سيبحر معنا القارئ من خلال هاته الحلقات في ملفات تتسم بالرعب جراء أفعال إجرامية قام بها متهمون أدانهم القضاء نهائيا بأحكام تتراوح مابين الإعدام والسجن المؤبد حيث ارتبطت أسماؤهم بملفات كبيرة مرتبطة أساسا بعالم الجريمة وتفننوا في ارتكاب أفعال إجرامية خطيرة بوعي منهم أو بدون وعي إلى أن تحولوا إلى كوابيس مزعجة بالنسبة للمواطنين ورجال الأمن. منهم من ظل لسنوات بعيدا عن أعين الامن التي كانت تترصده فيما آخرون وقعوا كما تقع الطيور على أشكالها مباشرة بعد ارتكابهم لفعلهم الجرمي أو في مسرح الجريمة
الاتحاد الاشتراكي تفتح اليوم تفاصيل هذه الجرائم فإنها تبقى مجرد قضايا من مجموعة ملفات عرفتها المحاكم المغربية منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا.. فيما تاريخ العدالة المغربية مليء بالقضايا المشابهة وبأعداد كبيرة، إلا أن القضايا التي أخترناه اليوم تعتبر مثيرة شدت إليها انتباه الرأي العام الوطني، كما عرفت نقاشا وجدالا واسعا من طرف الإخصائيين وعلماء الاجتماع وعلماء الجريمة.. فيما ظلت تفاصيلها راسخة في عقول العديد من الضحايا وعائلاتهم..
على امتداد ثلاثة أشهر خيم الخوف بشكل غير مسبوق على سكان الدار البيضاء الكبرى، وبدل أن ينصبّ حديثهم على المشكلات الحياتية أو مستجدات الوضع الدولي من انتفاضة فلسطين إلى وضع الخليج والاستعدادات لضرب العراق، فإنه انصبّ على مسلسل الجرائم المتوالية والمتمثلة في تقطيع جثث عدد من القتلى، والذي غزا مختلف مقاطعات ولاية الدار البيضاء الكبرى، وكان آخر حلقاته العثور على جثة شاب مقطعة إلى جزءين. إلا أن الغموض الذي تميزت به هذه الجرائم بدأ – فيما يبدو – في التبدد بعد عثور الشرطة على المتهم الرئيسي في هذا المسلسل المرعب… لكن منتحرا.
فالمشتبه في مسئوليته عن جريمة حي المعارف – والذي يعتقد أنه يقف وراء جرائم القتل والقطع التي اجتاحت الدار البيضاء أخيرا – عثر عليه صباح يوم الثاني من مارس منتحرا بعد أن شرب مادة كيماوية سامة. ويسمى «محمد زويتة» عثرت عليه الشرطة ميتا في مقر سكناه، موضحا أنه من المحتمل أن يكون قد تناول المادة السامة حين علم بقدوم قوات الأمن وتأكد من انكشاف أمره. وقد كان يشتغل بوابا بإحدى العمارات الملاصقة لمحكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء.
وكان المدير العام للأمن الوطني قد انتقل إلى الدار البيضاء ليترأس بنفسه عمليات التحري في جرائم القتل الأخيرة التي أدخلت الفزع في نفوس السكان بالدار البيضاء. وبعد التحريات الأولية تبين للشرطة أنه كان مطلوبا في جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد بمدينة الجديدة .
و«زويتة» انتحر لما تيقن من وصول الشرطة إليه، ومن أن يتابع بتهمة قتل شاب يبلغ من العمر 28 سنة والتمثيل بجثته والتخلص منها بحي المعارف في ليلة عيد الأضحى الأخير، والذي ظهر فيما بعد أنه على قرابة عائلية معه.
إذ مباشرة بعد العثور على «جثة المعارف» فتح تحقيقا عن ملابسات الجريمة والتمثيل بجثة شاب عثر على أجزائها في حي المعارف، وكانت أولى خطوات البحث عن مصدر العلبتين الكارتونيتين اللتين وضع فيهما طرفا الجثة. ومن خلال شبكة الإنترنت الموجودة على ظهر العلبتين تبين لنا أن عنوان الشركة المنتجة لهذا النوع من الكارتون يوجد في إسبانيا، ليتعرف المحققون بعد ذلك على شركات البناء المغربية المستوردة له، ليخلص البحث والتحريات الأمنية إلى شركة موجود مقرها بقرب محكمة الاستئناف، والتي تتخلى عن العلب لفائدة حارس العمارة الذي يعيد بيعها.
