شَهْوَةُ المَـاءِ

إِلَيْكِ يَا لُغَةَ ٱلْجِرَاحِ ٱلَّتِي
شَاخَتْ عَنِ ٱلطَّوْقِ؛
فَطَوَّقَتْنِي بِمَاءِ ٱلْعُذَيْبِ،
أَنَامُ جَريحاً؛ فِي لَيْلِ ٱلصَّبَوَاتِ..
قَالَتْ: كُنْ أَيُّهَا ٱلْجَسَدُ،
كُنْ مَارِداً يَطِيرُ إِلَيْ،
يَا وَرْدَتِي ٱلْقَريبَةَ ٱلْبَعِيدَةَ،
يَا نَشِيداً يُعَرّشُ فِي دَمِي،
كَيْفَ آوِي إِلَيْكِ،
وَبَيْنَنَا أَلْفُ حَاجِزٍ؟!
أَدْنُو مِنْكِ؛ فَأُدْمِنُكِ
كَٱمْرَأَةٍ مُشْتَهَاةٍ لِلْفَضِيلَةِ؛
فَٱحْتَرِسْ مِنْ فَدَاحَةِ هَذَا ٱلْقَلْبِ،
الَّذِي أَوْجَعَهُ ٱلْغِيَّابْ،
حَتْماً؛ سَيَأْتِيكِ خَبَرُ ٱلضَّلَالَةِ؛
عَلَى أَلْسِنَةِ ٱلْوُشَاةِ؛
حِينَ يَشْحَذُونَ صُكُوكَ ٱلْبَلَاغَةِ؛
فِي وَجْهِ قَلْبٍ أَعْزَلَ..
قَالَتْ: هيتَ لَكْ!
أَطِيرُ إِلَيْكِ؛ حَتْماً فِي ٱلْخَيَالِ،
وَفِي أَبْيَاتِ ٱلشّعْرِ أَوَشْوِشُهَا فِي أُذُنَيْكِ،
بَيْنَ ضُمُورِ ٱلرَّغْبَةِ، وَٱشْتِهَائِي..
لَا مَاءَ يُطْفِئُنِي، أَنَا ٱلْقَتِيلُ، اَلْعَلِيلُ،
سَلِيلُ ٱلْعِشْقِ، كَلِيلُ ٱلْبَصَرِ،
لَا شَمْسَ فِي سَمَائِي، وَلَا بَرِيدْ..
يَا طَائِرَ ٱلشَّوْقِ ٱلْبَعِيدْ..
فِي دِنَانِ ٱلْحُبّ؛ سُقِيتُ جُرْحاً
وَلَحْنَ أُغْنِيَةٍ تُغَنّينِي؛ فَتُسْبِينِي،
يَا جُرْحَ اللهِ؛ لِنَجْمِكَ ٱلْهَاوِي؛
عَلَى قَلْبِي؛ سَلَامْ!..
يَا غَزَالاً بِقَلْبِي؛ تَرَنَّمَ؛
فَأيْقَظَ نَارَ ٱلْجُنُونْ..
آتِيكِ مِنْ لُغَةِ ٱلْجُنُونْ،
وَأحْفِرُ، بِنَفْسِي، بِئْراً
عَمِيقاً؛ فِي ٱلْخَيَالْ..
كَيْمَا آتِيكِ، يَا غَزَالاً؛ فِي ٱلْخَيَالْ..
وَأَرَاكِ فِي حَوْضِ ٱلسّبَاحَةِ تَمْرَعِينْ..
وَتَنْزِعِينَ رِيشَ ٱلْأُنُوثَة، ظَافرَةً بِٱلْمـَاءِ،
نَافِرَةَ ٱلصَّدْرِ ٱلْمـُبـِينْ..
وَلَا تَدْرِينَ أَنَّكِ تَسْبَحِينَ
فِي دَمِيَ ٱلْمَسْفُوحِ؛ بَيْنَ سَحَابَتينْ،
وَإِنّي ٱلْغَرِيقُ فِي لـُجَّـةِ ٱلْيَمّ ٱلْبَهِيمْ،
