انطلق موسم الصيف، وبدأت معه مجددا موجة تعبير قاطني المدن الساحلية وزوارها عن تذمرهم من «حراس السيارات» بالشارع العام، الذين يحاصرون المركبات وهي تهم بالمغادرة طلبا لإتاوة يعتبرها المعنيون مقابلا ماديا لعملية ركن السيارات، ويطالبون بمبالغ قد تتراوح ما بين 20 و30 درهما، جراء ما يدّعون بأنه حراسة لها لساعتين أو 3 ساعات، رغم أن المواطنين يشددون على أن هذه المطالبة التي تتخذ طابعا تهديديا في أكثر من مرة «لا أساس لها» وبأنها غير قانونية، بما أن الشارع هو ملك عام.
ويتقاسم العديد من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال مختلف المنابر الإعلامية، وفي مجالسهم الخاصة والعامة، الأخبار والمشاهد المتعلقة بـ «الحوادث اليومية» و «الصدامات» التي تحدث مع أصحاب «السترات الصفراء والزرقاء» وغيرها، فيعبّرون عما يصفونه بـ «المعاناة» بسبب هذا الوضع، الذي تعرض خلاله العديد من أصحاب السيارات لعنف لفظي أو جسدي، خاصة بالنسبة للنساء، وقد يتطور الأمر أحيانا إلى تخريب السيارة، فيصبح تدخل المصالح الأمنية في مثل هذه الحالات ضرورة لتوثيق مع وقع ومن أجل متابعة المعتدين، الذين قد يلوذ الكثير منهم بالفرار بعد أن يصبح الأمر أكثر توترا؟
وعلاقة بالموضوع، ومن أجل التقليص من حدة التوتر بين المواطنين وبين «حراس السيارات» الذين يتشبث الكثير منهم بحقهم في أخذ مقابل مادي عن ركن السيارات والدراجات بداعي توفرهم على رخص تلقوها بعد تسديد واجب الكراء للجماعة، بادرت عدد من الجماعات الترابية إلى نصب لافتات ويافطات يشير بعضها إلى أن التوقف هو مجاني، في حين أن أخرى حددت مقابلا ماديا لا يجب المطالبة بأكثر منه، لكن ورغم هذه الخطوة، فإن عددا من الحراس لايزالون مصرين على استخلاص «الإتاوات» عن التوقف، كما هو الحال بالنسبة للمحمدية، وهو ما لاحظته «الاتحاد الاشتراكي» في جولة بالمدينة، وتحديدا على مستوى ساحة الأمير مولاي الحسن المعروفة بـ «البارك»، وبالقرب من الشواطئ التي تسجّل توافد الكثير من المصطافين، وغير بعيد عن «جوطية العالية»، حيث لوحظ انتشار لافتات بأحجام وأشكال مختلفة، جرى تثبيتها بأماكن عديدة ومتفرقة لضمان وصول الخبر إلى أكبر عدد من مستعملي السيارات. لافتات باتت حاضرة في كل أزقة وشوارع المدينة، لكن ومع ذلك فقد وجد عدد من السكان والزوار، الذين باتوا يقصدون شواطئ المدينة، ومن بينها شاطئ المركز، و»صابليط» و «لسيسطا» للاستجمام بفعل ارتفاع درجة الحرارة، أنفسهم مضطرين لدفع خمسة أو عشرة دراهم لحراس السيارات مقابل عملية الركن، وهو الأمر الذي جعل البعض منهم يدخل في مناوشات معهم.
وجدير بالذكر أن حملة واسعة، سبق وأن شنّها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت قد رفعت شعار»ما تحضيش طوموبيلتي» من أجل التحسيس بعدم قانونية الاستخلاص الذي يفرضه «أصحاب السترات الصفراء» على أصحاب السيارات في الشارع العام، وتسببت في الكثير من المناوشات، لكن ورغم ذلك فإن الشارع العام يواصل احتضانه لمشاهد المواجهات بين الطرفين في أكثر من مكان، خاصة وأن الكثيرين يطالبون بمبالغ مالية عن توقف لمدة دقائق من أجل تبضع سريع في كثير من الحالات، الأمر الذي يعتبره أرباب السيارات سعيا لربح غير مشروع ويصنفونه في خانة الجشع، مما يجعل الكثيرين يطالبون بمراقبة وتدخل الشرطة الإدارية، والسلطات المحلية، والمصالح الأمنية، وتجنيب المواطنين مثل هذه الوضعيات وتبعاتها المفتوحة على كل الاحتمالات؟
وعلاقة بالموضوع، سبق وأن نشر أحد النشطاء على مجموعة «فيسبوكية» معروفة، الشهر الماضي صورا لتكسير زجاج سيارات كانت مركونة بمنطقة «لسيسطا» التي تقع قرب شاطئ «الصابليط» بالمحمدية من طرف مجهول، ولم يقم «حراس السيارات» هناك بأي تدخل لمنعه والحيلولة دون مواصلته لتخريب ممتلكات الغير، وفقا للشهادات التي تم تقاسمها، وهو ما يجعل أصحاب السيارات يؤكدون على أن مسألة «الحراسة» هي «شكلية» لا غير ولا تضمن حماية سياراتهم، وبالتالي لا يمكنهم تسديد مقابل عن خدمة غير مقدّمة.
وفي سياق ذي صلة، سبق للمركز المغربي للمواطنة أن نشر دراسة خلصت إلى أن مضايقات حرّاس السيارات هي الممارسة الأكثر إزعاجا للمواطنين في الفضاءات العمومية بنسبة 17,2 في المئة، يليها رمي الأزبال في الأماكن غير المخصصة لها بنسبة 16.5 في المئة، ثم احتلال الملك العمومي بنسبة 9,14 في المئة، فاستعمال الألفاظ النابية في الأماكن العمومية، والتحرش بالنساء، في حين أن مضايقات المتسولين والتدخين في الأماكن العمومية يأتيان في المرتبتين السادسة والسابعة.
*صحافي متدرب