رنين الأشكال والألوان في لوحات الفنان التشكيلي عبد العزيز الغراز التجريدية

 

مرة أخرى يبصم الفنان التشكيلي المغربي عبد العزيز الغراز،ابن مدينة أكادير،على حضور متميز، بجديده في مجال الفن التشكيلي، من خلال لوحاته التجريدية رحل بنا في عوالم ممتدة لا حدود لها من الخيال والحلم بطريقة إبداعية تأسر كل ناظر متمعن في لوحاته المعروضة.
فبعد معارضه السابقة «رقصة الألوان» ثم «التيه»و «وفرة»،يعرض الفنان عبد العزيز الغراز جديد أعماله الفنية هذه المرة بالرباط تحت عنوان «رنين Résonance «،وذلك في الفترة الممتدة مابين18 دجنبر 2018 و31 منه ،برواق محمد الفاسي.
ويضم معرض»رنين» ستة وعشرين عملا فنيا، بأسلوب يبرزفيه البحث التشكيلي الدءوب لعبد العزيز الغراز عن جمالية تجريدية مميزة في اللون والشكل بأسلوب جديد ينتسب في عمومه إلى التجريدية الغنائية، بحيث يصعب في البداية تصنيفه بين اللون الغنائي والتجريدي الهندسي.
ويلاحظ الزائر لهذا المعرض الفني أن لوحات الفنان الجديدة تحاول مد الجسوربين التقليدين في اللون والشكل وتبحث عن تخوم الجمال المجرد بينهما،في عملية تركيبية بصم من خلالها الغراز عن إبداع خالص يتوخى التيه بزوار المعرض في عوالمه الساحرة.
ويكمن السر في جاذبية اللوحات من خلال محاولة الفنان القبض على جمالية اللون والشكل والتركيب في لوحاته، مما جعلها تتألف من»مساحات لونية منتظمة في أشكال رباعية أوخطوط عريضة متوازية، في تناغم تام مع مساحات أخرى انسيابية متدفقة ومجردة من كل شكل هندسي».
ويبدو الشكل عند الغراز»ليس مجرد شكل هندسي جامد بل إنه شكل مشحون بالعاطفة، وبقدرما يكون متزنا ومنتظما إلى جانب كتل ومساحات لونية أخرى،بحيث يتموقع في الفضاء ويعلن حريته وانعتاقه».
وعند التأمل جليا في اللوحات يعطينا الفنان بهذا الأسلوب المعتمد في اللوحات بأن الشكل يرن ويتراقص ليعانق الألوان والكتل والخطوط في حركة لا تخلو من نغم وإيقاع هادئ وانسيابي لا حدود له.
لذلك فقوة هذا الفنان الشاب المبدع تكمن أساسا في خلق أسلوب تركيبي يتميز بنوع من»التسامح مع الشكل في قلب التجريدية الغنائية مانحا للألوان فرصة العودة إلى جسدها بعد أن كانت سائرة نحو التلاشي والانصهارفي المطلق».
والخلاصة التي انتهينا منها،بعد التمعن جيدا في هذه اللوحات الفنية الغنية بالدلالات والرموز،أن الفنان عبد العزيزالغراز،استطاع في سلسلة «رنين»أن يصالح بين المجرد المطلق والمجرد المجسم في لحظة بهية وأخاذة تنسينا الفوارق والتصنيفات والأحكام المدرسية القبلية.
كما بقي وفيا دائما للغة البصرية التجريدية التي ليس فيها أية إحالة مرجعية إلى عالم الأشياء والظواهر الجاهزة،لكونها لغة متحررة كليا من السرد،لغة تتوخى اكتشافا سخيا للذات وللوجدان معا،وتأسر الناظر والمشاهد والقارئ للوحات،بحيث يتخيل نفسه أمام مرآة وليس لوحة عاكسة،بل مرآة تدمجه في عالم الفنان وتَسِمُه بميسمه.
إنه باختصار،معرض غني يجعلنا نبصر الجميل في مطلقه،ليكون» معبرا نحو الحقيقة ويفسح المجال للعين لكي تخترق عوالم التناغم والتسامح مع الذات والطبيعة والعالم».
ونختم بعبارة دالة من تصريحات الفنان التشكيلي عبد العزيز الغراز، مفادها أن الأعمال الجديدة المعروضة هي «بمثابة حضور بين صور الذات وهي تبحث عن الحقيقة المجردة والتي لم نجدها في عالم الأشياء».
ويقول»نكون بين صور الحقيقة وهي تتكرروفي تكرراها تتعدد وتختلف بتعبيرجيل دلوز،وإن كنا نعلم أن ما نراه لا دلالة قبلية له وليس حقيقيا، يقول بيكاسو نعرف جميعاً أن الفن ليس حقيقة… إنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة».


الكاتب :  عبد اللطيف الكامل

  

بتاريخ : 31/12/2018