وكانت قوات الأمن قد أوقفت حارس العمارة زويتة وأجرت معه تحقيقا أوليا، إلا أنه تبين لها في البداية أنه غير معني بموضوع بحثها فأطلقت سراحه وطلبت منه أن يبقى رهن إشارتها كلما طلبت منه ذلك، غير أن الشرطة فوجئت برفض «زويتة» المثول أمامها وتوصلت أيضا من خلال هويته إلى أنه مطلوب في جناية قتل عمد بمدينة الجديدة، فانطلقت للبحث عنه وإيقافه، لتجده ميتا في المرحاض.
أيام قلائل بعد العثور على جثة «السفاح زويتة» كانت ثلاث جرائم قتل وصفت بـ الغامضة أن زويتة بحسب نتيجة تقرير الطب الشرعي والمختبر العلمي للشرطة أن الأخير ابن عم صاحب الجثة التي عثر على أطرافها السفلى خلف إحدى المؤسسات التعليمية بضاحية المعارف الراقية بمدينة الدار البيضاء. وتوصل المحققون إلى مؤشرات متطابقة تؤكد تلك القرابة ومنها أن أم وأخ صاحب نصف الجثة تعرفا عليه من خلال إحدى العلامات المميزة التي كانت على أطرافه السفلية.
ومن المؤشرات التي اعتمدها المحققون لتأكيد قرابة العمومة بين «زويتة السفاح» وقتيل «ضاحية المعارف» أنهم وجدوا بعضا من ملابسه بغرفة «زويتة» بالعمارة التي كان يشتغل حارسا لها، وأن زويتة اختفى أسبوعا كاملا ، والتي تبين لها أن العثور على جثة ضاحية المعارف تزامن مع الأسبوع الذي اختفى فيه زويتة والذي روج بين أفراد عائلته مباشرة بعد جريمته أن ابن عمه قد هاجر بطريقة غير شرعية إلى أوروبا.
وهي الفرضيات التي سيتم ترجيحها مباشرة بعد توصل الأمن المغربي بنتيجة تحليل الحامض النووي لقتيل المعارف والحامض النووي لأمه وأخيه، وكذلك بين القاتل والقتيل.
ونسب المحققون أيضا إلى السفاح زويتة ارتكابه جريمتي قتل المسماة سعيدة نديري التي كانت على علاقة غير شرعية بزويتة، وفقا لتصريحات لأخ القتيلة التي وصفت علاقتهما بالمتوترة والتي تخللتها مشاهد عنف في حق أختها من طرف زويتة.
وحسم المحققون أن القتيل الثاني لضاحية المعارف هو الضحية الثالثة لمحمد زويتة. وإذا كان الغموض في طريقه للتجلي عن الجرائم المذكورة، فإن الغموض مازال يلف جريمتي ضاحية الحي الحسني وضاحية سيدي عثمان.
يذكر أن الشرطة البيضاوية قد عاينت في وقت سابق هوية امرأة وجدت مقطعة إلى جزءين وعلى رأسها كيس بلاستيكي أسود مشدود إلى العنق بقرب إحدى الأسواق.
وعاينت أجزاء جثة فتاة لم يتجاوز عمرها 17 سنة تعرضت للقتل والتقطيع، ووضعت أجزاء جثتها في أكياس بلاستيكية ورميت بالقرب من مقبرة، وإذا كانت هوية الفتاة معروفة فإن مرتكب جريمة القتل والدوافع مازالا مجهولين.
بدأ بالدار البيضاء الصيف الماضي حينما اختفت ليلى ذات 17 ربيعا عن بيتها ليعثر عليها بعد يومين موزعة في أكياس بلاستيكية بجانب مقبرة على بعد أكثر من 8 كم من سكنها بالحي المحمدي، وتلا ذلك قتلى بينهم ثلاث نساء. ووفقا لتقرير المختبر العلمي التابع للشرطة في الرباط عن عينات من الجثث فإن تقطيع الجثث تم بطريقة احترافية شبيهة جدا بحرفة الجزارة.