صانعات‭ ‬المحتوى‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‮..‬‭ ‬مؤثرات‭ ‬أم‭ ‬ثائرات؟

‭ ‬تنامت‭ ‬ظاهرة‭ ‬المؤثرات‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحن‭ ‬يتمتعن‭ ‬بشهرة‭ ‬وشعبية‭ ‬واسعتين،‭ ‬بفضل‭ ‬المحتويات‭ ‬التي‭ ‬ينشرنها،‭ ‬والتي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬استجابة‭ ‬لما‭ ‬يطلبه‭ ‬متابعوهن‮.‬‭ ‬ولأن‭ ‬الضوء‭ ‬أصبح‭ ‬مسلطا‭ ‬على‭ ‬المؤثرات‭ ‬وباتت‭ ‬مكانتهن‭ ‬تكبر‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع،‭ ‬أصبحت‭ ‬أسئلة‭ ‬عديدة‭ ‬تطرح‭ ‬نفسها‭ ‬بإلحاح‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬التأثير‭ ‬الذي‭ ‬تخلفه‭ ‬‮(‬الأنفلونسرز‮)‬‭ ‬على‭ ‬متابعيهن،‭ ‬وعما‭ ‬إذا‭ ‬كن‭ ‬مؤثرات‭ ‬أم‭ ‬ثائرات‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائط‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الحديثة‭ ‬فتحت‭ ‬أمامهن‭ ‬الباب‭ ‬مشرعا‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬اهتماماتهن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي،‭ ‬بعدما‭ ‬تعذر‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الكثيرات‭ ‬في‭ ‬الواقع‮.‬‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬الأبعاد‭ ‬التي‭ ‬ستتخذها‭ ‬مستقبلا‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الفرص‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬حديثة‭ ‬الظهور‭ ‬نسبيا‮.‬
وقد‭ ‬ساهم‭ ‬ولوج‭ ‬المغاربة،‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬الفئات‭ ‬ذات‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬الضعيف،‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬إلى‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬المؤثرات‭ ‬اللائي‭ ‬وإن‭ ‬كن‭ ‬يتقاسمن‭ ‬محتويات‭ ‬تبدو‭ ‬تافهة‭ ‬للبعض،‭ ‬فإنها‭ ‬تكون‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬لدى‭ ‬فئات‭ ‬اجتماعية‭ ‬أخرى‮.‬‭ ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬الأعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬المتابعات‭ ‬اللائي‭ ‬يحرصن‭ ‬على‭ ‬مشاهدة‭ ‬ما‭ ‬تتقاسمه‭ ‬معهن‭ ‬مؤثراتهن‭ ‬المفضلات‮.‬
والمتتبع‭ ‬للظاهرة‭ ‬يلاحظ‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬أضحى‭ ‬لكل‭ ‬فئة‭ ‬اجتماعية‭ ‬مؤثراتها،‭ ‬فالنساء‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاهتمامات‭ ‬الحياتية،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الطفلات،‭ ‬أصبح‭ ‬لهن‭ ‬مؤثراتهن‭ ‬المحبوبات‭ ‬اللائي‭ ‬يتابعن‭ ‬جديدهن‭ ‬باستمرار‮.‬
وإذا‭ ‬كان‭ ‬البعض‭ ‬يقيس‭ ‬أهمية‭ ‬الشخصية‭ ‬المؤثرة‭ ‬بعدد‭ ‬متابعيها،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر،‭ ‬برأي‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬المجال،‭ ‬ليس‭ ‬كذلك‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‮.‬‭ ‬فارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬متابعي‭ ‬مؤثرة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬من‭ ‬محتوى‭ ‬يكتسي‭ ‬أهمية‭ ‬أو‭ ‬له‭ ‬فائدة‭ ‬تذكر،‭ ‬إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المتابعات‭ ‬لا‭ ‬يسعين‭ ‬للاستفادة‭ ‬مما‭ ‬تتقاسمه‭ ‬المؤثرة،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تتملكهن‭ ‬مشاعر‭ ‬الفضول‭ ‬حول‭ ‬طريقة‭ ‬عيشهن‭ ‬والأماكن‭ ‬التي‭ ‬يترددن‭ ‬عليها‭ ‬ووجهاتهن‭ ‬السياحية‭ ‬ونمط‭ ‬حياتهن‭ ‬بشكل‭ ‬عام‮.‬