أَمُدُّ يَدِي وَلَا خَلَاصْ!
وَحِيداً أُغَنّي، وَأُسْهِبُ فِي ٱلْغِنَاءْ..
وَحِيداً؛ يَعْزِفُنِي ٱلرَّحِيلْ،
وَبِلَا مِهَـادٍ؛ يُسَافِرُ ٱلنَّصْلُ
مِنْكِ؛ فِي ٱلْجَسَدِ ٱلْعَلِيلْ،
وَأَنَا عَلَى جَمْرِ ٱلْغِيابِ؛
مُتَّقّدَ ٱلْحَنِينْ،
لِلشَّبَقِ ٱلْمُدَثَرِ فِي دَمِي،
لِمَجَاعَةٍ تَصْرُخُ فِي ٱلْعُرُوقْ
لِلَحْـظٍ يَخْطِفُنِي، وَيَلْفُظُنِي قَتِيلْ..
اَلْبَحْرُ؛ يَسْكُنُهُ ٱلْغِيابْ،
اَللَّيْلُ؛ تَسْكُنُهُ ٱلطُّيُوفْ،
وَأَنَا ٱلْمُتَوَّجُ أَمِيرَ قَتْلَاكِ..
لَا شَيْءَ فِي أُفُقِي يُبَشّرُ بِٱلْخَلَاصْ،
فَتَعَالَي؛ نُذِيبُ ٱلزَّمَانَ؛
فِي عِناَقٍ طَوِيلْ،
يَا ٱمْرَأةً؛ بِحَجْمِ ٱلْحَرِيقْ،
تَرْقُصُ فَوْقَ دَمِيَ ٱلْمُرَاقِ؛
وَتُضْرِمُ ٱلْفَتِيلْ،
هَذِي ٱلسَّمَاءُ لَنَا،
هَذِه ٱلْأرْضُ مَحْضُ سَرَابْ!..
وَأَصْرُخُ مِلْءَ ٱلصَّوْتِ؛ عـَـلّي
أُسْمِعُ ٱلْعَاَلَمِينَ؛ هَذَا ٱلْبُكَاءْ،
بِأَنّي أُحِبُّكِ؛ مِلْءَ ٱلْجَنَانِ،
ويَصِيحُ ٱللّسَانِ؛ يَصِيحُ ٱلْفُؤَادُ:
– «آحٍ، أُحِــبُّــــــــك«.. حَتَّى يَبْلُغَ
مِنّي ٱلصَّوْتُ؛ عِنَانَ ٱلسَّمَاءْ!…
وَحْدُهُ ٱلمَاءُ يَغْسِلُنِي،
وَفِي ٱلْقَلْبِ عُشْبٌ نَدِيٌ؛ بَحْرٌ، وَمَاءْ،
أَوْرَقَ سَحَابَةً، وَقَصِيدْ،
وَغَيْمَةً، وشِتَاءْ،
أَنَا نُقطَةُ ٱلْمَاءِ ٱلْعَصِيَّةُ؛ عَنِ ٱلْجَرَيَانْ!..
أَنَا عَطَشِي تَسَرْبلَ فِي ٱلْجَسَدْ،
وَتَحَوُّلِي مَاءُ ٱلْيَقِينْ..
يَا قَطْرَةَ ٱلْحُبِّ ٱلْعَصِيَّة،
هَذَا تَعَبِي هَدَّ ٱلْكِيَانْ،
وَمَدَّ لِلْحُلُمِ السَّافِرٍ؛
فِي دَمِي كَأْسَ ٱلْجُنُونْ
فَٱمْعِنِي، يَا نَارَ قَلْبِي؛ فِي ٱحْتِرَاقِي
وَٱصْنَعِي جُرْحاً جَدِيدْ،
نَازِفاً، يَا رِيمَ قَلْبِي،
اِصْنَعِي، يَا غَزَالاً شَارِداً،
خَرَائِطَ ٱلرَّجُلِ ٱلْجَديدْ!…


الكاتب : شعر: محمد عبد الفتاح

  

بتاريخ : 04/09/2020