«ضريبة المساهمة الاجتماعية» تثير جدلا واسعا حول ضربها لمبدأ «العدالة في التضامن»

الحكومة لجأت لنفس الملزمين التقليديين وراعت ظروف الشركات ولم تراع ظروف الطبقة الوسطى

 

 

مازالت «ضريبة المساهمة الاجتماعية» التي نص عليها مشروع قانون المالية لسنة 2021، تثير جدلا واسعا حول مدى انسجامها مع مبدأ «العدالة في التضامن» الذي حثت عليه توصيات المناظرة الوطنية للجبايات، وعلى الرغم من كون معظم الملزمين بهذه الضريبة الاستثنائية، لا يناقشون مبدئيا «روح التضامن» التي دعا وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون إلى ضرورة التحلي بها خلال هذه الظروف العصيبة التي تمر منها البلاد، إلا أن ذلك لم يمنع من طرح السؤال الملح حول ما إذا كان تطبيق هذه الضريبة منصفا تجاه الملزمين، كانوا أجراء أو موظفين أو شركات ؟
ويرى عدد من الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين، أن فرض هذه «المساهمة التضامنية الاجتماعية على الأرباح والدخل» أخذ نفس المنحى الذي دأبت عليه جميع قوانين المالية السابقة، حيث لجأت الحكومة مرة أخرى الى أسهل الحلول بتضريب نفس الملزمين، وخصوصا الطبقة الوسطى التي التي تضررت كثيرا خلال السنوات الأخيرة، بفعل تراجع قدرتها الشرائية مقابل ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتطرح هذه الضريبة إشكالية الكيل بمكيالين في تطبيقها، فعندما يتعلق الأمر بالشركات، تتم مراعاة وضعها المالي، الذي يقتضي أن تحقق أرباحا صافية ( بعد أداء جميع التكاليف والنفقات) تناهز أو تفوق 50 مليون سنتيم، في حين لم تتم مراعاة وضعية الأفراد، موظفين كانوا أم أجراء، والذين ستأتي هذه الضريبة على حساب تكاليف معيشتهم الأساسية، علما بأن معظم الأسر المحسوبة على الطبقة الوسطى، تعاني من ضغط الديون، وارتفاع تكاليف السكن والتمدرس والتطبيب، ولم تعد لها أية قدرة على الادخار، وهو ما تؤكده أخر إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط.
علاوة على ذلك، تتجه الانتقادات بخصوص هذه الضريبة، نحو إخلالها بمبدأ التدرج في نسبة الاقتطاع، حيث احتسبت نفس النسبة 1.5 في المائة لجميع الدخول التي تفوق 10 ألاف درهم شهريا، وتتساوى في هذه النسبة مع الأجور التي تفوق 40 أو 50 ألف درهم وأكثر.
من جهة أخرى، عاب المراقبون على الحكومة، الارتباك الذي وقعت فيه عند الإعلان عنها، ففي النسخة الأولية من الإجراءات الضريبية، كان الأمر يتعلق بفرض ضرائب على جميع الشركات التي تحقق أرباحا صافية تفوق 5 ملايين درهم بمعدل 2.5٪، باستثناء الفاعلين في قطاعات الاتصالات وشركات الإسمنت والمحروقات التي تم تضريبها بنسبة 5٪. غير أنه في النص الكامل لمشروع قانون المالية لسنة 2021، خضع هذا الإجراء لتعديلات كبيرة، حيث اقتصر تطبيق معدل 2.5٪ على الشركات التي تحقق أرباحا صافية تتراوح بين 5 و 40 مليون درهم. وبالنسبة لتلك التي يتجاوز صافي أرباحها 40 مليون درهم، تم تضريبها بمعدل 3.5٪ بغض النظر عن قطاع النشاط. وبالتالي فقد استفاد الفاعلون في قطاع الاتصالات و شركات توزيع المحروقات ومصانع الإسمنت.. من تخفيض قدره 1.5 نقطة من هذه الضريبة التضامنية. في حين عرفت الشركات التي تحقق أرباحا كبيرة في القطاعات الأخرى زيادة مساهمتها التضامنية بمقدار نقطة. بينما تم اعفاء الشركات الواقعة في مناطق التسريع الصناعي، والتي تتمتع بصفة القطب المالي CFC أو المستفيدة من إعفاء دائم من الضريبة على الأرباح. أما بالنسبة للأجراء والموظفين، فإن «الضريبة التضامنية» فرضت على الأشخاص الذاتيين الذين يفوق دخلهم الإجمالي الصافي 120.000 درهم سنويا أي 10.000 درهم شهريا، بنسبة 1.5 في المائة.
وبالرجوع إلى تقرير الموارد البشرية الملحق بمشروع قانون مالية لسنة 2021، فإن نسبة الموظفين في قطاع الوظيفة العمومية المعنية بهذه الضريبة تفوق 33 في المائة ، أي حوالي 188 ألف موظف من أصل 568 ألفا و149 موظفا في كامل التراب الوطني. ولا يعني هذا الإجراء الضريبي 67 في المائة من الموظفين، حيث يشكل عدد الموظفين الذين يتقاضون أجورا شهرية صافية بين 3 آلاف و4 آلاف درهم، 8.54 في المائة من مجموع الموظفين، فيما يصل عدد الموظفين الذين يتقاضون أجورا شهرية صافية بين 4 آلاف و6 آلاف درهم 25.52 في المائة.
و من المنتظر أن تمكن هذه المساهمة من تحصيل حوالي خمسة ملايير درهم، سيتم رصدها لصندوق دعم التماسك الاجتماعي، الذي يقترح في إطار هذا المشروع توسيع مجالات إنفاقه، بهدف تمكينه من تحمل المبالغ المدفوعة لفائدة منظمات الحماية الاجتماعية، كما سيتم تغيير اسم هذا الحساب ليصبح «صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي».


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 24/10/2020