 

p من‭ ‬هن‭ ‬المؤثرات‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬عوامل‭ ‬تكاثرهن‭‬؟

n أكد‭ ‬الخبير‭ ‬والمستشار‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬الحديثة،‭ ‬أمين‭ ‬رغيب،‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬أصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬فئة‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬المؤثرين‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬مبرزا‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬رصد‭ ‬الحضور‭ ‬النسائي‭ ‬على‭ ‬الشبكات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فترتين‭ ‬زمنيتين،‭ ‬الأولى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬سنتي‭ ‬2009‭ ‬و‭ ‬2012،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬المؤثرون‭ ‬الاجتماعيون‭ ‬معدودين‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الأصابع‭ ‬وجميعهم‭ ‬من‭ ‬الذكور،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الحضور‭ ‬النسائي‭ ‬يعدو‭ ‬بعض‭ ‬المحاولات‭ ‬لخوض‭ ‬تجارب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬غالبيتها‭ ‬العظمى‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‮.‬
وعزا‭ ‬ذلك‭ ‬بالأساس‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬تحلي‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬حينها‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الجرأة‭ ‬لتظهر‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرا‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬محرجا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهن،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬أسرهن‭ ‬السماح‭ ‬لهن‭ ‬بولوج‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬فتاة‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬كانت‭ ‬تصنف‭ ‬ضمن‭ ‬الفتيات‭ ‬‮”‬سيئات‭ ‬الخلق‮”.‬
أما‭ ‬الفترة‭ ‬الثانية،‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬حاليا،‭ ‬يضيف‭ ‬أمين‭ ‬رغيب،‭ ‬فتتميز‭ ‬بولوج‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬لهذا‭ ‬المجال،‭ ‬مبرزا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬الملحوظ‭ ‬راجع‭ ‬إلى‭ ‬المعرفة‭ ‬الواسعة‭ ‬بالانترنت‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬أي‭ ‬بيت‭ ‬مغربي‭ ‬منه‭ ‬‮(‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬خدمة‭ ‬الانخراط‭ ‬أو‭ ‬التعبئة‮)‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يصطلح‭ ‬عليه‭ ‬ب”دمقرطة‭ ‬الانترنت‮”‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬بفضل‭ ‬أسعار‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬المتناول،‭ ‬‮”‬وبذلك‭ ‬أصبحنا‭ ‬نرى‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬مستخدمي‭ ‬الانترنت،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬الأسر‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعارض‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬ظهور‭ ‬بناتها‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‮.‬‭ ‬فبعدما‭ ‬اطلعوا‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬مؤثرات‭ ‬أخريات‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى،‭ ‬بدأوا‭ ‬يتشبعون‭ ‬بهذه‭ ‬الثقافة‭ ‬وأصبحوا‭ ‬متعودين‭ ‬على‭ ‬الأمر،‭ ‬وبذلك‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬المسألة‭ ‬محرجة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬السابق‮”.‬
وأوضح‭ ‬أن‭ ‬دمقرطة‭ ‬الانترنت‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬والحديث‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬أحيانا‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬المؤثرين‭ ‬للأرباح‭ ‬والشهرة‭ ‬عبر‭ ‬بوابة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬دفعا‭ ‬بعض‭ ‬الشرائح‭ ‬الاجتماعية‭ ‬غير‭ ‬المؤهلة‭ ‬لتقديم‭ ‬مضامين‭ ‬هادفة‭ ‬إلى‭ ‬خوض‭ ‬التجربة‭ ‬رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬محتويات‭ ‬تجذب‭ ‬نوعا‭ ‬معينا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لتحقيق‭ ‬مدخول‭ ‬مالي‭ ‬من‭ ‬‮(‬غوغل‭ ‬أدسنس‮)‬،‭ ‬مبرزا‭ ‬أنه‭ ‬لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬المحتويات‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬تطفو‭ ‬على‭ ‬الساحة،‭ ‬وأشهرها‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬ب”روتيني‭ ‬اليومي‮”‬‭ ‬الذي‭ ‬تبرره‭ ‬النساء‭ ‬بالفقر،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لكسب‭ ‬تعاطف‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬للاشتراك‭ ‬في‭ ‬قنواتهن‭ ‬ومشاهدة‭ ‬ما‭ ‬يقدمنه‭ ‬من‭ ‬فيديوهات‮.‬
والأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للاستغراب،‭ ‬يضيف‭ ‬أمين‭ ‬رغيب،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أصبحنا‭ ‬نشاهده‭ ‬من‭ ‬أزواج‭ ‬تنازلوا‭ ‬عن‭ ‬مبادئهم‭ ‬وضربوا‭ ‬بأخلاقهم‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬بقبولهم‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬زوجاتهم‭ ‬هذه‭ ‬المحتويات‭ ‬غير‭ ‬اللائقة،‭ ‬وكيف‭ ‬أنهم‭ ‬يتحملون‭ ‬التعليقات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تخدش‭ ‬رجولتهم‭ ‬أحيانا‭ ‬مقابل‭ ‬الدخل‭ ‬المادي‭ ‬الذي‭ ‬تحصل‭ ‬عليه‭ ‬زوجاتهم‭ ‬من‭ ‬فيديوهات‭ ‬‮”‬روتيني‭ ‬اليومي‮”.‬
ولحسن‭ ‬الحظ،‭ ‬يؤكد‭ ‬أمين‭ ‬رغيب،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬هذه‭ ‬الفئة،‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬المغربيات‭ ‬اللاتي‭ ‬ينشرن‭ ‬محتويات‭ ‬راقية‭ ‬جدا‭ ‬ومعروفات‭ ‬بما‭ ‬يقدمنه‭ ‬من‭ ‬مضامين‭ ‬هادفة‭ ‬داخل‭ ‬المغرب‭ ‬وخارجه،‭ ‬ويتم‭ ‬استدعاؤهن‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬محافل‭ ‬دولية،‭ ‬مبرزا‭ ‬أن‭ ‬مقارنة‭ ‬بسيطة‭ ‬للمحتويات‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬تنشرها‭ ‬مؤثرات‭ ‬مغربيات‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تتقاسمه‭ ‬نظيراتهن‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬القريبة‭ ‬منا،‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬المغربيات‭ ‬متقدمات‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جدا‮.‬

