صفقة هي الأضخم لإعادة تهيئة وتجديد مَعْلَمة المملكة .. نقابيون يطالبون فتح تحقيق شامل في الصفقات العمومية للمكتبة الوطنية

طالبت النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية، وزير الشباب والثقافة والتواصل بالتدخل العاجل، وفتح تحقيق شامل في الصفقات العمومية للمكتبة الوطنية، مع الدعوة إلى الوقف الفوري لاختلاق المشاريع الصورية وإلغاء كل الصفقات المشبوهة.
واستنكرت النقابة، في بيان لها، كل أشكال الفساد، معبرة عن رفضها تسخير المقربين لضرب ومحاولة تكميم أفواه الشرفاء، مؤكدة على ضرورة تنزيل النظام الأساسي الخاص بالمؤسسة والتسريع بمنح التعويض عن الأخطار المهنية.
ويأتي هذا البيان الاستنكاري، بعد الاطلاع على فحوى ما جاء في أحد المنابر الإعلامية، يتناول الحديث عن إعادة تهيئة وتجديد المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط في إطار صفقة بمبلغ يفوق 18 مليون درهم، وتعد هذه الصفقة الأضخم المسجلة في تاريخ المكتبة الوطنية في عهد المدير الحالي .
ومما يثير الاستغراب، تقول النقابة، هو أن الصفقة لم يتم التطرق إليها على مستوى مصالح المكتبة الوطنية، كما أنها تتزامن مع فترة الإجازات السنوية للمستخدمين، إضافة إلى أن الموقع الرسمي الخاص بالمكتبة الوطنية لم يتضمن أي إشارة لها على الصفحة الخاصة بالإعلانات، مما يطرح أكثر من تساؤل حول كيفية وصول هذا الموقع لكل هذه التفاصيل وكذا حول الأهداف الحقيقية من وراء هذه الصفقة الضخمة.
ومما يثير الشكوك، يضيف ذات البيان، هو التعتيم الممنهج حول هذا المشروع، خاصة أنه تمت برمجته في وقت تعيش فيه المؤسسة وضعية استثنائية فرضها فراغ الهيكل التنظيمي بعد استقالة وإقالة عدد من المسؤولين جلهم تابعون لقطب الشؤون المالية والإدارية، والخطير في الأمر هو تمركز كل مهام هذا القطب بيد شخص واحد، بتعليمات من مدير المؤسسة، ليجمع بين تدبير الصفقات العمومية وتدبير الميزانية وتدبير الأداءات، وهو ما يعتبر تداخلا بين مهام حساسة من المفروض الفصل بينها من أجل الحكامة الجيدة وممارسة الرقابة والتدقيق طبقا للقوانين الجاري بها العمل في هذا الشأن، وهذا ما يتنافى مع الشفافية المطلوبة في تدبير الصفقات العمومية بصفة خاصة، وفي ما يخص التدبير الإداري والمالي بصفة عامة.
وفي إطار هذه الاختلالات التدبيرية، تقول النقابة، تم إبعاد وتنقيل جل المستخدمين ذوي التخصص والتجربة من هذا القطب بالذات إلى مصالح أخرى لا علاقة لها بتكوينهم وتعويضهم بمستخدمين جدد تم توظيفهم مؤخرا لهذا الغرض.
وتتساءل النقابة، كيف تم إقناع مصالح وزارة المالية للترخيص بإبرام صفقة بهذا الحجم في ظل الظرفية الاستثنائية التي تعيشها البلاد والناجمة عن موجة الغلاء غير المسبوقة، والتي أثرت بشكل واضح على التوازنات المالية للمملكة، كما تطرح علامة استفهام عن الكيفية التي تمت بها تعبئة الموارد المالية للمؤسسة، في حين تم رفض مقترح منح التعويضات عن الأخطار المهنية للمستخدمين وتبني وتنزيل النظام الأساسي الخاص بهم المصادق عليه في اجتماع المجلس الإداري لسنة 2017 بحضور وزير الثقافة وممثلين عن وزارة المالية آنذاك، متسائلة عن البرنامج التوقعي للاقتناءات السنوية الذي يعد من المبادئ المؤطرة الواردة في المرسوم المنظم لإبرام الصفقات العمومية ومتى وكيف تم إنجازه، كما تتساءل عن الأسماء التي ستتضمنها لجنة العروض، هل سيتم تعيين أسماء جديدة أم سيتم اللجوء إلى نفس الأسلوب في إبرام الصفقات العمومية وتوجيه امتحانات الكفاءة المهنية وتساءلت النقابة عن مآل تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات جراء خروقات خطيرة.
