صدور دورية لمكتب الصرف حول أدوات تغطية مخاطر الصرف شددت على نبذ المضاربة وألزمت البنوك بالتبليغ عنها في الحال

أصدر مكتب الصرف أخيرا دوريته المتعلقة بأدوات التحوط من مخاطر الصرف وتقلبات أسعار المواد الأساسية والفوائد، وذلك بعد أسبوع على قرار الحكومة الانتقال إلى نظام صرف أكثر مرونة.
وحددت الدورية شروط وآليات وأدوات ممارسة عمليات التغطية من مخاطر الصرف، مع التشديد نبد المضاربة، وتحميل البنوك مسؤولية التبليغ في الحال عن جميع عمليات المضاربة المعاملات غير القانونية.
فمع إدخال مرونة الصرف تغيرت معطيات التجارة الخارجية بشكل كبير. فقد ولى زمن كان الدرهم فيه مرتبطا باليورو لدرجة أن المتعاملين في مجال التجارة الخارجية مع الإتحاد الأوروبي، الشريك الأول للمملكة، لم يكونوا يأبهون لتقلبات أسعار الصرف. ففي ذلك العهد، عندما كان الدرهم مسنودا إلى اليورو في إطار نظام الصرف الثابت، كان المُصَدّر المغربي، عندما يوقع عقد بيع مع المستورد الأوروبي، يعرف تقريبا بالضبط كم من الدراهم سيحصل عليها مقابل مبلغ الصفقة بعد إتمامها. أما اليوم مع مرونة الصرف فهذا المبلغ أصبح غير معلوم.
عندما يجلس المصدر المغربي اليوم للتفاوض مع المستورد الأوروبي، حول صفقة ملابس مثلا أو منتجات فلاحية، فهو لا يعرف كم سيكون سعر الدرهم مقابل اليورو بالضبط بعد ستة أو سبعة أشهر، وهي الفترة التي سيتطلبها تصنيع البضاعة وإرسالها للزبون وتلقي ثمنها باليورو وتحويله إلى الدرهم. وبالتالي فإن المصدر سيجد صعوبة في التفاوض حول ثمن بيع بضاعته باليورو. فطل تكاليف عملية تصنيع البضاعة ستتم بالدرهم، من أداء أجور العمال إلى شراء الطاقة ومدخلات الإنتاج وإيجار المحلات. قد يعطي ثمنا للزبون الأوروبي بناء على سعر الصرف الحالي, لكن بعد أشهر، عندما ينتهي من تصنيع البضاعة وإعداها، ويحين وقت التسليم والأداء، قد يفاجأ بانخفاض قيمة اليورو مقابل الدرهم. أي أن المبلغ الذي سيحصل عليه بالدرهم بعد إجراء عملية الصرف، سيكون أقل من المتوقع، بل قد لا يغطي تكلفة الإنتاج. تلك هي مخاطر الصرف التي سيكون على المصدرين المغاربة الاحتراز منها من الآن فصاعدا.
صحيح أن أسعار الصرف قد تتطور في الاتجاه الآخر أيضا، ويترتب عنها تحقيق أرباح استثنائية غير متوقعة. لكن هدف رجل الأعمال ليس المضاربة، أو المقامرة. كما يقول المغاربة “الحساب صابون”، ما يهم المصدر هو تحقيق التوازنات المالية لمعاملاته ووضحها، بكم سينتج، وبكم سيبيع وكم سيحقق من أرباح. وبالتالي أصبح عليه اللجوء إلى أدوات الوقاية من مخاطر الصرف لتحييد هذه المخاطر، ويتمكن من توفير الوضوح التام حول حسابات الصفقة قبل الشروع في تنفيذها.
غير أن هذه الأدوات تتكون من معاملات مصرفية معقدة بالعملات، والتي يمكن استعمالها أيضا في مجال المضاربة. لذلك كان ضروريا تقنين هذه العمليات وتحديد النطاق المسموح فيه بممارستها وشروطها.
وأوضحت دورية مكتب الصرف أن الأمر يتعلق بثلاثة أنواع من العمليات. أولها عمليات صرف الدرهم مقابل العملات وصرف العملات فيما بينها، التي تنجزها البنوك المعتمدة لصالح وبائنها أو لنفسها، وذلك بهدف الوقاية من مخاطر الصرف المرتبطة بالعمليات الجارية أو الرأسمالية،
عمليات تغطية مخاطر سعر الفائدة لنفسها أو غيرها في إطار المعاملات المالية مع الخارج. أما النوع الثاني فيتعلق بعمليات تغطية مخاطر تقلبات أسعار المواد الأساسية، خاصة المنتجات الفلاحية والمعادن والطاق سواء تعلق الأمر بالواردات أو الصادرات أو الواردات المخزنة. فيما يتعلق النوع الثالث بتغطية المخاطر المرتبطة بالأصول المالية كالديون ومعاملات التأمين والاستثمارات.
وأكدت الدورية على ضرورة أن تكون عمليات التغطية مستندة إلى عمليات تجارية أو رأسمالية حقيقية مرتبطة بالنشاط العادي للفاعل الاقتصادي وليست من أجل مضاربة، واشترطت تقديم كل الوثائق المتعلقة بالعملية والإثباتات التي تؤكد ذلك من عقود تجارية ومستندات استيراد وتصدير وفواتير. كما أكدت الدورية على أن مبلغ عملية التغطية لا يجب أن يتجاوز قيمة الصفقة التجارية المستهدفة، وأن تتطابق آجال العمليتين.
كما نصت الدورية على ضرورة فتح حساب بنكي خاص لكل عملة تغطية مخاطر الصرف والأسعار، وعلى ضرورة إلغاء عملية التغطية حالا في حالة إلغاء الصفقة التجارية التي خلقت من أجلها. كما ألزمت المتعاملين بالحرص على تحويل كل الفوائض التي قد تنتج عن عمليات التغطية وتقلبات الأسعار إلى الدرهم داخل أجل شهر كما ينص على ذلك قانون الصرف. وألزمت البنوك بالتبليغ في الحال عن أية عملية مشبوهة وعمليات المضاربة.


الكاتب :  مواسي لحسن

  

بتاريخ : 23/01/2018