من آلة الكمان إلى فرشاة الرسم، انتقلت الفنانة التشكيلية سكينة بويبلا، في رحلة فنية ملهمة، تطورت خلالها موهبتها التي بدأت في عالم الموسيقى لتأخذ أبعادا جديدة في عالم الفن التشكيلي.
سكينة التي كانت في البداية عازفة على آلة الكمان، لم تتوقع أن يتحول شغفها بالموسيقى إلى شغف أكبر بالفن التشكيلي، ورغم أن الرسم كان جزءا من حياتها منذ الصغر، إلا أن انتقالها الفعلي إلى عالم الألوان والخطوط بدأ عام 2016، عندما اكتشفت عائلتها وأصدقاؤها المقربون موهبتها، وبدأوا في تشجيعها على متابعة هذا الطريق.
ومع الدعم المتواصل من محبيها على منصات التواصل الاجتماعي، أصبح الرسم بالنسبة لها أكثر من مجرد هواية، بل تحوّل إلى رسالة فنية تحمل في طياتها رؤى عميقة عن الجمال، والمرأة، والتراث، والطبيعة.
تستوحي الفنانة سكينة بويبلا أفكارها من الطبيعة بكل تفاصيلها الدقيقة، حيث تشعر بأن الطبيعة هي مرآة الروح الإنسانية، وعندما تنظر في عيون لوحاتها، ترى أن كل عنصر فيها يعكس العلاقة العميقة بين الإنسان وأرضه، بين الكائنات وأفكارها، وبين التراث وحياة الناس، فمن خلال الأزياء التقليدية، والتفاصيل الدقيقة لملامح المرأة المغربية، تبرز سكينة جمال الثقافة المغربية الأصيلة، سواء كانت صحراوية أو أمازيغية، وفي بعض لوحاتها، تجسد سكينة صورة المرأة المغربية الحديثة، التي تمتزج قوتها الداخلية مع جمالها الخارجي، مما يعكس التوازن بين التقليدي والمعاصر.
اختارت الفنانة سكينة بويبلا البورتريه كأداة للتعبير عن ذاتها، إذ ترى أن الوجه هو مرآة الشخصية، وأن التفاصيل الدقيقة في ملامح الوجه تحكي قصصا عميقة عن الإنسان، تستخدم الفنانة سكينة الألوان الأساسية مثل الأبيض، الأسود، والرمادي لتسليط الضوء على هذه التفاصيل، وتفضل أن تعمل بأقلام الفحم والرصاص لإبراز الأبعاد الدقيقة في أعمالها، حيث تُعد هذه الألوان أساس لوحاتها، إذ تعكس شخصيتها الفنية المتمسكة بالجمال الخفي والتفاصيل الصغيرة التي قد تبدو عادية للوهلة الأولى، لكنها تحمل في طياتها معان أكبر وأعمق.
لطالما كان الفن بالنسبة للفنانة سكينة بويبلا أكثر من مجرد وسيلة للتعبير عن الجمال، بل هو لغة تواصل مع العالم، من خلال أعمالها، تسعى إلى إبراز قوة المرأة المغربية، وجمالها المتعدد الأبعاد سواء في ملامحها أو في قصتها، فلوحاتها التي تتسم بالقوة والتفرد، تحمل رسالة مفادها أن الجمال ليس فقط في الشكل، بل في العمق، في الشخصية، وفي القدرة على التحمل. فالجمال الحقيقي يكمن في التفاصيل الصغيرة التي تختبئ وراء الملامح، في النظرة التي تقول الكثير عن صاحبها، في التفاصيل التي قد لا يراها البعض لكنها تعكس جوهر الإنسان.
بعيدا عن حدود الفن المحلي، تطمح الفنانة التشكيلية سكينة بويبلا إلى أن تصبح سفيرة للفن المغربي على الساحة العالمية، تسعى الفنانة الشابة إلى عرض أعمالها في معارض وطنية ودولية، وتطمح لتوسيع دائرة تأثيرها الفني لتصل إلى جمهور عالمي، إن طموح سكينة لا يتوقف عند هذه النقطة، بل ترغب في الاستمرار في تطوير أسلوبها الفني، وبناء رسالة فنية تحمل قضايا الإنسانية، الثقافة، والجمال.
الفنانة التشكيلية سكينة بويبلا، ليست مجرد فنانة، بل هي قصة إبداعية حية ترويها فرشاتها بكل تفرد وجرأة، لوحاتها تعكس عوالم خفية تنبض بالمشاعر، حيث تتحول الألوان إلى نغمات بصرية تخاطب الروح، وفي كل ضربة فرشاة تحكي حكاية ملهمة تسافر بالمتلقي إلى فضاءات من التأمل والإبداع.