«التميز ولا شيء غيره..». بهذه الجملة، افتتح «فوزي نجاح»، المقاول المغربي (29 سنة) مسيرته الناجحة في عالم السيارات، التي تكللت بتأسيس شركة «نيم إكس» (NamX) للسيارات الهيدروجينية الفارهة، حيث قال، خلال مشاركته في منتدى «تيد إكس» (TED x) لجامعة «باريس دوفين» إن: «علاقته بهذه الجملة، بدأت منذ صغره – أول مرة يتعلم فيها القراءة بالعربية – تزامنا مع كون إسمي يعني المستعد للنجاح أو الفوز، ولتكون الأساس لأن أقاتل في الحياة وألا يرتبط شخصي بالفشل بدل ارتباطه بمعنى اسمي الحقيقي».
وتابع: «قصة نجاحي بدأت في 11 ماي 2022، خلال العرض الأول الدولي لنموذج سيارة الشركة في إيطاليا لدى شركة «بينينفارينا» لتصميم السيارات العريقة (90 سنة من الحضور العالمي صممت فيها 90 % من سيارات فيراري). هنا، ولبعض الوقت، قلت في نفسي «هل كل هذا حلم أم حقيقة؟». وأنا في خضم جلسة أسئلة مع أبرز الصحافيين المختصين بالسيارات في أوروبا. في هذه اللحظة، قفزت بي الذكريات لـ16 سنة إلى الوراء، خلال تواجدي في مصنع (Flanc) التابع لشركة «رينو» مع والدي الذي قضى 35 سنة هناك، حيث كان مشهد اشتغاله فيه وأصدقائه من الأساسات التي دفعتني لخوض مغامرة قطاع السيارات.
من 500 أورو إلى العالمية !
انتقلت بي ذكرياتي بعدها إلى 17 شتنبر 2005 (17 سنة بعدها)، إلى «بوابة فيرساي» أو «معرض باريس الدولي للسيارات»، حيث حظيت بفرصة ذهبية لعرض النموذج الأولي لسيارتنا، في مساحة عرض تبلغ حوالي 400 متر مربع وفي مواجهة كبار المصنعين الصينيين والآسيويين عموما، والمنافسين الأوروبيين خصوصا. أحسست برهبة اختلاف زاوية الرؤية بين المشارك في المعرض- بالرغم من مرافقة والدي لي- والزائر الذي كنت عليه كل سنتين مسبقا!».
وأردف: «250 أورو.. قد لا يبدو مبلغا كبيرا للكثيرين منكم، لكنه نقطة بداية ريادة الأعمال لي سنة 2013 رفقة صديقي (55 سنة)، الذي ساهم بنفس المبلغ ليكون رأس مال الشركة 500 أورو، متمسكين بمسار العديد من رواد الأعمال الذين انطلقوا من لاشيء، لكنهم (كما نسمع من أغلبيتهم) تمكنوا بعد 3 سنوات من تجميع 3 ملايين أورو لدعم مقاولاتهم (خلال الجولات الاستثمارية). ولأكون صادقا، لم أكن أملك سوى «عقلية المقاول» وجملة «التميز ولا شيء غيره..» فكلاهما دفعت بي صوب البحث عن التميز في هذا المجال، و التساؤل دائما «ما الذي يعنيه الفشل و النجاح و التميز؟».
خلال مغامرتي هذه، وأقصد منذ بدايتها إلى الآن، واكبت على ترديد مقولة مهمة كل يوم، تعود في الأصل للمدير العام السابق لشركة «إنتل» (INTEL) الأمريكية، يقول فيها: «إن النجاح يوصلك إلى الرضا عن النفس، غير أن الاستمرار في الرضا عن النفس سيوصلك إلى الفشل، وبجنون العظمة ستسمر على قيد الحياة».. في الأخير، إن النجاح ليس إلا حالة كما التميز أيضا، وقد نكون عليهما أو لا نكون، غير أن الحفاظ على التميز رهين بالحفاظ على حالة ثابتة من التواضع. هنالك كذلك نقطة أساسية ينبغي عدم إغفالها، تتعلق بعدم اهتمامنا بمحيطنا وتأثير بقية البشر علينا، حيث لم أكن لأنجح وحيدا في إخراج حلمي هذا للوجود، ولولا العديد من المواهب التي رافقتني والفريق المتميز الذي يعمل معي، ما كنت قادرا على تجاوز حدودي..
