مَا الذي يَجعلُ شَجرَةَ الحَديقةِ الوَحيدةَ
عاريةً تَماماً بِدونِ أوراقٍ؟
هلِ الماءُ الذي يسيلُ تحتَ النّافِذةِ
أمْ شمسُ الصَّباحِ التي تقطرُ
وتتركُ أصداءَ الغائبينَ على رَصيفٍ مُبلَّلٍ
أمِ الطيورُ التي غادرتْ أعْشاشَها
واحتلَّتْ عُيوناً
في وُجوهٍ حَزينةٍ
أمْ يداكِ التي تضَعينَها في جيوبٍ
لا تُخفي شيئاً؟!
العِشقُ صَلاةٌ
والوَحدةُ تُهاجرُ دائماً إلى مَوتِها
الغربةُ ليستْ بديلاً
للطريقِ أيَّتُها الشَّجَرة العاريةُ
ولا الأعمدةُ الحمراءُ
مأخوذاً بِجوع البَجعاتِ
والبحيراتُ لا تُعوِّضُ الفَراغَ
أيُّ حديثٍ يأخذُني
إلى شجرةٍ عاريةٍ ورماديةٍ جِداًّ بِجُرأةٍ؟!
الجُرأةُ لا تنجو دائماً من أغصانِها
قد تتعثرُ في الصعودِ
إلى لَذَّةٍ لا تصلُ
وتبحثُ في الطريقِ عَنْ أوراقٍ
أضاعَتْها في مُلاحقةِ الرِّيحِ..
في كَلماتي تلمعُ شُموسُ الرَّغبةِ
وسكاكينُ الغُربةِ
وقلبي يَنِزُّ كنافورةٍ في الجَحيمِ
ودفاتري التي مَزَّقتُها كذاكِرَةٍ لا تَصلحُ لِشَيءٍ
تَسجَنُني تَفاصيلُها
والطَّريقُ الطويلُ، الطويلُ
كأزلِ العاشقينَ
إرثٌ يَسحقُني كَجُنودٍ في غارةٍ في حَفلٍ
لِلمُهَجَّنينَ
وطُفولةٌ مازِلتُ احتفظُ فيها بِسِرْبِ الأسْرَى
وقيدُ الرؤوسِ المُتوحِّشةِ
وكلماتٌ لأبي، فؤوسٌ لِكَسرِ حَجَرِ القلبِ
في لَيالٍ ماطرةٍ..
والشجرةُ العارِيةُ والرَّماديةُ جداًّ فَرحٌ في لا مكانٍ..
والحُبُّ انخطافٌ
في حِضنِ سَرطان..