كشفت الكاتبة الإسرائيلية مايا بولاك، في مقالها المطول بصحيفة «مكور ريشون»، النقاب عن تفاصيل من قضية اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، وقالت إن ضابط الموساد السابق رابي إيثان «تواجد بالفعل في المغرب في ذلك الوقت، وأقام علاقات مع الملك الحسن الثاني، الذي طلب من الموساد المساعدة في بناء نظام لتأمين الشخصيات، واقترح إيتان بناء تعاون واسع النطاق، شمل تدريب أفراد الأمن من البلدين، وتمت إقامة علاقة وثيقة بين كبار أعضاء الموساد وأحمد الدليمي رئيس أجهزة المخابرات المغربية».
وأشارت مايا بولاك إلى أن «هذه العلاقة الدافئة بين الموساد والأمن المغربي أدت في النهاية لتورط الموساد في قضية اغتيال المهدي بن بركة، زعيم المعارضة المغربي، في 1965، اختفى بن بركة في باريس، وتبين لاحقًا أنه قُتل، ووجهت الصحافة الفرنسية أصابع الاتهام للموساد التي يُزعم أنها قامت بالعمل لصالح أصدقاء مغاربة، وتسببت عملية الاغتيال في باريس بسلسلة من الصدمات في إسرائيل».
وأكدت الكاتبة أن «هارئيل الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء لشؤون المخابرات، استخدم الحدث كذريعة لإزاحة مائير عميت من قيادة الموساد، ومُنعت تفاصيل القضية من النشر في إسرائيل، لكن صحيفة «بول» نشرت عنوان «مشاركة الموساد في اغتيال بن بركة»، وقام الموساد بجمع النسخ من أكشاك الصحف، ووضع محرروها رهن الاعتقال السري، وفي الوقت نفسه أمر رؤساء التحرير بمواصلة نشر صحيفتهم، كالمعتاد حتى لا يثير الشك».
وأوضحت الكاتبة أن «الموساد نفى على مدى سنوات مزاعم تورطه في اغتيال بن بركة، لكن إيتان يؤكد في كتابه أن المغاربة طلبوا من الموساد المساعدة بمراقبته، واعترف أنه نصح المخابرات المغربية بصب الجير على الجسم حتى يمكن تحلله بسرعة، وقد فعل ذلك للحفاظ على الاتصال مع المغاربة، وهو أمر مهم لأمن إسرائيل».
وقالت الكاتبة، التي استعرضت قضية اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، إن «النسخة الوحيدة من السيرة الذاتية الكاملة لرافي إيتان محفوظة في مكتبة الموساد، وهي مخصصة لحراس الظل فقط، دون نشر للرأي العام، لكن زوجته ميريام تعرف كل شيء عنه، عن دوره في اختطاف أيخمان في الأرجنتين، وخطته لاغتيال عرفات في أوروبا، وتعطيل أنظمة الصواريخ في مصر، وما حدث وراء الكواليس في قضية جوناثان بولارد».
وأضافت مايا بولاك في مقالها المطول بصحيفة «مكور ريشون»، «بعد عام ونصف من وفاة إيتان، روى أفراد عائلته عن سيرته الذاتية كرجل مخابرات غاب دائما عن المنزل، حين شغل منصب رئيس مكتب العلاقات العلمية، وهي وحدة سرية في وزارة الحرب تحصل بالعادة على معلومات استخباراتية وتقنيات أسلحة متطورة، بما في ذلك التجسس في دول صديقة، لنقل المعلومات والوثائق إلى إسرائيل».
وأشارت إلى أن «قراءة بعض فقرات كتابه المتداول بعنوان «الرجل السري» تدفع القارئ لقضم شفتيه بقوة، ويلتزم الصمت، إلى أن توفي إيتان، الوزير الإسرائيلي السابق، والمسؤول الكبير السابق في الموساد، في مارس 2019، وهو ابن 92 عاما».