في الأخير، فإن ماهية الفشل، تكمن في كونه شعورا من تأنيب الضمير يعيشه كل فرد لم يتمكن من فعل الكثير أو تجاوز أقصى حدوده سواء لصالح شخص أو شيء ما، وليس كما يظنه الكثيرون من الفشل في إطلاق منتج أو تفويت اختبار دراسي، وهو ما يتناقض (بطبيعة الحال) مع المفهوم الحقيقي للتميز، الذي يعني النظر في المرآة وقول «لقد وصلت لأقصى حدودي، لقد سعيت إلى أكبر قدر ممكن من النجاح وإلى أبعد نقطة ممكنة منه».. إن التميز والنجاح، يعتبران مسألة على علاقة وطيدة بالقدر، وعادتنا البشرية في الرغبة الجامحة في التحكم في كل شيء، متناسين أننا نملك القدرة على التحكم فقط فيما نفعله وليس في النتائج الصادرة عنه و التي تستند للعديد من الحيثيات التي قد ندركها كما قد لا نفعل..
إن نظرتي للتميز، تتعلق في الأساس بـ»فعل كل ما في وسعك لصنع سيارة تكون الحلم الأكثر رغبة فيه في العالم، دون أن تغفل عن نقط أساسية منها الحفاظ على البيئة، كما هي الحال بالنسبة للصحة النفسية والجسمية للموظفين الحاليين والمستقبليين في مصانع شركتنا، شكرا».
للتذكير، وكما جاء في الموقع الرسمي للشركة، فإن (NamX) تهدف إلى تقديم نظرة جديدة عن السيارات الصديقة للبيئة، استنادا إلى فكرة استمر تطويرها لمدة 5 سنوات وانطلقت من الصفر، ومن المفهوم المبتكر لوقود «الهيدروجين الأخضر» ومحطات تزود ستكون متاحة في كل مكان (وفق خطط الشركة)، وقادرة على التغلب على مشاكل السيارات الكهربائية من قبيل سرعة (تشحن المركبة في 4 دقائق) ومدى التنقل بالشحنة الواحدة.
بالنسبة للمعلومات حول المركبة، فقد ذكرت مواقع عدة أن مركبة «نيم إكس جي-تي-إش» الإختبارية (NamX HUV GTH Concept) أو كما يطلق عليها البعض «بينينفارينا نيم إكس» (نسبة للشركة الإيطالية حيث ظهرت للمرة الاولى)، من تصميم المؤسس المشارك والمصمم الفرنسي «ثوماس دو لوساك» ستأتي بمدى قيادة حوالي 800 كلم (500 ميل) للشحنة الكاملة (عدد 6 خزانات للوقود أسفل – خلف السيارة)، بسرعة قصوى تبلغ 250 كلم/الساعة وبقوة تتراوح ما بين 300 إلى 550 حصان (بحسب النسخة)، وستنطلق من 0-100 كلم في 2.5 إلى 4.5 ثانية، عل أن عملية التسليم للعملاء ستكون بداية سنة 2025، وبسعر (غير رسمي) يتراوح ما بين 68 ألف دولار إلى 100 ألف دولار (بحسب النسخة).
«نيو».. أول مولود ميكانيكي مغربي بالكامل!
