طلقات من موسم مولاي عبد الله

 

يقع «مُوسم مولاي عبد الله أمغار» على بعد 10 كيلومترات من الجديدة في اتجاه الوليدية، وهو أكبر “مُوسم” شعبي في المغرب إذ يحج إليه أكثر من 3 ملايين زائر ضمنهم المقيمون في الخيام التي تتجاوز المليونيْ خيمة يتم نصبها على امتدا 15 يوما، بينما المدة الرسمية للموسم أصبحت 10 أيام بعدما كانت ثمانية. وزيادة على الأنشطة التجارية والاقتصادية التي يعرفها هذا الموسم الظاهرة، فهناك أنشطة أخرى دينية وفنية واجتماعية من بينها “الحْلاقي” والسهرات الموسيقية والصيد بالطير الحر ثم لعبة أو رياضة الفروسية “التبوريدة” حيث يشارك كل سنة حوالي 1600 فارس وفرس ضمن أزيد من 100 سربة خيول تأتى من مختلف بقاع المملكة.
يُنظم موسم مولاي عبد في منتصف صيف كل سنة ببلدة أو قرية “تيط” التي أصبحت تحمل اسمه. “وتقع “تيط” على الساحل الأطلسي بمنطقة دكالة بعيدا عن مدينة الجديدة بحوالي أحد عشر كلم على الطريق الساحلية المؤدية للوليدية. وتعرف اليوم ب “تيط” بمركز مولاي عبد الله، كما تعتبر هذه الحاضرة من المراكز العمرانية القديمة بالمغرب.
الاسم الأصلي لقرية تيط هو ”تيط نفطر” لفظة بربرية على غرار أسماء الأماكن القديمة في المغرب ومعناها “عين الفطر”. يقال إن سبب هذه التسمية يرجع إلى وجود عين ماء كان الشيخ إسماعيل بن سعيد المدعو ابن أمغار، أول من نزل من الأمغاريين ليتوضأ ويشرب منها في منتصف القرن الرابع هجري (الموافق لمنتصف القرن 10 ميلادي). ويفهم مما أورده عبد العظيم الأزموري عن “تيطنفطر” الأمغارية أن المكان الذي اختطت فيه كان “غيظا لا عمران فيه، وأنه كان مغطى بالأشجار الغابوية” كما يفهم من نفس المصدر أن ذلك المكان كان موحشا”.
وبفضل ما تميز به الضيف الأمغاري الشيخ إسماعيل أبو الفذا من تعبد وتزهد وتثقيف، ورغبة في تفقيه الناس وإرشادهم، زوجه شيخ قبيلة صنهاجة المستقرة بتيط بابنته. فرزق من زواجه هذا بولد سمي إسحاق والذي لم يكن يقل عن والده صلاحا وولاية ونسكا إلى درجة أن وصفه ابن الزيات في التشوف بأنه: “كان من كبار الصالحين في عصره”.
إسحاق وكان يُكنى بأبي جعفر، بعد وفاة والده إسماعيل، انتقل إلى قبيلة “أيّير” الموجودة على بعد حولي 20 كلم من الوليدية في اتجاه آسفي، ليفتح أول مدرسة أو بالأحرى “رباط” لتعليم القرآن وتدريس علوم الدين، ولا تزال بقايا هذه الزاوية أو الرباط قائمة حتى الآن. ففي قرية “أيير” هذه قرب الولي الصالح “سيدي كُرّام الضيف” ولد مولاي عبد الله وليس هذا هو اسمه الأصلي، بل محمد ويكنى بأبي عبد الله في مستهل القرن الخامس هجري (11 ميلادي) في عهد الدولة المرابطية. حين بلوغه سن الرابعة عاد والده إسحاق إلى تيط ليبني سكنا له ومسجدا قربه اقتداء بالرسول الكريم. وهناك أسس رباط تيط الشهير الذي تخرج منه العديد من الفقهاء والعلماء وأولياء الله الصاحين أمثال الجزولي، مولاي بوشعيب السارية، سيدي بوزيد، سيدي بنور، سيدي أو محمد صالح دفين آسفي وغيرهم.
أما نسب مولاي عبد الله فهو حسب الكانوني عن الشيخ مولاي عبد الله صاحب زاوية تيط:
«مولاي عبد الله محمد بن أبي جعفر إسحاق بن أبي الفذ إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن الحسين بن عبد الله بن ابراهيم بن يحيى بن موسى بن عبد الكريم بن مسعود بن صالح بن عبد الله بن عبد الرحمان بن محمد بن أبي بكر بن تميم بن ياسر(أو ياسين) بن عمر بن أبي القاسم بن عبد الله بن الحسين المثنى بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء رضي لله عنهم».


الكاتب : خالد الخضري

  

بتاريخ : 13/08/2024