وأكدت النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية أن العنصر البشري هو حجر الزاوية في كل مقاربة تروم الرقي بمؤسسة عريقة، مجددة التأكيد على التزامها الثابت بالدفاع عن حقوق المستخدمين والعمل على تحقيق المطالب المشروعة وخصوصا تثمين العنصر البشري وإعطائه الأولوية، كما عبرت عن رفضها القاطع للسعي إلى حصر الاستثمار في البنية التحتية عن طريق مشاريع وصفقات تجعل الأولوية على حساب العنصر البشري .
وفي تصريح لجريدة »الاتحاد الاشتراكي، تساءل أحد أعضاء المكتب الوطني للنقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية، »كيف يمكن أن تتم مباشرة أكبر صفقة ضخمة في تاريخ المكتبة الوطنية في ظرفية تتسم بفراغ مهول بالهيكل التنظيمي ونخص بالذكر قطب الشؤون المالية والإدارية وعلى رأسها مصالح الميزانية ومصلحة المالية ومصلحة الصفقات العمومية؟« في غياب أجود المستخدمات والمستخدمين مع إهانتهم وترك هذه المناصب شاغرة لأزيد من أربع سنوات.
وسجلت مصادرنا تساؤلها عن مصدر الموارد المالية التي خصصت لهذه الصفقة، و»كيف تم التأشير عليها مع العلم أن ميزانية الاستثمار المخصصة سنويا للمؤسسة لا تتجاوز 14 مليون درهم مخصصة لتغطية العديد من الصفقات العمومية وليس لصفقة واحدة وأهمها صفقات اقتناء الرصيد الوثائقي، الذي تعرف خصاصا مهولا بالمؤسسة؟«
بالإضافة إلى تعيين تقنيين وبعض المتصرفين ضمن لجنة الأظرفة لا خبرة لديهم في هذا المجال في غياب تام لأي مسؤول عن المصالح المعنية ما يتنافى مع قانون تفويت الصفقات العمومية، حيث تم إبلاغهم بقرار تعيينهم 24 ساعة قبل تاريخ فتح الأظرفة وهو ما يتنافى كليا مع قانون تفويت الصفقات العمومية بالمؤسسة، والذي يلزم الإدارة بإخبار اللجنة وإمدادها بقرار التعيين وجميع الوثائق ذات العلاقة أسبوعا قبل تاريخ فتح الأظرفة.
ويتساءل القياديون النقابيون: »كيف يتم الاعتماد على مكتب دراسات في صفقة ضخمة بهذا الشكل لم يتم تأسيسه إلا السنة الماضية، فكيف لمكتب حديث التأسيس أن يباشر الإعداد لصفقة بهذا الحجم«؟ زيادة على تعثر إجراءات فتح الأظرفة لعدم احترام القوانين ذات الشأن والمتعلقة أساسا بتشكيل اللجنة وآجال التبليغ، وهناك، كما يقولون،» معطيات مفصلة عن الموضوع سيتم التطرق لها في بيان لاحق«.
ووفق تصريحات النقابيين، »فإن الصفقة تزامنت مع إصرار الإدارة على مذكرة تفرض تعبئة طلبات الإجازات السنوية على جميع المستخدمين في هذه الفترة بالضبط خلافا لما هو معمول به بكل السنوات الفارطة«، قبل التراجع عنها وتعديلها بعد ضغط من النقابة.
وسجل النقابيون تملص الإدارة من تنفيد التزاماتها في إطار جولات الحوار الاجتماعي داخل المؤسسة (لقاءان في ظرف شهر واحد) وفي مقدمتها التراجع عن قرار إبعاد الكاتب العام عن المقر الرئيسي للمؤسسة، والذي تم مباشرة بعد فوزه بانتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، علاوة على رفض تفعيل قرار المصادقة على النظام الأساسي الخاص بالمستخدمين والذي تمت المصادقة عليه بالمجلس الإداري المنعقد سنة 2018 .


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 18/08/2022