p هواية‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬أم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الربح‭ ‬المادي‭‬؟

n كل‭ ‬من‭ ‬تلج‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بهدف‭ ‬استقطاب‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬وجمع‭ ‬المشاهدات‭ ‬و”اللايكات‮”‬‭ ‬يحركها‭ ‬سببان‭ ‬رئيسيان‭ ‬هما‮:‬‭ ‬هواية‭ ‬صناعة‭ ‬وتقاسم‭ ‬المحتوى‭ ‬أو‭ ‬تحقيق‭ ‬الربح‭ ‬المادي،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذين‭ ‬الهدفين‭ ‬أضحيا‭ ‬متداخلين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‮.‬
ولذلك،‭ ‬أصبحت‭ ‬الشركات‭ ‬والعلامات‭ ‬التجارية‭ ‬الكبيرة‭ ‬وحتى‭ ‬الصغيرة‭ ‬تولي‭ ‬أهمية‭ ‬ملحوظة‭ ‬لهذه‭ ‬الوسائط‭ ‬الجديدة‭ ‬للتسويق‭ ‬بسبب‭ ‬الأثر‭ ‬المباشر‭ ‬والواضح‭ ‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬يمارسه‭ ‬المؤثرون‭ ‬على‭ ‬متابعيهم،‭ ‬حيث‭ ‬يصبح‭ ‬دفاعهم‭ ‬عن‭ ‬علامة‭ ‬تجارية‭ ‬معينة‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬وراء‭ ‬رواج‭ ‬منتوج‭ ‬ما،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬انتقادهم‭ ‬لمطعم‭ ‬أو‭ ‬فندق‭ ‬ما‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الإقبال‭ ‬عليه‮.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يؤكد‭ ‬الخبير‭ ‬والمستشار‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬الحديثة،‭ ‬أمين‭ ‬رغيب،‭ ‬أن‭ ‬التسويق‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المؤثرين‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أعطى‭ ‬نتائج‭ ‬مبهرة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬كذلك‭ ‬دائما،‭ ‬فهناك‭ ‬خطأ‭ ‬كبير‭ ‬يقع‭ ‬فيه‭ ‬المكلفون‭ ‬بالتسويق‭ ‬الرقمي‭ ‬لدى‭ ‬الشركات،‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬وراء‭ ‬المؤثر‭ ‬الذي‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬متابعين‭ ‬ك‭ ‬ثر‭ ‬دون‭ ‬إعارة‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬للمضامين‭ ‬التي‭ ‬ينشرها،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬أخطاء‭ ‬تسويقية،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭ ‬لمؤثر‭ ‬ما‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬متابعيه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النتائج‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬إيجابية‭ ‬لأنهم‭ ‬استهدفوا‭ ‬الجمهور‭ ‬الخطأ‮.‬
وسجل‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لوحظ‭ ‬لجوء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤثرات‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬علامات‭ ‬تجارية‭ ‬خاصة‭ ‬بهن‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الملابس‭ ‬أو‭ ‬مواد‭ ‬التجميل‭ ‬وغيرها،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬متابعيهن‭ ‬لخلق‭ ‬مشاريع‭ ‬ناجحة‭ ‬والتسويق‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬حساباتهن‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‮.‬

p كيف‭ ‬غيرت‭ ‬المؤثرات‭ ‬حياة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل‭‬؟

n في‭ ‬رصدها‭ ‬لتنامي‭ ‬ظاهرة‭ ‬المؤثرات‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬تؤكد‭ ‬أستاذة‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬بجامعة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬حنان‭ ‬ازعيرك،‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬مكنها‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬الوسائط‭ ‬الرقمية،‭ ‬خاصة‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬نموذج‭ ‬هوياتي‭ ‬جديد‭ ‬يقدمها‭ ‬كذات‭ ‬فاعلة‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬المواقع،‭ ‬ويرفع‭ ‬عنها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬مظاهر‭ ‬التهميش‭ ‬التي‭ ‬تطالها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الواقعي‮.‬
