لم يستطع مجلس أكبر مدينة في المغرب، على عكس جل المدن المغربية، من خلق ملتقى أو مهرجان يليق بالدارالبيضاء يحمل هوية وعلامة تميزه، ونحن على مشارف شهر غشت حيث الحركة الثقافية والفنية جد نشيطة في معظم مدننا، خاصة السياحية والساحلية منها، لم يتمكن مدبرو العاصمة الاقتصادية من تسطير برنامج فني ثقافي لتنشيط المدينة وخلق جو من التثقيف والترفيه للساكنة وزوارها، كما هو معمول به في كل الحواضر، علما أن مجلس المدينة يتوفر على شركة خاصة وهي شركة الدارالبيضاء للتنشيط، والمفروض أنها متخصصة في المجال، والمفروض أيضا أن لها رؤية واستراتيجية وهي تتلقى أموالا من مجلس الجهة والمدينة والعمالة، لكن مع كل هذا لم نر وقعا فنيا أو ثقافيا نقش في ذاكرتنا، المجلس الحالي بدا ضعيفا على المستوى الثقافي فهو لم يقدم أي تصور يذكر بل إن اللجنة الثقافية لم تلتئم إلا مرتين أو ثلاث على مضض ، فقط جبرا لأن قانون الدورات يفرض ذلك والعديد من المستشارين عبروا عن استيائهم عدة مرات من أشغال هذه اللجنة، بل أكثر من ذلك فإن الوزير الحالي للثقافة، من أول الإجراءات التي دشن بها مقعده الوزاري، سحب معرض الكتاب من المدينة، ليحمله للرباط، وهو ما أعطى الانطباع بأن المجلس الحالي آخر ما يهمه هو هذا المجال، بالطبع المدبرون لم يحتجوا ولم يناقشوا بل لم يضعوا بديلا لهذا المعرض إن كان من الضروري أن ينقل للرباط في هذه الفترة .
كنا ننتظر من المجلس الحالي أن يطور أو يوسع قاعدة المهرجانات التي أحدثها مجلس الجهة في الولاية السابقة، كمهرجان المسرح ومهرجان الأغنية الغيوانية والمهرجان السينمائي وما إلى ذلك من الأنشطة، إلا أنه ظهر مستنكفا عن ذلك ويكتفي بأنشطة صغيرة بئيسة لا وقع لها بل حتى المسؤولين في المدينة لا يكون لهم علم بها وأماكن إقامتها .
والفظيع أن المدبرين لم يقدموا، فقط، أطباق تنشيطية، بل أحجموا عن رش الأدوية الخاصة بالحشرات ما جعل الذباب والصراصير والبعوض وغيرها تنتشر في كل الأحياء والفضاءات، حتى في مقر مجلس المدينة، لتنضاف معاناة أخرى إلى الساكنة التي تتجرع الضجر من الأشغال غير المتوقفة منذ سنين، والتي تتسبب في عرقلة لا تحتمل !