الأستاذ حميد التريكي سليل مدينة أسفي .. هرم من أهرامات المؤرخين المولوعين بالبحث الرصين ، وعلم من أعلام الثقافة المغربية بكل أبعادها الأنترويوجية … منارة مضيئة كان ولا يزال ، يساهم بسخاء في ترويج الوجه المشرق لتاريخ بلدنا ولنفائسه الثمينة … سخاء علمي بلا ضفاف ، وحدب جميل على مدينة ترعرع بين دروبها العتيقة .. أسفي ، تلك الأرض الطيبة التي احتضنته ، فأكرمها وأكرمته … ، وتلك خصال الأبناء البررة الأوفياء .
الأستاذ حميد التريكي مفرد بصيغة الجمع … استهوته تفاصيل التاريخ ،وعبق الأندلس ، ومظاهر العمران ، ومكنونات الحضارة ، وتنوع المسالك الروحية ،وغنى التراث البحري ، مثلما استهوته مظاهر الفرجة وتجليات الفن الأصيل ، وتفاصيل الثقافة الشعبية ، وبراعة الطين وفسيفساء الخزف ومعلميه ..عمر طويل من الشغف بالبحث والتنقيب والتوثيق ..في ذاكرة المدن وتراثها ، وفي تاريخ البلد وكنوزه المتنوعة ..
انشغاله بالتراث بكل أبعاده الإنسانية والثقافية ، بوأه باستحقاق ليصبح خبيرا دوليا ومستشارا علميا رصينا ، يعتد بأرائه وبحوثه في العديد من المؤسسات الدولية المتهمة بالتراث المادي واللامادي بكل أبعاده الحضارية والتاريخية ..فقد كان ، ولمدة عشر سنوات ، مستشارا أكاديميا بغرناطة لدى مؤسسة « El legado Andalusi» ، كما احتفظ بذات الصفة العلمية لدى مؤسسة العالم العربي بباريس ، ومؤسسة «Aga khan « للهندسة بجنيف ..
حضوره البهي في مباحث التاريخ والذاكرة توجه دوليا ، وباستحقاق ، بالعديد من الجوائز الرفيعة منها حصوله على الميدالية الكبرى للفنون والعلوم والآداب من أكاديمية باريس ، كما حصل على جائزة» Grand Atlas» من السفارة الفرنسية بالرباط حول كتابه «Médersa de Marrakech «
مسيرة علمية طويلة راكم من خلالها الأستاذ حميد التريكي أزيد من 12 إصدارا ذو قيمة بحثية رفيعة ، منها اشتغاله على تاريخ المدن عبر عصور التاريخ ، كمدينة فاس من خلال إصداره الأول سنة 2008 « Fès ..mille deux ans d’histoire « ، والإصدار الثاني» Fès ..l’âme du Maroc « الذي صدر سنة 2015. كما سبق أن أصدر 1968 كتابا عن مدينة مراكش»Marrakech ..Histoire et monuments «
وعن مدينة أسفي ، أصدر الأستاذ حميد التريكي « la colline des potiers ..Histoire de la ville de Safi et de sa céramique» ..هذا بالإضافة الى العديد من البحوث القيمة كإصداره الوثائقي الجميل حول سحر الأمكنة بالمغرب « Maroc ..Magie des lieux « الذي أصدره بتعاون مع مؤسسة العالم العربي بباريس ..كما سيصدر له قريبا كتاب جديد حول « قصر الحمراء بالأندلس « وهو عمل بحثي تطلب منه سنوات من البحث والتوثيق .
في جمعية ذاكرة أسفي ، والأستاذ حميد التريكي أحد مؤسسيها ، مدة عشر سنوات ، كان إسهامه كبيرا ومميزا …إنجاز غير مسبوق بمدينة أسفي تطلب منه ثلاث سنوات من البحث والتدقيق والمراجعة ، توجت بإنجاز معرض متنقل يوثق لمرور 1000 سنة على تاريخ حاضرة المحيط أسفي.. المدينة التي أحبها ، فسكنت قلبك حد المسام ……
إنجاز آخر يحسب له، ولرفاقه بجمعية ذاكرة أسفي ..تصنيف المعالم التاريخية بأسفي ..تاريخ تأسيسها ووظيفتها الثقافية والحضارية والروحية ، إعداد خريطة للتشوير السياحي لمختلف المعالم الجديرة بفضول السياح والزائرين ، هذا إلى جانب كتابه القيم « céramique de safi entre histoire et gestes ancetraux « كتاب مرجعي في هوية الطين وفن الخزف بأسفي .
ولارتباطه العلمي بجامعة evora البرتغالية ، فقد قام الأستاذ حميد التريكي بإشراك خبراء من هذه الجامعة لتقديم الدعم التقني لإنقاذ قصر البحر بأسفي .. تلك المعلمة التي تتشبت بالحياة ، وتقاوم اليوم من أجل البقاء … !!
هذا بالإضافة إلى مشروعه التاريخي الطموح ذي صلة بالمسالك الروحية بأسفي رباط الشيخ ، ورباط سيدي شيكر ..وكذا مساعيه الدائمة لدى منظمة اليونيسكو لتصنيف خزف أسفي ضمن النفائس المضيئة بهذه المدينة الوديعة التي سكنت قلبه وذاكرتنا الجماعية …
ضمن هذا الانشغال الواسع والرصين …كان لطف الأستاذ حميد التريكي حاضرا ، ومرحه ممتعا ، ونوادره الشيقة مصدر إلهام لنا ، ومبعث طاقة إيجابية لنواصل المسير…
لأسفي اليوم أن تفخر بأنها أنجبت أسماء لامعة في الثقافة والفن ، وفي الجمال والبهاء … يظل الأستاذ حميد الريكي عنوانها اللامع …
نص الشهادة التي قدمتها
في حفل تكريم الأستاذ حميد التريكي بأسفي