حسب بعض المؤرخين، فإن النواة الأولى لمدينة سلا ترجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي، (11م) أي خلال العهد الموحدي. وعرفت المدينة في عهد المرينيين، في القرن (14م)، ازدهارا عمرانيا وحضاريا كبيرا، وذلك نظرا لموقعها الاستراتيجي كنقطة عبور بين فاس ومراكش، وبفضل وجود ميناء سلا، الذي سهل التبادل التجاري بين المغرب وأوروبا.
وخلال العهد السعدي (القرن 17 م ) عرفت المدينة هجرة الأندلسيين من شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث أسسوا كيانا مستقلا عن السلطة المركزية بمراكش عرف باسم ” سلا الجديدة” .
وحصنت مدينة سلا كباقي المدن العتيقة بسور يبلغ طوله أربعة كيلومترات وخمسمائة متر( 4،5 كلم) .
وتتميز سلا بمجموعة من المباني التاريخية، أهمها المسجد الأعظم وزاوية النساك لمؤسسها أبو عنان، وسور الأقواس، أو سور الماء العظيم الذي أنشئ بطريقة هندسية لتزويد المدينة بالماء.
وتعتبر أسوار سلا المقابلة لتلك الموجودة بالرباط، إحدى الحصون الدفاعية الأولى للمدينة، حيث كانت حصنت بأبراج عظيمة لحمايتها من غارات الأساطيل الأجنبية، وبأبواب تختلف من حيث أهميتها التاريخية، وأهمها “باب معلقة”، باب “سيدي بوحاجة”، “باب الفران “، الذي يؤدي إلى دار الصنعة، “باب فاس “ويسمى ب “باب الخميس”، “باب سبتة”، “باب شعفة” و”باب لمريسة”، الذي سيكون أول الأبواب التاريخية التي سنعرف بها.
باب لمريسة:
يعد باب لمريسة من أكبر الأبواب التاريخية، ليس على مستوى مدينة سلا فحسب، ولكن على مستوى المغرب.
شيد هذا الباب السلطان أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني، وشارك في بنائه فعليا، بين سنتي 1270 و1280 م، وذلك بعد أن استرد المدينة .
وقام بإغلاق الثغرة المفتوحة في السور الغربي، والتي سمحت بالدخول إلى ساحة المدينة، وبنى بعد ذلك ورشة سفن حربية وكان مدخلها هو الباب الأثري المفتوح، في الواجهة الشرقية للمدينة المسمى “باب لمريسة”، والذي يعرف اليوم ب “باب الملاح”.
وقد صمم بناء هذه المعلمة التاريخية المهندس المعماري الأندلسي المعلم “محمد بن علي الاشبيلي”، وذلك حسب “الناصري”، ويشرف الباب على الميناء المحمي، الذي استخدمه المرينيون لصناعة السفن، والذي يوصل المدينة بوادي أبي رقراق بواسطة قناة، كانت القوارب تنفذ إلى الحوض من خلال المرور عبر قوس باب ضخم، يدعى” باب المريسة” أي باب المرسى الصغير، ويبلغ بروز برجيه 2.20 متر وعرضهما 3.50 أمتار، ويتوسطهما قوس كبير منكسر الاستدارة، تصل فتحته إلى حوالي 9 أمتار، وترتفع قمته إلى 9.60 أمتار، وفي داخل بنايته فتحات، وسلالم وممرات خاصة بحرس المدينة ومينائها.
واشتهر عن “باب المريسة” أن منه بعث السلطان أبو يعقوب بن أبي يوسف المريني، سنة 1285م، سفنا عديدة للهجوم على الجزيرة الخضراء بساحل الأندلس الجنوبي، وكان عددها حوالي 36 مركبا حربيا، وعلى جنبات باب المريسة التاريخي كتبت آيات قرآنية…