اغتيال عرفات
ولفتت إلى أنه «في ربيع 1964، عُيِّن إيتان في مهمة تجنيد عملاء في الدول العربية عبر أوروبا، وبعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، اقترح إيتان القضاء على جميع قادة فتح الكبار، بمن فيهم ياسر عرفات، على أن يتم ذلك في مؤتمر للمنظمة على الأراضي الأوروبية، لكنه لم يحصل على الموافقة على العملية، وبعد حرب 1967، أوصى إيتان بضرب رؤوس فتح، ورد بالنفي مرة أخرى».
يتضمن كتاب إيتان «العديد من الانتقادات لعدد من العمليات الفاشلة لجهاز الموساد، سواء في التعامل مع تبعات عملية ميونيخ ضد الرياضيين الألمان، إلى عملية ليلهامر التي قُتل فيها نادل مغربي عن طريق الخطأ بدلاً من علي حسن سلامة من منظمة أيلول الأسود، إلى إخفاقات المخابرات في حرب 1973، وفي أوائل الثمانينيات، حاول للمرة الثالثة الشروع في اغتيال عرفات، الذي كان في بيروت، ومرة أخرى لم يحصل على تصريح».
هناك فصل في الكتاب «يشير إلى سلسلة من الأحداث في تاريخ إسرائيل التي تضفي في طريقته الشرعية على التجسس على الدول الصديقة، ونقطة التحول في الانتداب البريطاني رغم وعد بلفور، وعلاقات فرنسا الخاصة في الستينيات مع إسرائيل، وصولا إلى عقد التسعينيات، إبان توقيع اتفاقيات أوسلو التي لم تغير نظرة إيتان لعرفات».
سعى إيتان في رؤيته السياسية إلى «الانفصال عن الفلسطينيين في عمل أحادي الجانب بادرت به إسرائيل، يسمي خطته «فصل الفسيفساء» لأنها تترك جيوبًا يهودية في الأراضي الفلسطينية، والعكس صحيح».
تجنيد الجواسيس
وأوضحت أنه «خلال مسيرته المهنية الطويلة في الظل، كان إيتان مسؤولاً عن صياغة عقيدة الحرب لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، والعملاء النشطين في الدول العربية، ومهندس التعاون الاستخباراتي مع إيران وتركيا، وبدأ محاولة لإجراء اتصالات غير رسمية مع مصر في الستينيات، وقاد عملية القبض على أدولف أيخمان، وخطط وشارك بعمليات اغتيال».
وأشارت إلى أن «إيتان خلال خدمته في البالماخ قبل إقامة الدولة، شارك في عمليات شلّ منشآت الرادار البريطانية، وفي معارك خربة محاز وبيت حانون، وفي اختراق النقب، وفي احتلال بئر السبع، وتخطيط مدينة إيلات، ثم التحق بجهاز الأمن العام، برئاسة إيسار هارئيل».
وأوضحت أنه «بين 1959-1964، ترأس إيتان المقر الوطني في الموساد، ومنصب رئيس قسم العمليات في الجهاز، حيث تحول تركيز الموساد إلى العلماء الألمان الذين ساعدوا مصر بإنتاج صواريخ أرض-أرض، حيث نشأ خلاف حول هذه القضية بين هارئيل وشمعون بيريس، نائب وزير الحرب آنذاك، الذي لم ير المشروع تهديدًا كبيرًا لإسرائيل، واعتقد أنه يمكن حل الأمور بالوسائل الدبلوماسية».
وأكدت أن «هارئيل رئيس الموساد ركز جهوده لإحباط التسلح المصري بطرق أخرى، بتوظيف العشرات من رجال المخابرات الإسرائيلية، وإرسال المظاريف المتفجرة للعلماء الألمان، ووضع اليد على الشخص الذي قاد التعاون مع المصريين، وأن عضوا بارزا آخر في المشروع الألماني المصري، مهندس إلكترونيات هانز كلاينويشتر، كان مسؤولاً عن إنتاج نظام توجيه الصواريخ، تم تحديده كهدف للإزالة».