خلال لقائه بجلالة الملك محمد السادس (خلال الأسبوع الحالي)، قدم المقاول المغربي في ريادة صناعة السيارات «نسيم بلخياط» أول نموذج لسيارة مغربية الصنع 100 % تحمل إسم «نيو» (سعر غير رسمي يبلغ 170 ألف درهم) من شركته «نيو موتورز» (Neo Motors)، حيث ستكون «معلما هاما للبلاد سيعزز علامة (صنع في المغرب) وأساسا لتحول المغرب لمركز قاري و دولي تنافسي لإنتاج السيارات رفقة مركبة «نيم إكس» الهيدروجينية الخاصة بالمقاول المغربي – الفرنسي «فوزي نجاح».
يتحدث «نسيم بالخياط» (عن تكريمه بوسام «الكفاءة الفكرية») وعن شركته: «هذا التكريم الملكي السامي، هو تكريس من لدن جلالته لعمل دام أكثر من 7 سنوات، تخللها الكثير من الصبر والعاطفة واللحظات المشحونة بسيل عارم من المشاعر تركتنا في كثير من الحيان في حيرة من أمرنا، خاصة أننا مررنا بنكستين أو ثلاث كانت ستقضي على هذا الحلم لأسباب مالية و معوقات أخرى، إلا انه كان لها الفضل أيضا في استمرار الإيمان بهذا الحلم الذي تكلل بالنجاح في نهاية المطاف، بالرغم من كل هذه العقبات والإكراهات..» ويردف «..إن هذا الاهتمام الملكي، كان له الفضل الكبير في تعزيز إيماننا بمشروعنا، إذ سمح لنا أيضا بإعادة شحن طاقتنا لإحياء هذا الحلم المغربي وإحقاقه على أرض الواقع. اليوم، يمكننا أن نحلم بالمنتوج المغربي في هذا القطاع، الذي لم نخترع منه شيئا، وإنما وظفنا ما نملكه لنؤسس لسيارة مغربية تمثلنا 100 %».
وتعمل شركة «نيو موتورز» على افتتاح أول مجمع صناعي لها، كلفها ميزانية قدرها 156 مليون درهم (15 مليون دولار) في منطقة «عين العودة» (27 كلم جنوب مدينة الرباط) سيخصص بحسب التوقعات لتصنيع السيارات لكل من السوق المحلي والتصدير، بطاقة إنتاجية يتوقع أن تبلغ سنويا 27 ألف وحدة وسيوفر ما يقرب من 580 منصب شغل.
في فبراير 2023، منحت «الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية» الموافقة النهائية على أول سيارة من شركة «نيو موتورز» ولتنطلق بعدها مرحلة ما قبل الإنتاج الكامل، تزامنا مع الإعلان عن افتتاح المصنع المرتقب في شهر يونيو من السنة الحالية.
تكريم بمذاق «الكفاءة الفكرية»
نشير إلى أنه، على هامش الحفل الذي جمعهما بالملك محمد السادس، تم تكريم المقاولين المغربيين بوسام «الكفاءة الفكرية» من لدن العاهل المغربي.
تجدر الإشارة، إلى أن المقاول المغربي «نسيم بالخياط» قد أسس شركة «نيو موتورز» سنة 2018، باعتبارها «أول شركة سيارات 100% مغربية»، ولتواكب النهضة المغربية في هذا القطاع المهم والحيوي، كون المملكة حاليا أكبر مصنع للسيارات في إفريقيا (29% من مجموع الصادرات المغربية للخارج)، بصادرات بلغت (خلال 3 أشهر الأولى من سنة 2023) قرابة 40 مليار درهم و زيادة على أساس سنوي بنسبة 44 %.
هذه الارقام، دفعت المملكة إلى الاهتمام كذلك بتصنيع السيارات الكهربائية للحفاظ عل مكانتها التصنيعية القوية واللحاق بركب الانتقال والتركيز العالميين على الإقتصادات الخضراء و الطاقات المتجددة ب(هدف تصنيع 100 ألف سيارة كهربائية في أفق 2 إلى 3 سنوات المقبلة).