالم يبحث عن معالمه، ويعرف تحولا أكثر من أي وقت مضى، حيث إن النزاعات والمواجهات العنيفة، التي ترتكب باسم الدين، تؤثث يوميا المشهد الإعلامي، في وقت يكافح فيه صوت الحكمة من أجل إيجاد موطئ قدم له.
وشكل خطاب القائدين الدينيين الكبيرين أمير المؤمنين محمد السادس والحبر الأعظم البابا فرنسيس، بباحة مسجد حسان الرمزي، درسا للعالم بأسره في قيم السلام والوئام بين بني البشر، وأكدا عمليا أن الحوار والتقارب هما الوسيلتان الناجعتان لمواجهة تحدي التطرف والكراهية والانقسامات والدمار.
كما اكتست هذه الرسالة حمولة رمزية كبيرة، على اعتبار المكانة التي تحتلها الرباط، تاريخيا، كمدينة منفتحة للقاء والتلاقح بين أتباع الديانات التوحيدية، واحتلت صدارة المشهد الدولي كعاصمة عالمية للحوار بين الأديان بعد الرسالة التي أطلقها أمير المؤمنين محمد السادس والحبر الأعظم البابا فرنسيس، تعطي لأبعاد الحوار والسلام معانٍ إنسانية عميقة.
ولعل مكافحة الجريمة الإرهابية ذات الامتدادات الدولية، في ظل وضع إقليمي مضطرب نخرته هذه الآفة وأتت على أمنه واستقراره، من بين أبرز ملفات التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية المغربية والإيطالية، التي سبق وأكد عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن العلاقات التي تجمعه بين هذه الأجهزة «ممتازة»، و»يجب علينا تعزيزها أكثر» بالنظر للمخاطر الناجمة عن هذا التهديد الإرهابي الذي يتربص بالجميع.
والرباط شديدة الحرص على ضرورة مواصلة التعاون الأمني بين أجهزة الاستخبارات المغربية والإيطالية وعلى تطويرها عبر تقاسم الخبرات وتبادل المعلومات، كما هو الشأن في البلدان الأوروبية من قبيل إسبانيا، فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا، حيث تعيش جالية مغربية مهمة تحمل الجنسية المزدوجة، من بينهم شباب تورطوا في هجمات إرهابية في أوروبا وفي بؤر التوتر في بلدان عربية.
وتعيش بالديار الإيطالية جالية مغربية مهمة، تعتبر أول جالية أجنبية من خارج أوروبا في إيطاليا، تفرض وجود تعاون وطيد مابين الأجهزة الأمنية المغربية والإيطالية، مما يجعل ملفات من قبيل التعاون في مجال مكافحة الهجرة السرية والجريمة المنظمة ومكافحة تزوير الوثائق والمستندات والتطرف الديني ملفات ذات أولوية بين روما والرباط، التي تتمتع أجهزتها الأمنية بيقظة مستمرة عادة ما تستمر في درجاتها القصوى، ومن خلال ضرباتها الاستباقية التي جنبت المغرب حمامات دم.
وقد تدهورت صورة الجالية المغربية خلال السنوات الأخيرة متأثرة بأزمة اللاجئين وكذا تشكيل حكومة ائتلافية شعوبية يمينية متطرفة في ربيع العام 2018- شغل فيها ماتيو سالفيني زعيم رابطة اليمين المتطرف منصب وزير الداخلية – جعلت من الجالية المغربية كبش فداء، إذ بسبب السياسات المناهضة للمهاجرين والجالية المسلمة تم فرض مجموعة من القواعد التي تهدف إلى تنظيم ومراقبة المسلمين ودور العبادة في البلاد، كآلية لمكافحة التطرف وخطاب الكراهية ضد الإيطاليين.


الكاتب : يوسف هناني

  

بتاريخ : 06/09/2019