من النقد المحايث الى تهجين النقد
تزامن إصدار الباحث والكاتب محمد أبو العلا، أستاذ التعليم العالي بجامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال، لكتابه الجديد «هجنة المتخيل السردي والمسرحي.. من النقد المحايث إلى تهجين النقد»، والصادر هذه السنة عن منشورات مؤسسة الموجة الثقافية، مع سلسلة من الدراسات النقدية التي استقصت مواضيع تهم «المسرح المغربي»، واللغات الدرامية، وأسئلة التنظير والمنجز وانتهاء بكتاب «المسرح والسرد، نحو شعريات جديدة»، الى جانب نصوصه الدرامية المسرحية ونصه الروائي «عندما يزهر اللوز» (2020).
وينبع انشغال الكاتب أبو العلا بالأجناس الأدبية، والتي تتقاطع في نقطة «المابين»، في احتراز نقدي وجرأة معرفية في التقصي والتناول. علما أن انشغال الباحث بالكتابة الإبداعية أساسا، تنازعته تفصيلات متعددة: النص الدرامي والروائي والسينمائي، وانشغال بالكتابة الإبداعية وبأسئلة الخطاب النقدي، ضمن سعي حثيث لأفق المقاربة والتحليل والتأويل.
كتاب الدكتور محمد أبو العلا، «هجنة المتخيل السردي والمسرحي»، يسعى الى الاقتراب من الأسئلة الجديدة والمتصلة بما آل إليه المتخيل السردي، سواء «في علاقته بما يدون قسرا على عتباته من تجنيس مفرط في تصنيفاته البرانية، أو ما يتصل بهذا التجنيس من تنظير». ويظل انشغال الكتاب المنهجي يتجاوز، الاشتغال على موضوع «المابينية» في المسرح والسرد فحسب، بل ينصرف الباحث «في مباحث عدة من الفصل النظري، نحو «تجليات دراسات نقاد مغاربة انشغلت بالتباسات التنافذ في نصوص» تنتمي لسياقات أجناسية متعددة.
يقع كتاب الباحث محمد أبو العلا «هجنة المتخيل السردي والمسرحي، من النقد المحايث إلى تهجين النقد»، في 137 صفحة وهو من تقديم الناقد محمد بوعزة، من جامعة مولاي اسماعيل / مكناس، والذي قدم للكتاب في استقصاء لسؤال «المابين: نحو جماليات عابرة للحدود». ويضم الكتاب مبحثين، فصل نظري وآخر تطبيقي، في بسط ل»إشكالية التجنيس في ظل ما تواتر من إبدالات طالت البناء الداخلي للمتخيل السردي والدرامي، مثلما غدا النقد المحايث على المحك أيضا بفعل قصور عُدّته الإجرائية في الإحاطة بما أمسى يتخلق من أمشاج خارج النص، نتاج تفاعل النص الحاضن بآخر متحدر من جنس آخر، نظير تهجين المسرح بالسرد أو السرد بالمسرح».
ويقترح الناقد محمد أبو العلا مسارا ثالثا، وهو ما يسمه ب»نقد مغاير»، هذا المسار الذي يحتفي بقراءات تحاول مواكبة التحولات التي مست البنى الداخلية في المتخيل السردي والمسرحي، ومن خلال الارتكاز على مفاهيم ومقولات جديدة نتاج مساءلة تطور النص، وحواريته مع نصوص داخل وخارج حدوده الأجناسية. ويستقرأ الباحث في الفصل التطبيقي نصوص السرد والمسرح والمحكي التراثي، عبر مقترح إجرائي يسعى الى تهجين القراءة(سردية /دراماتورجية) انسجاما مع تهجين متخيل ومحفل شخوص قصصية وروائية ومسرحية («في انتظار مارلين مونرو» لمحمد امنصور، «احتمال ممكن جدا» لحسام الدين نوالي، «حين يتجشأ البحر الأحذية» لابراهيم الهنائي، «على باب الوزير» لعبدالكريم برشيد، «زنوبيا في موكب الفينيق» لعبدالرحمان بنزيدان، واقتفاء نوادر (بخلاء) الجاحظ، انتهاء إلى خشبة الطيب الصديقي).
صدر للباحث محمد أبو العلا: في مجال المسرح «مسرحية بعد الحكي تموت اللقالق/1995، «علال رحال وحكاية الكازوال ومحمية خنزير/2007، وفي مجال النقد كتب «اللغات الدرامية وظائفها وآليات اشتغالها في النص المسرحي العربي»/2004، «المسرح المغربي من النقد إلى الافتحاص»/2010، «سؤال التنظير و أسئلة المنجز»/2014، «المسرح والسرد، نحو شعريات جديدة»/2018». كما صدرت له رواية «عندما يزهر اللوز»، في طبعة أولى سنة 2020.