رسائل الإمارات: 3 – مساجد الإمارات

تعتبر المساجد في دولة الإمارات العربية المتحدة قديمها وحديثها منارات ثقافية وحضارية تعكس صورة مشرقة عن التعايش والإخاء السائد في المجتمع. وتسهم بشكل ملحوظ في تعزيز رسالة التسامح ومد جسور التقارب بين مختلف الثقافات والشعوب حول العالم. وتجسد المساجد التاريخية القديمة مثل مسجد الشيخ زايد في الفجيرة، ومسجد الجامع في دبي، ومسجد الفتح في رأس الخيمة، ومسجد البدية في الفجيرة، نماذج حضارية متفردة. فهي إلى جانب تميزها بالتصاميم البسيطة التي تعتمد على المواد المحلية مثل الحجر والطين، فقد كان لها دور كبير في الحياة الدينية والاجتماعية في الإمارات قبل النهضة العمرانية الحديثة. إن تميز تصاميمها المعمارية التقليدية الأصيلة تعكس بالتأكيد الطابع الإسلامي القديم. وهو تميز يجعل منها جزءا مهما من تاريخ وثقافة هذه المنطقة العربية الأصيلة.
ويعد مسجد الشيخ زايد في إمارة الفجيرة من أقدم المساجد في الإمارات، حيث يعود تاريخه إلى ما قبل قيام الاتحاد. ويتميز بتصميمه البسيط والطراز التقليدي. أما مسجد الجامع فيقع في منطقة الفهيدي القديمة (البر دبي)، وهو من المساجد التي تمثل العمارة الإسلامية التقليدية، وقد تم ترميمه ليظل يحافظ على طابعه التاريخي. ويعد مسجد الفتح الذي تم بناؤه في أواخر القرن التاسع عشر من أقدم المساجد في إمارة رأس الخيمة وهي نفس الحقبة التي بني فيها مسجد البدية في الفجيرة. وهما من أقدم المساجد في دولة الإمارات، وقد تم بناؤهما في القرن 15 ميلادي. ويتميزان بتصميمهما البسيط، وهما من أهم المعالم التاريخية في الإمارات. أما مسجد الرفاعة فُيعتبر من أقدم المساجد في أبو ظبي وكان مركزاً دينياً مهماً في المنطقة قبل تطور المدينة الحديثة.
وتولي الإمارات عناية كبيرة لبناء المساجد وضمان تطويرها وتحديثها المستمر، حيث يشير تقرير صادر عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء إلى ارتفاع عدد المساجد من 6747 في عام 2017 إلى 9083 مسجدا في عام 2019 وبنسبة 34،6 بالمئة. وأوضحت الهيئة أن 41% من المساجد في الدولة أنشأها الأهالي، فيما أنشأت «الأوقاف» 26،8 بالمئة من هذه المساجد، والبقية أنشأتها جهات أخرى.
ولفت التقرير ذاته إلى أن أكبر عدد من المساجد في الدولة يوجد في إمارة الشارقة بـ 2723 مسجداً، تليها إمارة أبو ظبي بـ 2331 مسجدا، ثم إمارة دبي بـ 2166 مسجدا، ثم إمارة رأس الخيمة بـ 1042، تليها إمارة الفجيرة بـ 318 مسجدا، ثم إمارة عجمان بـ 316 مسجدا، ثم أم القيوين بـ 187 مسجدا. وإلى جانب دورها الديني.. تؤدي المساجد في دولة الإمارات رسالة حضارية تدعو للتعايش والتسامح والانفتاح على الآخرين خاصة مع تحول عدد كبير منها إلى معالم سياحية مصنفة كأبرز الأيقونات الجمالية في العصر الحديث، الأمر الذي جعلها مقصدا للزوار القادمين من جميع دول العالم ومن مختلف الديانات والأعراق. ويعد جامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي أكثر المساجد المعاصرة روعة وسحراً في العالم، وقد تم بناؤه بتوجيهات من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ليكون معلما يحتفي بالحضارة الإسلامية ومركزا بارزا لعلوم الدين الإسلامي.
ويتميز المسجد بمجموعة من الصفات المعمارية التي تجعله من أروع التحف المعمارية على مستوى العالم، إذ تبلغ مساحته الإجمالية 22,412 متراً مربعاً ليكون بذلك من أكبر مساجد العالم، كما يضم المسجد 82 قبة، وتعدّ القبة الرئيسية أكبر قبة مسجد في العالم ويبلغ ارتفاعها 85 متراً وقطرها 32,8 متر.ويحتوي الجامع على 1,096 عموداً في المنطقة الخارجية و96 عمودافي القاعة الرئيسية للصلاة التي تتضمن أكثر من 2,000 لوح رخام مصنوعة يدوياً، وغطيت بأحجار شبه كريمة تضم «لابيس لازولي» وعقيقاً أحمر وحجر أميثيست، فيما استخدم في منطقة المحراب ذهب من عيار 24 قيراطاً وأوراقاً ذهبية وزجاجاً وفسيفساء.

 


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 05/03/2025