يتواصل تسجيل الوفيات الناجمة عن الإصابة بمرض الحصبة المعروف بـ “بوحمرون”، إذ تسبب الداء مؤخرا في وفاة سبعة أطفال وسيدة بمنطقة شيشاوة، وفقا لما تم تداوله في هذا الإطار، الأمر الذي جعل عددا من الفاعلين المدنيين والمهتمين بالشأن الصحي في المنطقة يعبرون عن قلقهم وتخوفهم من أن تظهر بؤر جديدة وأن يرتفع عدد ضحايا المرض، رغم ما سبق وأن أعلنت عنه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من اتخاذها لمجموعة من التدابير والإجراءات الاستعجالية لإطلاق حملة تلقيح استدراكية بعد أولى وبدار ظهور المرض وتسجيل بؤر في سوس.
وعبّر عدد من الفاعلين الجمعويين في تصريحات لـ “الاتحاد الاشتراكي”، عن قلقهم من أن يتسبب “بوحمرون” في فواجع جديدة، بالنظر إلى أنه رغم التطمينات الرسمية التي سبق وأن قدمتها مصالح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية التي تؤكد تجنيد أطقمها ومواردها البشرية واللوجستيكية لمواجهة المرض، فإن الداء ومع مرور الأيام تبين على أنه يواصل الفتك بضحاياه، إذ في كل مرة يتم تسجيل وفاة جديدة، الأمر الذي بات يبعث على التخوف ويدعو إلى مواجهة حازمة للمرض الذي عاد بقوة، في الوقت الذي قطعت بلادنا أشواطا مهمة في مواجهته، شأنه في ذلك شأن عدد من الأمراض الأخرى، بفضل البرنامج الوطني للتلقيح.
وتعليقا على الموضوع، أكد الدكتور مولاي سعيد عفيف، رئيس الفيدرالية الوطنية للصحة أن صعوبة بوحمرون تكمن في أن شخصا واحدا يمكنه أن ينشر العدوى على نطاق واسع بشكل يجعله يتسبب في إصابة ما بين 12 و 18 شخصا بالمرض، وهو ما يبين مستويات وحجم انتشاره، وبالتالي يدعو إلى التعامل معه بكل جدية، مشددا على أن فرملة تفشي المرض تتطلب بلوغ تغطية تلقيحية تصل نسبتها إلى 95 في المائة فما فوق.
وأوضح الخبير الطبي في أمراض الرضع والأطفال واللقاحات أن ما تسبب في ظهور المرض في بداية عودته وانتشاره في بلادنا على مستوى جهة سوس، كون مجموعة من المواطنين خلال الجائحة الوبائية لكوفيد 19 وما بعدها أحجموا عن تلقيح أطفالهم، إما بسبب الوباء آنذاك وخوفا من الإصابة بالعدوى، أو لكونهم اعتقدوا بأن موعد أخذ اللقاح قد فات وبالتالي فإنه لم يعد مفيدا أو لأسباب أخرى، مما أدى إلى ظهور مجدد للمرض.
وشدد الدكتور عفيف، وهو رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، في تصريحه للجريدة، على أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال الاستغناء عن اللقاحات المدرجة في البرنامج الوطني للتلقيح لأهميتها في مواجهة مختلف الأمراض، وضمنها مرض بوحمرون، مؤكدا على ضرورة تلقيح الرضع والأطفال بكل جرعاته، كما أنه يمكن التوجه للعيادات للحصول على الجرعات التذكيرية، ومنح الجسم مناعة واسعة ضد كل ما يهدد الصحة العامة. وأبرز عفيف أن اللقاح ضد الحصبة هو من بين اللقاحات التي يجب أن يحصل الملقّح به على جرعتين، تمنح الأولى بعد تسعة أشهر من ازدياد المولود ثم الجرعة الثانية بعد ثمانية عشرة شهرا.