مصطفى الحسناوي: زوجة المجاطي نحتته بيديها، وصنعت منه أشهر جهادي في العالم
في هذا الحوار، يتحدث الكاتب مصطفى الحسناوي عن إصداره الموسوم بـ» رحلتي مع المجاطي: من إمارة الملالي إلى خلافة البغدادي» وعن بداية علاقته بهذه العائلة خاصة بالأم فتيحة المجاطي، وكيف تنقلت العائلة الى أفغانستان طالبان ثم الى المعسكرات الليبية، وصولا الى السعوية وعلاقتها بتنظيم القاعدة، ثم الانتماء إلى تنظيم داعش قبل قرار فك الارتباط مع هذا التنظيم واختيار الهروب والمجهول.
كيف جاءت فكرة الكتاب رحلتي مع المجاطي؟
تحدثت عن هذا في مقدمة الكتاب، حين قلت إنني تعرفت على هذه العائلة في أول خرجة من خرجات عشرين فبراير، هناك رأيت لأول مرة فتيحة المجاطي، تحمل صور جثتي زوجها وابنها آدم، وتطالب بمعرفة مصيرهما، فدفعني الفضول لسؤالها عن قصتها التي وجدتها قصة مثيرة، أنجزت حولها بعض المواد الصحافية، ثم تطورت الفكرة لإنجاز كتاب عن ابنها إلياس بعنوان «طفل القاعدة»، وبدأت في وضع خطته وجمع مادته سنة 2012، ثم تطور إلى كتاب «رحلتي مع آل المجاطي»، بعد رحيل هذه العائلة إلى أراضي داعش، فلم يعد الأمر يقتصر على علاقة هذه العائلة بتنظيم القاعدة فقط، وتجاوز ذلك إلى بيعة لتنظيم داعش، ثم هجرة إلى أراضيه.
أهديت هذا العمل إلى ضحايا الإرهاب، لماذا؟
هذا أقل شيء تجاه هؤلاء الضحايا، عمل يفضح الإرهاب وهمجيته وأساليبه وأهدافه، ويعري إجرامه، ويفكك خطابه، ويدينه.
كريم المجاطي قام بالعديد من التفجيرات هل لك أن تصفه لنا؟
بحسب ما قرأت وسمعت عنه، ومن خلال تحليلي الشخصي لما كانت تحكيه عنه زوجته، أنه كان ضعيف الشخصية، واقعا تحت سيطرة زوجته، التي كانت بخلافه تماما، قوية متسلطة.
كل الخطوات التي اتخذها في حياته، كانت بإملاء أو توجيه منها، بدءًا بتدينه، ثم تعريفه على السلفية وتعريفه بشيوخها، ثم ذهابه إلى الجهاد، حتى زواجه من زوجة ثانية، كانت فتيحة المجاطي، هي صاحبة الفكرة، وهي التي اختارت له الزوجة وهي التي زوجته.
كان المجاطي أصغر من زوجته، منحدرا من عائلة لاعلاقة لها بالدين، أمه مسيحية ووالده لاديني، وكان لايعرف أي شيء عن الإسلام ولا عن الثقافة المغربية، فأدخلته زوجته في هذه القوقعة، ونحتته بيديها، وصنعت منه أشهر جهادي في العالم.
كيف وصلت فتيحة المجاطي إلى القاعدة؟
كان ذلك بعد وصولهم لأفغانستان صيف 2001، شهرا قبل ضربات 11 شتنبر الإرهابية، وبعد وصولهم لكابل، أصرت فتيحة المجاطي على زيارة أسامة بلادن في قندهار، رغم أن زوجها التحق بمعسكرات الجماعة الليبية وليس بمعسكرات القاعدة. تم تأجيل الذهاب لزيارة بلادن أكثر من مرة، وحين قرروا السفر لقندهار لزيارته، وقعت ضربات 11 شتنبر، التي قلبت كل شيء رأسا على عقب، ودخلت القوات الأمريكية لأفغانستان، فهربت عائلة المجاطي بمساعدة تنظيم القاعدة، واستقرت في السعودية في إحدى مضافات التنظيم هناك، قبل أن تحدث المواجهة الشهيرة بين فرع القاعدة في السعودية وقوات الأمن، وهي المواجهات التي أدت لمقتل كريم المجاطي وابنه الأصغر آدم، واعتقال فتيحة المجاطي وابنها إلياس.
كيف عاشت هناك ومع من التقت؟
تقول إنها عاشت أفضل أيام حياتها، رغم أنها كانت فترة قصيرة، عاشت فيها تحت القصف والمطاردة، والتقت هناك بعدد من القيادات الإرهابية المعروفة عالميا، على سبيل المثال: ابن الشيخ الليبي، المسؤول عن معسكر «خلدن»، والذي تم اعتقاله في أواخرعام 2001 وتوفي في سجنه في عام 2009.
خالد الشيخ، العقل المدبر لهجمات 11 شتنبر الإرهابية.
خالد الجهني، أحد قيادات القاعدة، والمطلوب رقم واحد في السعودية، آنذاك، قبل أن يشارك في الهجوم الإرهابي الانتحاري، في منتصف ليلة 12 ماي 2003 مع تسعة أفراد من تنظيم القاعدة، بأربع سيارات مفخخة، مستهدفين ثلاثة مجمعات سكنية في وقت متزامن، في شرق الرياض، المجمعات يقطنها أجانب بينهم مسلمون، وكانت الحصيلة مقتل 7 سعوديين، 9 أمريكيين، 3 فلبينيين وأردنيين اثنين وبريطاني وسويسري وأسترالي وإيرلندي ولبناني، وتسعة انتحاريين، وأكثرمن 160 جريحا من مختلف الجنسيات.
ما هي الأسباب التي جعلتها تهرب من جحيم داعش؟
التحقت بتنظيم داعش سنة 2014، بعد أن أعلنت بيعتها من المغرب، ثم استقلت الطائرة وغادرت باتجاه تركيا وتسللت لسوريا، وتم استقبالها بحفاوة، وتكليفها بمسؤوليات ومهام داخلة التنظيم، وتقلدت مناصب حساسة وكانت مقربة جدا من الناطق الرسمي باسم التنظيم، أبو محمد العدناني، لكن وبعد أن اندلعت الصراعات بين أجنحة التنظيم وتياراته، وجدت نفسها متهمة باتهامات خطيرة، ومطاردة ومطلوبة للمحاكمة، الشيء الذي دفعها للاختفاء والهروب. وفي هذه الفترة الحرجة من حياتها، تواصلت معي وسربت لي الكثير من الوثائق التي تفضح وتدين التنظيم، بل وتدينها هي أيضا.
اكتشفت أنه لم يعد يهمها أن تدين نفسها بنفسها، وأن تفضح نفسها في سبيل أن تفضح التنظيم الذي ضحت من أجله وتركت كل شيء في سبيله، قبل أن تقف على حقيقته متأخرة جدا، وقد تلطخت يداها بالدماء وفات الأوان.
واصلت هروبها واختفاءها هي وابنها إلياس، إلى أن قتل هو، واعتقلت هي على يد الأكراد، ثم هربت من سجنها قبل سنة ونصف تقريبا، ولاتزال هاربة لحد الساعة.