وأوضحت‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوسائط‭ ‬‮(‬منصات‭ ‬إلكترونية،‭ ‬تطبيقات،‭ ‬شبكات‭ ‬اجتماعية‮…)‬‭ ‬التي‭ ‬مكنتها‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬بكل‭ ‬حرية‭ ‬ومناقشة‭ ‬قضاياها‭ ‬المختلفة،‭ ‬حيث‭ ‬شكل‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭ ‬متنفسا‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬لطالما‭ ‬ظلت‭ ‬محظورة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للنساء‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الدين،‭ ‬السياسة‮…‬وغيرها،‭ ‬ويظهر‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬المدونات‭ ‬النسائية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬كما‭ ‬مكن‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬من‭ ‬التعريف‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬النسائية‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬علمية‭ ‬وسياسية‭ ‬وثقافية‮..‬
والمتابع‭ ‬للحركية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬إنكار‭ ‬المساهمات‭ ‬القيمة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المؤثرات‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬نساء‭ ‬عديدات‮.‬‭ ‬فرغم‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مؤثرات‭ ‬يحظين‭ ‬بالإجماع‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك،‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد،‭ ‬مؤثرات‭ ‬عديدات‭ ‬بصمن‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬لافت‭ ‬ويتمتعن‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬لدى‭ ‬المغاربة،‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬اهتمامها‭ ‬ودائرة‭ ‬اختصاصها‮.‬
ويظهر‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬الخصوص،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مواكبتهن‭ ‬لكل‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬بعيد‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية،‭ ‬عبر‭ ‬حث‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتهن‭ ‬وخلق‭ ‬مشاريع‭ ‬تمكنهن‭ ‬من‭ ‬تحسين‭ ‬وضعيتهن‭ ‬المادية،‭ ‬وكذا‭ ‬تعبئتهن‭ ‬لدعم‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الوطن‭ ‬وإشاعة‭ ‬ثقافة‭ ‬التضامن‭ ‬وتشجيع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬سلوكيات‭ ‬مواطنة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬التبرع‭ ‬بالدم‭ ‬والتضامن‭ ‬مع‭ ‬الفئات‭ ‬المعوزة‮.‬
كما‭ ‬أضحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤثرات‭ ‬المغربيات‭ ‬تقدمن‭ ‬صورة‭ ‬إيجابية‭ ‬عن‭ ‬بلدهن‭ ‬الأم،‭ ‬وخير‭ ‬سفيرات‭ ‬للثقافة‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬المغربية‭ ‬العريقة‭ ‬أمام‭ ‬متابعيهن‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الجنسيات،‭ ‬وتساهمن‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬ونبذ‭ ‬الكراهية‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‮.‬
ومن‭ ‬بين‭ ‬المحطات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬برزت‭ ‬فيها‭ ‬المساهمة‭ ‬الفعالة‭ ‬للمؤثرات‭ ‬الحقيقيات،‭ ‬فترة‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي،‭ ‬حيث‭ ‬شكلن‭ ‬الملجأ‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬المغربيات‭ ‬لمساعدتهن‭ ‬على‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬الحجر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقاسم‭ ‬يومياتهن‭ ‬والبرامج‭ ‬التي‭ ‬تبنينها‭ ‬داخل‭ ‬المنزل‭ ‬للترويح‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬من‭ ‬رياضة‭ ‬وتشجيع‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬وبث‭ ‬للروح‭ ‬الإيجابية‭ ‬حتى‭ ‬تمر‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بسلام‮.‬

