كشفت الدورة الأخيرة لمجلس مدينة الدارالبيضاء فضيحة من العيار الثقيل، تتعلق بممتلكات الدارالبيضاء، فقد أثار نقاش بين رئيس فريق العدالة والتنمية، الحزب الذي كان يسير شؤون العاصمة الاقتصادية في الولاية السابقة، ونائب العمدة المفوض له قطاع الممتلكات، موضوع سجل الممتلكات، ونعني هنا الجرد الرسمي لممتلكات المدينة التي تساوي ملايير الدراهم، وهو السجل الذي من المفروض أن يكون المرجع والبوصلة الأساس للمدينة صونا لهذه الممتلكات حتى تسهل عملية تدبيرها، حيث اعتبر رئيس فريق العدالة بأن المجلس الحالي لم يقم بتثمين هذه الممتلكات على الوجه الصحيح، ليرد نائب العمدة بأن زميله يتحدث عن السراب، ويحكي بأن مجلسه لم يتوصل بسجل الممتلكات أثناء تسليم السلط من مجلس المتحدث، الذي كان مسؤولا عن تدبير الجماعة، وكان المجلس السابق قد اعتمد مكتبا للدراسات عن طريق شركة التنمية ” الدارالبيضاء للتراث “، لتقوم بجرد ممتلكات الدارالبيضاء ووضع المعطيات في نظام للبرمجيات في أفق تحفيظها وتسوية وثائقها حتى لا يعبث بها العابثون كما كان حاصلا في السابق، وقد خصص المجلس السابق حوالي نصف مليار سنتيم كي ينجز هذا العمل على الوجه الأكمل، لكن ظهر بسبب الخلاف الحاصل بين الطرفين أي المسيرين القدامى والحاليين، بأن السجل غير متوفر ، والأنكى من ذلك أن المجلس الحالي وتنفيذا للمقررات السابقة وعملا باستمرار الإدارة، أدى المستحقات المالية للشركة التي أنجزت العمل دون أن يكون هذا السجل بين يديه ؟؟ !
العجيب في الأمر أن الصراع لما احتدم حول الموضوع، أكد رئيس فريق العدالة والتنمية، بأن مجلسه لم يتسلم السجل من الشركة التي أنجزته، بل توصل به، وإداريا” تسلم” تختلف كثيرا عن “توصل” ، فالتسليم يعني القبول والتوقيع بين الطرفين بأن العمل اكتمل، و”التوصل” هو لمجرد الاطلاع وتسجيل الملاحظات ليعاد إلى الشركة استجابة للملاحظات، هنا يزداد الغموض ويتعاظم، فمادام المجلس السابق “توصل “، فقط، بالسجل لإبداء الرأي، فلماذا صرف المجلس الحالي مستحقات الشركة ؟ ثم إذا كان المجلس السابق “توصل”، فقط، بالسجل فأين ما توصل به وما هي الملاحظات التي دونها، كي يتتبعها المجلس الحالي ؟؟
اللبس سيزداد حينما نعلم، وكما أشرنا سابقا، أن الشركة التي تكلفت بهذه المهمة هي شركة التنمية المحلية ” الدارالبيضاء للتراث ” ، والمفروض أنها هي التي ستكون رسميا قد “تسلمت” السجل سواء المخطوط أو الرقمي، هذه الشركة بجرة قلم تم حلها في الأشهر الماضية، وقد تم حلها دون سابق إنذار ودون أن تطالَب بمد المجلس بما تتوفر عليه من وثائق وملفات تهم الجماعة، سبق وأن كلفتها بمعالجتها في إطار مهامها، اليوم أقبرت هذه الشركة وأقبر معها هذا السجل المهم، ولعل جواب نائب رئيسة الجماعة المفوض له قطاع الممتلكات، كان كافيا ليثبت بأن الجماعة حاليا لا تتوفر على السجل ولم تتوصل من “كازا باتريموان” بأي شيء، وبأن المجلس السابق عند تسليم السلط لم يمد المجلس الحالي بأي أثر يهم هذا المجلس، هنا وجب الوقوف والتأمل، لماذا تم صرف مستحقات مكتب الدراسات ما دام السجل مفقودا ؟؟؟
ممتلكات الدارالبيضاء، منذ عهد المجموعة الحضرية، ظلت هي عصب التساؤلات داخل المجالس التي تعاقبت على التسيير ، وإن كانت التقديرات بأن هذه الممتلكات تساوي مالا يقل عن 10 ملايير دولار، ومن شأن حسن تدبيرها وتثمينها أن يعفي جماعة الدارالبيضاء من اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، والتي تكلف جماعة الدارالبيضاء في كل سنة مالا يقل عن 8 ملايير سنتيم كتسديد لفوائد هذه الاقتراضات، التي دشنها المجلس الذي كان يرأسه ساجد، مرورا بالمجلس الذي ترأسه العماري وصولا إلى اليوم !