رغم سياسة تخفيض أسعارها : أدوية الأمراض الثقيلة المستوردة تثقل كاهل المرضى والولوج إلى الدواء الجنيس لا يزال متعثرا

 

لم تحافظ الصناعة الدوائية في المغرب على مؤشراتها المتقدمة إذ تراجعت في تصنيع الدواء محليا من 80 إلى 70 في المئة، في الوقت الذي كان ينتظر فيه الكثير من الفاعلين التقدم أكثر، من أجل تأمين حاجيات المواطنين والمواطنات من الدواء، فضلا عن مواصلة عملية التصدير صوب وجهات مختلفة، على رأسها دول القارة الإفريقية وأوروبا وغيرها.
ويعتبر الولوج إلى الأدوية إحدى معضلات المنظومة الصحية، إذ بالرغم من سنّ سياسة لتخفيض أثمنتها منذ سنة 2014، وفقا لتصريح الدكتور الصيدلاني مصطفى التهامي، إلا أن ذلك لم ينعكس على قيمة إنفاق المغاربة على الدواء، الذي لا يتجاوز معدله السنوي 400 درهم للفرد الواحد، وهو ما يؤكد أنه وإن كانت تلك التخفيضات مهمة في بعض الأدوية، إلا أنها كانت طفيفة في أخرى، ولم تشمل الأدوية المستوردة من الخارج التي تخصّ الأمراض الثقيلة والمكلّفة. وشدّد الفاعل الصحي في تصريحه لـ “الاتحاد الاشتراكي”، على أن تجاوز هذا العطب يكمن في التشجيع على ولوج الدواء الجنيس، الذي يشكل الإقبال عليه نسبة 35 في المئة من مجموع الأدوية التي يتم صرفها في الصيدليات، لكن على أن يتم تصنيع أدوية جنيسة لتلك التي تعتبر مكلّفة وباهظة عوض الاقتصار على تكرار تصنيع أدوية متداولة وموجودة بوفرة، لأن من شأن ذلك “إغراق” الصيدليات بها والبقاء في الرفوف بعد انتهاء مدة صلاحيتها ما دام عرضها يفوق الطلب عليها، وبالتالي لن تكون ذات جدوى بالنسبة للمرضى، مشددا في هذا الصدد على ضرورة تشجيع المختبرات المحلية على تصنيع الأدوية المستوردة تحديدا حتى يتم توفيرها للمرضى بأثمنة تراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
وأبرز الدكتور مصطفى، أن الفرق بين الدواء المصنّع محليا والمستورد يكون شاسعا على مستوى الكلفة، مستدلا بمثال يخص مرض الصرع، مبرزا في هذا الصدد أن دواء محليا تم تخفيض سعره من 194 إلى 113 درهما، في حين أن دواء آخر يصنّع في الخارج كان ثمنه 666 أصبح 661 درهما، أي أن التخفيض همّ 5 دراهم، وبالتالي فالفرق الذي يؤديه المريض يكون كبيرا، وهو ما يتضح أكثر حين يتم منح وصفة طبية لمريض تتضمن دواءين اثنين جنيسين أو مصنعين محليا إلى جانب دواء ثالث مستورد، هذا الأخير قد يشكّل 50 أو 70 في المئة من كلفة الوصفة ماديا، ويتحمّلها المريض، خاصة الذي ليس له تغطية صحية، وهو ما يدعو أيضا، حين الحديث عن هذه الأخيرة، إلى أن يكون المريض محورها دون غيره.
وكان العديد من الصيادلة قد دعوا الحكومة عامة والوزارة الوصية على القطاع خاصة في مناسبات عدّة، إلى تفعيل الالتزامات التي تم التعهد بها رسميا قبل الشروع في تخفيض أثمنة الدواء في المغرب، مشددين على تضرر القطاع وعدم استفادة المغاربة بكيفية واضحة وملموسة من الخطوات التي تم تسطيرها، حيث تم تجميد التدابير التي قيل إنها سترافق هذا الورش، وهو ما جعل الكثيرين يعانون من صعوبات وضائقات متعددة، ويجدون أنفسهم وسط دوامة من الديون التي يتخبطون فيها والتي بقيت بالنسبة للبعض دون مخرج، خاصة الذين فارقوا الحياة خلال مواجهة الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19.
ويؤكد المنتسبون إلى القطاع الصيدلاني أن تعميم التغطية الصحية يشكل المدخل الأساسي لعلاج الأعطاب، مشددين على ضرورة انخراط الجميع من أجل إنجاح ورش الحماية الاجتماعية الملكي وتنزيله تنزيلا سليما، خاصة في الشق الصحي، بما يضمن ولوجا سلسا للجميع للعلاج دون تمييز، ويحفظ كرامة المهنيين العاملين في المجال، من مختلف المواقع.


الكاتب : مبارك وحيد

  

بتاريخ : 07/12/2021