p لماذا‭ ‬أصبحت‭ ‬المؤثرات‭ ‬مصدرا‭ ‬للإحباط‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والمعلومات‭ ‬المضللة؟

n في‭ ‬مقابل‭ ‬الصورة‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬بعض‭ ‬المؤثرات،‭ ‬اعتبرت‭ ‬أستاذة‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع،‭ ‬حنان‭ ‬ازعيرك،‭ ‬أن‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬داخل‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضي‭ ‬‮”‬ظلت‭ ‬امتدادا‭ ‬لتلك‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬ينسجها‭ ‬المخيال‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حول‭ ‬أدوار‭ ‬المرأة‭ ‬ومجالات‭ ‬حضورها،‭ ‬حيث‭ ‬سجلت‭ ‬حضورا‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الطبخ،‭ ‬الأشغال‭ ‬المنزلية،‭ ‬التجميل،‭ ‬عرض‭ ‬الأزياء،‭ ‬والتسوق‮…‬كيف‭ ‬لا‭ ‬مادام‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬المساحات‭ ‬الافتراضية‭ ‬شبيه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬ببناء‭ ‬المساحات‭ ‬المادية‭ ‬الحقيقية،‭ ‬تنضاف‭ ‬إليه‭ ‬صفة‭ ‬الإبداع‭ ‬والتنوع‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬وسائط‭ ‬متعددة‭ ‬كالصورة‭ ‬والصوت‭ ‬والعلامات‭ ‬والرموز،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬ذاتها‭ ‬وفق‭ ‬خياراتها‭ ‬وإرادتها‮”.‬
وأبرزت‭ ‬أنه‭ ‬بذلك،‭ ‬فإن‭ ‬حضور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬نفس‭ ‬الأنساق‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الجاهزة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬صعوبة‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضي‭ ‬تجعل‭ ‬النساء‭ ‬فيه‭ ‬عرضة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الإساءة‭ ‬والتهميش‭ ‬والاستغلال،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬تنص‭ ‬عليه‭ ‬مجمل‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النهوض‭ ‬بقضايا‭ ‬النساء‭ ‬عبر‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬تجويد‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬داخل‭ ‬الفضاءات‭ ‬الإعلامية،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬يظل‭ ‬غير‭ ‬ممكن‭ ‬داخل‭ ‬عالم‭ ‬افتراضي‭ ‬تصعب‭ ‬فيه‭ ‬إمكانية‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬فاعليه‮.‬
وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬للمرأة‭ ‬المتداولة‭ ‬على‭ ‬الوسائط‭ ‬الالكترونية،‭ ‬فإن‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬بعض‭ ‬المؤثرات‭ ‬على‭ ‬متابعاتهن‭ ‬لا‭ ‬تخطئها‭ ‬العين،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنهن‭ ‬أصبحن‭ ‬مصدرا‭ ‬لبث‭ ‬مشاعر‭ ‬الإحباط‭ ‬والاكتئاب‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬نساء‭ ‬لا‭ ‬تسعفهن‭ ‬ظروفهن‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لمجاراة‭ ‬إيقاع‭ ‬حياة‭ ‬المؤثرات‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬بالرفاهية‭ ‬والبذخ‮.