انتقل الى عفو الله أول أمس الخميس،، الباحث المغربي المهتم بتراجم أعلام الغرب الإسلامي، ومحافظ الخزانة العامة للكتب والوثائق وعالم الاندلسيات محمد بن شريفة في الرباط.
وكان الفقيد قد اتخذ من تراجم الأعلام وسيلة لترسيخ هوية الغرب الإسلامي، وحضوره في معترك الحضارة الإسلامية بصورة فعالة، كما اتخذها وسيلة لضبط حركية تاريخ هذا الجناح من الغرب الإسلامي، بعد إحساسه بتقصير المغاربة في التعريف بأعلامهم، حيث لاحظ وهو يهيئ رسالته حول ابن عميرة أن الآداب المغربية ، لم تحظ إلا بالنـزر اليسير من جهود الباحثين، كم لاحظ أن الأدب الأندلسي لا يزال يفتقر إلى العناية، وأن الدراسات عن أعلام هذا الأدب ظلت « مقصورة على طائفة مشهورة… بينما بقيت شخصيات أدبية جديرة بالدراسة في حاجة إلى من يعنى بها.
الراحل كان عضوا في أكاديمية المملكة المغربية منذ تأسيسها، ومقرر لجنة التراث فيها، وعضوا بالأكاديمية الملكية للتاريخ في إسبانيا، وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق.
يذكر الراحل بن شريفة أن ابن عبد الملك المراكشي، المتوفى سنة 703 هجرية ، عاب على المغاربة إهمالهم وتقصيرهم في تأريخ أعلامهم. كما لاحظ أن الحياة الأدبية بالمغرب ظلت على هامش الحياة الفكرية، مما نتج عنه ضياع لأخبار أدبائه وآثارهم. وقد شعر بن شريفة بهول هذا التقصير عند المغاربة في التعريف بأعلامهم، فقام بهذا العبء، وكابده تحقيقا وتأليفا طيلة حياته العلمية الماضية. وكان يؤمن بأن أهل المغرب هم أقدر من غيرهم على تذوق أدب الغرب الإسلامي، وأن التراث الأندلسي تراث عربي مشترك، ومحسوب على المغرب وراجع إليه، وإن كثيرا من أعلامه هم من أصول مغربية؛ من أجل هذا كله بقول بن شريفة أن بلاد المغرب « تحمل العبء الأكبر في إحياء هذا التراث».
وتميز الباحث محمد بن شريفة بمهارة تشهد له بالاطلاع الواسع، والمعاشرة الدائمة للمخطوطات، وقدرته الفائقة على قراءة النصوص واستنطاقها، وكيفية الاستفادة منها في إجلاء ملامح الشخصيات. وومهما كانت الأخبار شحيحة، فإنه يحاصرها بتساؤلاته، ويخضعها لآلياته الاستكشافية، فيستخلص منها إفادات تفتح آفاقا للبحث.
له عدة مؤلفات وتحقيقات قيمة تعكس أسلوبه في البحث والإستقصاء منها : «أبو المطرف أحمد بن عميرة المخزومي»، حياته ٬وآثاره،» و»أمثال العوام في الأندلس»، أما تحقيقاته فتشمل : «الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي»، و»ترتيب المدارك للقاضي عياض»، والتعريف بالقاضي عياض لمحمد ولد القاضي عياض، و»طرفة الظريف في أهل الجزيرة وطريف» للمازوزي، و»روضة الأديب في التفضيل بين المتنبي وحبيب، لابن لبال الشريشي وديوان ابن مركون» وغيرها.
فاز الراحل بجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي (بالاشتراك)، عن دراسته التي تناولت الأدب العربي في الأندلس. عام 1408هـ\1988، وجائزة المغرب الكبرى عن دراسته أبو تمام وأبو الطيب في أدب المغاربة سنة 1987.
رحيل الباحث وعالم الأندلسيات محمد بن شريفة

بتاريخ : 24/11/2018