صديقي الرجل

ما هذا الانفصام صديقي الرجل؟
ونحن نتبادل أطراف حديث عابر؛ تقاطع تنافر، تعجب ودهشة .
كان بوحا بل أكثر. كان اعترافا بما تمليه عليه رجولته « فحولته «.
كنت مستمعة بامتياز. لم أترك السهو يأخذني من أجوائه. قاومت انتفاضة الأنثى بداخلي جردتُني منها لأستوعب منطق من يخاطبني.
تحدثنا قليلا عن زوجته المثقفة وعن نضالاتها المتنوعة، عن الحرية، عن مفهومه للحرية وعن العالم الافتراضي ومدى صحة ما يُنشر وصِدق من يُفعل ويتفاعل. تحدثنا كثيرا عن صور،أ نشطة. بوح، و… و و و و أشياء كثيرة. كزوج فهو يعتبرها شطحات فكر حداثي.
فنجاني الثالث لقهوة خفيفة وحديث صديقي أصاباني بمغص أوشك أن يفسد جلسة كادت تكون جدالا لولا تلك الصعقة الاعترافية بما جاء به منتصف بوحه.
لأنه صديقي كان يُسر إلي ببعض ميولاته. يعْلمني كلما غير رقما من أرقامه « عشيقاته «المتعددة.
نختلف» كثيرا «لكننا نتقاطع قليلا وهذا القليل به» كثير «من الود واحترام قناعات الآخر. هذا الود الذي يجمع رجلا بامرأة. ود مجرد من التجنيس. نستمع إلى بعضنا ونستمتع بتفاهة بعضنا أحيانا. أحلل ذاك الرجل الآخر من خلاله وربما يبحث عن تلك المرأة الأخرى من خلالي.
صعقت حين حدثني عن خليلته أو معشوقته أو حبيبته كما يود أن يناديها. اختلطت حساباتي المتوازنة. كان يعشق ما يراه بعيون معجبيها بل كان يعشق فيها ما يمنعه عن زوجته.
فالفكر الافتراضي الحداثي يُعتبر تميزا بصفحة خليلته. صورها متعة للناظر و أفكارها المسربة بجرأة ما مثال للفكر الحر بدون قيد رجعي.
طلبت فنجانا رابعا لأتصدى لهاته الثورة بداخلي.. لكي أسكن قليلا وأستمع وأستمتع أيضا بتفاهة مغلفة برجولة ما.
صديقي له زوجة مثقفة. بمحرابه تفوح منها رائحة حمام شعبي، ضفائرها مخضبة بخليط الحناء و الورد والقرنفل تمارس طقوس الطاعة والخنوع. و له عشيقة تحترم إنسانيتها. بحضوره تمارس حرية الفكر الحداثي تتلاشى المعتقدات والطابوهات كلما دغدغه عطرها الباريسي.
ابتسمت في ود وبإشارة خفيفة ودعته ووعدت نفسي ألا أظلمها ببوح آخر يجمعنا به. ربما اشتهاني ذات لقاء فأنا امرأة مثقفة، مناضلة، أُصاب بعدوى الخنوع أحيانا. أومن بالإنسانية وأبعادها المتفرعة و أعشق صوري المبعثرة على حائطي وأقدس أفكاري الجريئة.
بحثت عن سيجارة تائهة بحقيبتي. تذكرت أنني لا أدخن. تيقنت ساعتها أنه أصابني بلوثة ما وأنني سأقضي الليلة بمصحة ما. ليس بسبب انفصام أصاب صديقي الرجل، لكنه الفنجان الرابع لقهوة أعشقها حين تثيرني التفاهات.


الكاتب : إيمان الوطندي

  

بتاريخ : 25/01/2021