‬‭ ‬فبمجرد‭ ‬مغادرة‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتابعات‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬وما‭ ‬يتم‭ ‬تقاسمه‭ ‬داخله‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الغنى‭ ‬والحياة‭ ‬السعيدة،‭ ‬تصبن‭ ‬بالصدمة‭ ‬وتصطدمن‭ ‬بصعوبة‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‮.‬
وقد‭ ‬دق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬والاجتماع‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬بشأن‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬بعض‭ ‬المؤثرات،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المراهقات،‭ ‬اللائي‭ ‬يحول‭ ‬غياب‭ ‬الإمكانيات‭ ‬دون‭ ‬نجاحهن‭ ‬في‭ ‬تقليد‭ ‬مؤثراتهن‭ ‬المفضلات‭ ‬ومحاكاة‭ ‬نمط‭ ‬حياتهن،‭ ‬مما‭ ‬يولد‭ ‬لديهن‭ ‬شعورا‭ ‬بالإحباط‭ ‬واليأس،‭ ‬وقد‭ ‬يدفعهن‭ ‬إلى‭ ‬سلك‭ ‬سبل‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬لتحقيق‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬المثالي‭ ‬هذا‮.‬
وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬تثير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحتويات‭ ‬التي‭ ‬تتقاسمها‭ ‬بعض‭ ‬المؤثرات‭ ‬القلق‭ ‬وقد‭ ‬تتسم‭ ‬بالخطورة‭ ‬أحيانا،‭ ‬ولاسيما‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بتقاسم‭ ‬وصفات‭ ‬طبية‭ ‬أو‭ ‬تجميلية‭ ‬بلا‭ ‬حسيب‭ ‬ولا‭ ‬رقيب،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬تنجم‭ ‬عنه‭ ‬عواقب‭ ‬صحية‭ ‬وخيمة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص،‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬وصيادلة‭ ‬ومتخصصين‭ ‬في‭ ‬التجميل،‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬وإنشاء‭ ‬حسابات‭ ‬أو‭ ‬قنوات‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتصحيح‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬والتصدي‭ ‬لمروجي‭ ‬هذه‭ ‬المغالطات،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنهم‭ ‬الأجدر‭ ‬بتقديم‭ ‬النصائح‭ ‬الطبية‭ ‬الصائبة‮.‬
ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يتوقف‭ ‬المتخصصون‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬عند‭ ‬فئة‭ ‬أخرى‭ ‬حاضرة‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ت‭ ‬صنف‭ ‬نفسها‭ ‬ضمن‭ ‬المؤثرات،‭ ‬وهي‭ ‬فئة‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬رسائل‭ ‬معينة‭ ‬ولا‭ ‬مضامين‭ ‬محددة‭ ‬تريد‭ ‬تمريرها‭ ‬ولا‭ ‬تسعى‭ ‬للربح،‭ ‬بل‭ ‬هاجسها‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬إظهار‭ ‬حياتها‭ ‬اليومية‭ ‬وتقاسم‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتها‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬وهي‭ ‬فئة‭ ‬يصنفها‭ ‬الأخصائيون‭ ‬النفسيون‭ ‬ضمن‭ ‬الشخصيات‭ ‬السيكوباتية‭ ‬والمحتاجة‭ ‬لمتابعة‭ ‬نفسية‮.‬

