شعيب حليفي في لقاء حول كتابه الجديد « سطات’’: الكتابة التي تصون هويتنا

شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنسميك بالبيضاء صبيحة الخميس 26 أكتوبر2017 عقد لقاء ثقافي مع الروائي والناقد شعيب حليفي قصد تقديم كتابه الجديد «سطات» والناقد إدريس قصوري الذي قدم قراءة تحليلية للكتاب ومحافظ المكتبة عبد الفتاح لكرد، الذي أدار أشغال اللقاء وكلمة افتتاح هذه اللقاءات التي قدمها عميد الكلية عبد القادر كنكاي.
اعتبر شعيب حليفي التاريخ المغربي جنة المبدعين إذا ما عرفوا كيف يتعاملون معه، وليس فقط جنة المؤرخين والباحثين في مجالات العلوم الإنسانية. وقال في لقاء لتقديم كتابه الجديد «سطات» بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء أداره محافظ المكتبة عبد الفتاح لكرد صبيحة الخميس، إنه في كل ما كتبه كان يؤرخ في العمق للمخيال الجماعي للمغاربة، ولم يكن يربط الكتابة بأية أوهام ذاتية أو نرجسية.
وأكد صاحب «زمن الشاوية» أنه وجيله دفنوا النرجسية منذ زمن طويل، لأنهم اكتشفوا أن ثمة ما هو أهم من الحديث عن الذاتيات، وهي الكرامة الإنسانية، التي تحتم على الكتاب أن يجعلوا منها ذلك الهدف البعيد لما يكتبون. وأبرز حليفي أنه اكتشف قيمة الكتابة مبكرا في حياته، وأدرك أنها من الممكن أن تمنح المرء تلك الهوية التي يقضي عمره كله يبحث عنها، ودعا في هذا السياق إلى ضرورة الكتابة وعدم الاقتصار فقط علي دعوة القراءة كما تفعل بعض الجمعيات.
ورأى صاحب «لا أحد يقفز فوق ظله» أن كتابه «سطات» ينطلق من التصور العام للكتابة كما يطمح إليها، تلك الكتابة التي تصون هويتنا وتاريخنا وذاكرتنا، كما أوضح أنه لم يكن يحس في يوم من الأيام بعقدة من انتمائه إلى مدينة صغيرة، بل جعل من هذا الانتماء مصدر فخر واعتزاز، ومنبع خيال غني. كما اعتبر أن كتابه الأخير تتويج للعديد من النصوص الأخرى مثل «رائحة الجنة» و«مساء الشوق».
وقال الروائي الشاوي والباحث المتخصص في مجال الرحلة، أن الكتابة الإبداعية تساهم بقسط وافر في تثبيت الخيال الجمعي، أما الواقعية فإنها متلاشية، كما عد أن الخيال في المغرب مسكون بالصمت والنسيان، وهو ما يؤكد قيمة الكتابة في اشتغالها العميق على الذاكرة لصونها من الاندثار.
من جهته، قال الناقد إدريس قصوري، إن كتب شعيب حليفي الأخير المعنون بـ«سطات» هو عمل يتطلب مجهودا جماعيا، يشتغل فيه المؤرخ والأنثروبولوجي والجغرافي والفقيه والأديب.. بيد أن الكاتب اضطلع بمهام هؤلاء باعتماد أسياسيات كل حقل معرفي على حدة، الأمر الذي يبرز قيمته الكبيرة.
وذكر قصوري أن حليفي في هذا العمل سعى لإثبات السجل العدلي ورسم الوجود لمدينة سطات من خلال اشتغاله علي تواريخها وجغرافياتها وعناصرها الثقافية ومعيشها اليومي وأساطيرها ووقائعها ومآثرها ورموزها، الأمر الذي جعل النص من الكثافة والغنى بحيث يحتاج إلى مسابر في التاريخ والأنثروبولوجيا والدين والأدب.
ورصد الناقد ثلاث سرديات تميز الكتاب، سمى الأولى بالسرديات الهوياتية للتاريخ أو الصياغة السردية للتاريخ، والثانية وسمها بالسرديات القرآنية للوجود، أما الثالثة فأطلق عليها سرديات الذات. وقال إن التاريخ والأرض مكونان أساسيان لخلق أي هوية وإرسائها سرديا، وهو الهدف الذي سعى إليه حليفي من خلق تبيان أن سطات ليست وليدة اليوم وإنما لها تاريخها الذي تم طمس معالمه، وهو بهذا النهج يدخلها في مضمار التاريخ الكبير للوطن.
واعتبر التاريخ شرطا مسبقا لتدوين شهادة الميلاد وإثبات السجل العدلي بالتأشير على الماضي البعيد، حيث اختار الكاتب أن يجعل بداية هذا التاريخ يبدأ مع الجد الأول صالح بن طريف. وقد أوضح أن حليفي اعتمد في هذا الباب على مراجع تاريخية وجغرافية متنوعة، استثمرها في الاضطلاع ببناء هذه الهوية. أما فيما يخص السرديات القرآنية للوجود فقد أبرز أن الكاتب يتكىء على مرجعية دينية يهيمن معجمها على الكتاب كله، معتبرا هذه السرديات بمثابة ركن ركين في بناء الرؤية الإيدولوجية للنص.
أما ثالث السرديات والمرتبطة بالذات فقد اعتبرها قصوري المحرك الفعلي لكل السرديات الأخرى، انطلاقا من قدرة الذات الكاتبة على جعلها مواد بنائية لصياغة عالم تخييلي فسيح وتشكيل هوية مدينة تمتزج فيهما الرموز والأساطير والوقائع التاريخية والإحداثيات الجغرافية والكرامات والأشواق والمشاعر والأحلام والذكريات…


الكاتب : مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 07/11/2017