p هل‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مؤثرات‭ ‬مغربيات‭ ‬ثائرات‭‬؟

n في‭ ‬خضم‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المؤثرات‭ ‬المهتمات‭ ‬أساسا‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للمرأة‭ ‬المغربية‭ ‬ويعينها‭ ‬على‭ ‬تجويد‭ ‬حياتها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والنفسية‭ ‬والجمالية،‭ ‬تبرز‭ ‬أصوات‭ ‬مختلفة‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬لمؤثرات‭ ‬اخترن‭ ‬توجها‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬إسماع‭ ‬صوت‭ ‬المرأة‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬ماتزال‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬ضروس‭ ‬مع‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تلاحقها،‭ ‬وتسعى‭ ‬لأن‭ ‬تقول‭ ‬كلمتها‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تظل‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬الرجل‮.‬
وتبدو‭ ‬معركة‭ ‬هؤلاء‭ ‬المؤثرات‭ ‬صعبة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬داخل‭ ‬مجتمع‭ ‬مغربي‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬حبيس‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعتقدات‭ ‬والأفكار‭ ‬المتجاوزة‭ ‬حول‭ ‬المرأة،‭ ‬حيث‭ ‬يسعين‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬وعي‭ ‬النساء‭ ‬بحقوقهن‭ ‬المدنية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حضورهن‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬وحثهن‭ ‬على‭ ‬التمتع‭ ‬بمواطنتهن‭ ‬كاملة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬ونبذ‭ ‬التمييز‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬النوع‭ ‬وطرح‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬أمام‭ ‬تحقيق‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬لذاتها‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬عاجلة‭ ‬لها‮.‬
ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المؤثرات‭ ‬بمثابة‭ ‬شخصيات‭ ‬مرجعية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمتابعيهن،‭ ‬من‭ ‬الإناث‭ ‬والذكور‭ ‬أيضا،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحياة‭ ‬العامة،‭ ‬حيث‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬آرائهن‭ ‬وقراءتهن‭ ‬للأحداث‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويتبنون‭ ‬بدورهم‭ ‬هذه‭ ‬الآراء‮.‬
ورغم‭ ‬أن‭ ‬المؤثرات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬لا‭ ‬يتوفرن‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المتابعين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬يمررنها‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬صدى‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬متابعيهن‮.‬
ومن‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬هاته،‭ ‬يصبح‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬النهوض‭ ‬بوضعية‭ ‬بنات‭ ‬جنسها‭ ‬وما‭ ‬تدافع‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬نسائية‭ ‬وليس‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬يتابعهن‮.‬
ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬استثمار‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬ظاهرة‭ ‬المؤثرات‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الأمثل،‭ ‬يشكل‭ ‬سبيلا‭ ‬فعالا‭ ‬لزيادة‭ ‬الوعي‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬النساء‭ ‬بحقوقهن‭ ‬وواجباتهن‭ ‬حتى‭ ‬تكن‭ ‬عناصر‭ ‬فاعلة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬وتساهمن،‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬موقعها،‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بوضعية‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تستحق،‭ ‬بالنظر‭ ‬للكفاءات‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬عليها‭ ‬والتي‭ ‬يتعين‭ ‬تثمينها‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬أمامها‭ ‬للبروز‭ ‬على‭ ‬الساحة‮.‬
وحتى‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكيلا‭ ‬تتحول‭ ‬المؤثرات‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬عناصر‭ ‬مهددة‭ ‬لاستقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬بسبب‭ ‬المضامين‭ ‬الفارغة‭ ‬والمضللة‭ ‬التي‭ ‬تبثها‭ ‬غالبيتهن،‭ ‬فقد‭ ‬أضحى‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬ملاءمة‭ ‬الإطار‭ ‬التشريعي‭ ‬مع‭ ‬المستجدات‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬هذه‭ ‬الوسائط‭ ‬الحديثة‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لكل‭ ‬التجاوزات‭ ‬المسجلة


الكاتب : ‮ ‬كريمة حاجي‮ ‬

  

بتاريخ : 24/04/2021